-A +A
محمد الحربي
هل سينجح مؤتمر «جنيف 2» في إنهاء أزمة سورية؟، ولماذا لم ينجح مؤتمر «جنيف 1»؟، ولماذا طال أمد الحرب الدائرة في سورية لـ3 سنوات مرشحة للزيادة؟، ولماذا انتهكت حدود سورية من قبل تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وحزب الله والقوات الإيرانية تحت سمع ونظر العالم؟، ولماذا يخشاهم الجميع فيما تركهم العالم يعبثون كل هذا العبث على التراب السوري؟، وهل كانت الضربة العسكرية الأمريكية التي لوح بها أوباما «حلا» طرح بجدية، أم أنها كانت مجرد بالون اختبار؟، وهل سينجح العالم في زحزحة بشار الأسد عن كرسي الرئاسة قيد أنملة؟، أم أنه سيرشح نفسه في الانتخابات الرئاسية المقبلة؟، وما هي فرص نجاح الأسد في الانتخابات؟، وهل الأسد هو محور كل ما يحدث في سورية؟، وهل ما يحدث في سورية ثورة أم حرب أهلية أم حرب بالوكالة؟.. أجوبة كل هذه الأسئلة ستفضي بنا إلى سؤال أو أكثر، ربما يكون في جوابه أو جوابها كلمة السر، التي من شأنها إيقاف كل ما يحدث في سورية على الفور.
اجتماعات وفد الائتلاف السوري المعارض مع وفد النظام في جنيف، تستمر لـ10 دقائق عادة، لتعقبها تصريحات لـ10 ساعات من أعضاء الوفدين على طريقة «حاوديني يا تيته»، يخبرون العالم فيها أنهم اتفقوا على أن لا يتفقوا، وكل فريق متمسك بثوابته غير القابلة للتزحزح ولا الأخذ ولا العطاء نحو حلحلة الموقف خطوة للأمام، تفتح المجال لخطوات أخرى، ويعقب تصريحاتهم أو يسبقها شريط الإحباط الذي دأب المبعوث الأممي والعربي الأخضر الإبراهيمي يكرره على مسامعنا صباح مساء، فيما الدول الفاعلة والقادرة على إحداث تغيير فعلي ملموس على الأرض أو من خلال مجلس الأمن تكتفي بإعلان فشلها في التعامل مع الأزمة السورية، بينما لم يتغير في الواقع على الأرض سوى قرار الإجلاء من حمص، والذي انتهى باعتقالات الشباب وتهجير النساء والأطفال.
ولا أشك لمجرد لحظة أن تنظيم القاعدة وداعش وجبهة النصرة وحزب الله دفعوا دفعا للداخل السوري وسهل لهم الدخول ودعموا من أطراف إقليمية ودولية ليعيثوا خرابا في سورية ويدمروا أكثر مما يقتلون الإنسان السوري لأسباب سآتي عليها لاحقا، ولإشباع نهمهم لسفك الدماء وتأسيس إماراتهم الإسلامية الحلم الذي لن يسمح له أحد بأن يتحقق، فهم مجرد أدوات تديرهم وكالات الاستخبارات في بعض الدول.
وبشار الأسد لن يرحل، ولن أتفاجأ إذا ما أعلن عن فوزه في الانتخابات الرئاسية المقبلة، وأنه شكل حكومة ربما تضم وزراء من الائتلاف السوري المعارض ومن معارضة الداخل، يعملون جميعهم تحت قيادة الأسد.
وما يحدث في سورية ليس حربا أهلية على الإطلاق، والقول بهذا ضرب من الغباء أو الجهل السياسي، بل هي ثورة شعب استغلت لتكون حربا بالوكالة تديرها أطراف إقليمية ودولية بامتياز؛ لإعادة توازنات القوى والتحالفات في المنطقة من جهة، ولإحداث أكبر قدر من الدمار في البنية التحتية في المدن السورية؛ لتضخيم فاتورة إعادة الإعمار لاحقا، وربما تكون هذه هي كلمة السر الأهم التي تفسر صمت الكثير من دول العالم وتخاذلهم عن حسم الموقف في سورية عبر مجلس الأمن أو مفاوضات «جنيف 2» أو الضربة العسكرية التي تراجع عنها أوباما بسبب تمثيلية ضغوط الكونجرس.
والسؤال المهم: من سيدفع فاتورة إعادة إعمار سورية بعد أن تضع الحرب أوزارها؟
والجواب معروف: الدول المانحة، أليس كذلك؟
ولكن السؤال الأهم: لماذا هناك من يريد تحقيق أكبر نسبة دمار على الأرض السورية لتتضخم فاتورة إعادة الإعمار؟
والجواب بطبيعة الحال: لأن الشركات التابعة لبعض الدول العظمى الصامتة الآن، أو التي تدير المسرحية الهزلية الملطخة بدماء السوريين، بما فيها بعض الدول المانحة، هي من ستفوز في النهاية بعقود إعادة إعمار ما تم تدميره في سورية، والتي ستكون بمئات مليارات الدولارات بالطبع، والتي يسيل لها لعابهم منذ إطلاق الرصاصة الأولى التي حولت ثورة الشعب إلى صراع يديره كل طرف وفق حساباته الخاصة، فروسيا وجدت لها موطئ قدم غليظة في الشرق الأوسط، وأمريكا وجدت لها أخيرا برحة بارجات في المتوسط، وكلتاهما باعت من السلاح ما يكفي لبناء دولتين، وإيران تركت لهم الجعجعة في «جنيف 2» وتفرغت للمعمعة على الأرض.
والجهاديون التكفيريون أصحاب اللحى في داعش والنصرة والقاعدة وحزب الله لم يهدهم إيمانهم ولا جهادهم ولا إسلامهم ولا عروبتهم إلى الجولان المحتل حتى الآن، أليس ذلك غريبا «ويحط العقل بالكف»؟!.
باختصار: سورية كعكة قرر الجميع اقتسامها كل حسب شهيته واتساع كرشه، وأوشكت على الاستواء لبدء التقسيم، وإذا انتصف العام تذكروا كلامي هذا جيدا، «وشكلين ما بحكي».

m_harbi999@hotmail.com



للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة