-A +A
محمد بن عبدالرزاق القشعمي
يذكر الدكتور إبراهيم بيومي مدكور في (مع الأيام شيء من الذكريات)، والذي حظي بعضوية مجمع اللغة العربية مع الرعيل الثالث عام 1946م، والمكون من عشرة أعضاء سماهم أحمد أمين عند استقباله لهم في المجمع بـ(العشرة الطيبة)، وقال إنه اشترك في بعض اللجان المختصة، كلجنة الفلسفة، ولجنة المعجم الكبير الذي أسهم مع طه حسين في رسم منهجه ووضع الخطوط الأولى لبدء العمل فيه.
ولنعد للمجمع وبداياته المتعثرة، وكأي بذرة تبدو صغيرة ثم تكبر وتعطي من ثمرها إذا أينع، قال إن صاحب الفكرة هو الشيخ محمد عبده في أواخر القرن التاسع عشر، وهناك من فكر به قبله ولكنه لم يتحقق، إلا أن محمد عبده كان مؤمنا بأنه وسيلة مهمة من وسائل النهوض باللغة العربية، ولكن هذه المحاولة لم تعمر طويلا حتى بداية العقد الثاني من القرن العشرين، حين حاول لطفي السيد أن يحيي الفكرة وأن يكونها من العرب والمصريين، وكان وقتها يدير (دار الكتب) ثم اعترضت الحرب العالمية الأولى سير العمل..

وفي بداية الثلاثينيات، كانت المحاولة الثالثة ليصدر مرسوم ملكي بإنشاء المجمع من عشرين عضوا، نصفهم من المصريين والنصف الآخر من العرب والمستعمريين، وهم: العراقي أنستاس الكرملي، وسوريان هما عبدالقادر المغربي ومحمد كرد علي، ولبناني هو عيسى اسكندر المعلوف، وخامس تونسي هو حسن حسني عبدالوهاب، وكانوا ــ كما يقول ــ في مقدمة أعلام الأدب واللغة في ذلك التاريخ.
أما المستعمريون ــ كما يصفهم ــ فكان منهم اثنان من ألمانيا وهما (ليتمان) و(فيشر) وثالث فرنسي هو (لويس ماسينيون)، ورابع إنجليزي هو(جيب)، وخامس إيطالي هو (نللينو)، والذي قال عنهم إنهم أئمة الاستشراق في النصف الأول من القرن العشرين، وقد تعاونوا مع زملائهم العرب والمصريين في رسم خطة العمل، ووضع لائحته الداخلية.. وسار عمل هذا المجتمع الناشئ في هدوء طوال خمس سنوات، ابتداء من عام 1934 حتى 1939م، فترة الحرب العالمية الثانية، ما حرم المجمع من زملائهم العرب والمستعمريين، وفي عام 1940م استأنف عمله بتعويضه بعشرة أعضاء مصريين دفعوا بالعمل إلى الأمام.
وقد أصبح مدكور أمينا عاما للمجمع حتى عام 1961م، ثم خلف طه حسين في رئاسته منذ عام 1974م حتى وفاته عام 1995م.
الآن، وقد طالب الكثير من أبناء المملكة بإنشاء مجمع للغة في بلادنا للحاجة الملحة إليه وليكون عونا للمجامع العربية الأخرى، بدل أن نشارك بمندوبين رسميين ومراسلين بها، فبلادنا أحق، فهي منبع الرسالة ومنبت اللغة العربية، فلعل مركز الملك عبدالله العالمي لخدمة اللغة العربية يأخذ بزمام تحقيق هذه الفكرة ويعمل على إحيائها، بالتعاون مع الجامعات مندوبي المجامع العربية من أبناء المملكة.