-A +A
صباح مبارك (مكة المكرمة)
تتخذ بعض النساء من حجز الأماكن في بيت الله الحرام مهنة ذات مكسب مادي كبير حيث تعمد إحداهن إلى حجز أماكن لعدد من المصليات في قسم النساء وذلك بفرش سجاجيد الصلاة أو بعض الحقائب والمستلزمات الخاصة بها أو بعدد من الكراسي وذلك بالاتفاق مع زائرات البيت الحرام ممن يسكن بالجوار وما إن يقترب وقت الصلاة حتى تأتي السيدة الأخرى وتدفع لها مبلغا من المال عبارة قيمة حجز المكان للصلاة، ورغم منع المرشدات لحجز الأماكن في ليلة الجمعة وفي الأيام البيض إلا أن اللاتي يتخذن من حجز الأماكن مهنة يتحولن من موقع إلى آخر. وفي مشهد آخر لحجز الأماكن ربما يتم إحضار أفريقية مع أطفالها لحجز مساحة محددة بمبلغ يصل إلى 300 ريال طيلة اليوم حتى تأتي من تستلم المكان المحجوز أو تقوم بطي السجادة التي تغطي أرضية المصلى كحجز للمكان وتعيدها لحالها متى ما جاءت من ترغب في الجلوس وتدفع لها المبلغ المتفق عليه. وفي هذا السياق، تقول إحدى المرشدات بأن هناك من تجد المكاسب الكبيرة في هذا الحجز حتى إنها تجني من وراء ذلك على حد قولها ما يكفيها من مصاريف عام كامل.

من جهتها، أوضحت مرشدة أخرى بأنهن كمرشدات مكلفات بالحفاظ على النظام وإزالة هذه المظاهر المخالفة لأنظمة إدارة بيت الله الحرام ولكن في بعض الأحيان حين محاولتنا منع الزائرة أو المقيمة من الحجز للأماكن تتهجم على المرشدات.
وعن الأماكن التي يكثر فيها الحجز تقول إن ذلك يكون عادة من باب حنين حتى الأماكن المختصة بالنساء من جهة باب بلال وباب الملك عبدالعزيز، بالإضافة للدور الثاني في أروقة النساء المطلة على الكعبة المشرفة.
وعن الأوقات التي ينتعش فيها حجز الأماكن المرغوبة تقول يكون ذلك في ليلة الجمعة والأيام البيض من كل شهر والاثنين والخميس من كل أسبوع باستثناء المواسم كشهر رمضان والست من شوال.
وعن دورهن حيال ذلك تقول مرشدة أخرى إن الموظفات من المرشدات يقمن بدورهن لمنع حجز الأماكن حيث يمنعن فرش الأماكن وحجزها وإزالة الأمتعة التي وضعت لهذا الغرض ولكن سرعان ما ينتقلن لمكان آخر ويعدن لنفس الشيء. وفي موازاة ذلك، أوضحت نور قاروت مديرة وحدة التوجيه والإرشاد النسائي التابعة لإدارة شؤون المرشدات بالمسجد الحرام بأن العلماء يقولون إن المكان لمن سبق له وأن علاج هذا الأمر يتم بالتنسيق بين شرطة الحرم والمرشدات في البداية بمصادرة السجاجيد ومنع الحجز حيث إن المسجد الحرام لا تفضيل فيه إلا لمن سبق والقضاء على هذا التسول المقنع الذي يمارس بقصد حجز المكان بمقابل مادي.
ويقول أحمد المنصوري مدير إدارة العلاقات العامة والإعلام في الرئاسة العامة لشؤون الحرمين الشريفين حسب إفادة الجهة المختصة تعمل إدارة شؤون المرشدات بالمسجد الحرام في معالجة كثير من الظواهر والتي تطرأ على سير العمل ومنها ما تمت الإشارة إليه من خلال النصح والتوجيه والإرشاد بالحكمة والموعظة الحسنة، وفي موسم رمضان تخصص لجنة نسائية لهذا الغرض بالتعاون مع مأمورات الشرطة للقضاء على هذه الظاهرة أو على الأقل التخفيف منها وفي غير المواسم لا تشكل ظاهرة كبيرة.
كما تدعو «الجهة المختصة» جميع زائرات بيت الله الحرام إلى التعاون مع المرشدات بالمسجد الحرام لتقديم أفضل الخدمات بما يمكنهن من أداء المناسك بكل يسر وسهولة.
وعن الحكم الشرعي بشأن حجز الأماكن في بيت الله الحرام سبق أن أفتى سماحة الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله آل الشيخ المفتي العام للمملكة ورئيس هيئة كبار العلماء وإدارة البحوث العلمية بعدم جواز حجز الأماكن في الصفوف الأولى لأشخاص يأتون متأخرين للصلاة في المسجد الحرام أو المسجد النبوي أو لا يدخلون المسجد إلا عند الإقامة مشيرا إلى أن الدافعين للمال من أجل الحجز لهم آثمون والحاجزون آثمون ومن سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق.
وقال سماحته ردا على سؤال وجه له حول ظاهرة حجز الأماكن والصفوف المتقدمة في الحرمين الشريفين: هؤلاء الذين يحجزون الأماكن في الصف الأول ويدفعون مبالغ مالية مقابل الحجز لهم في الصف الأول بسعر معين والصف الثاني بمبلغ كذا، يجلس في المكان وإذا جاء صاحبه قام عنه، هذا الذي يدفع المبلغ ليحجز له لا يحضر للصلاة إلا عند إقامة الصلاة ويقول إن في الروضة وخلف الإمام بيني وبين الإمام صف واحد وأنا لا أصلي إلا في الحرم خلف الإمام، أقول ليعلم هذا أن ليس له من الأجر إلا بعد مجيئه المسجد، ورب من كان في المصابيح أو الدور الأعلى أسبق منه عملا بتقدمه، ولهذا من أتى المسجد تصلي عليه الملائكة فالذي لا يأتي إلا مع الإقامة أو يوم الجمعة لا يأتي إلا عند دخول الخطيب، تطوى الملائكة الصحف وتستمع الذكر، وقال المفتى العام: لا يجوز لهؤلاء حجز الأماكن ولا يجوز لأي مسلم أن يدفع مبلغا ماليا لمن يحجز عنه، التقدم ليس بالمكان، التقدم بالإتيان مبكرا، فمن أتى مبكرا ولو في آخر الصفوف أفضل ممن لم يأت إلا متأخرا ولو كان في المقدمة، وأكد أن الدافعين آثمون وأن الحاجزين آثمون ومن سبق إلى ما لم يسبق إليه مسلم فهو أحق.