-A +A
فؤاد محمد عمر توفيق
يمارس الإنسان النقد في كل خطوة من حياته.. ومنذ أن يستيقظ صباحا.. فلا يروق له الشاي إن لم يكن حسب المزاج.. وقد تنتقد زوجته العاملة المنزلية لعيب في النظافة.. وعندما يهم بركوب العربة يلاحظ اتساخا في زجاجها يلوم عليه السائق.. وفى الشارع تلتقط كاميرة تصوير «ساهر» فيلوم المسؤولين عنها إذ لم تلتقط السيارة الأخرى التي أسرعت بجانبه.. ثم يلاحظ نظافة أو قلة نظافة الشارع.. وما أن يصل لمكتبه.. فيتصل به المعقب بأن معاملة الاستقدام قد تعطلت لسبب أو لآخر.. ثم يأتيه نداء من المدرسة أن ابنته مريضة.. فيصول ويجول ليأتي بها إلى المستشفى المناسب.. ليقف بين طوابير طويلة.. إلى مثل ذلك من منغصات. لا يلبث أن يأتي بها مساء مع «الشلة» ليشكو وينتقد وإياهم مثل هذه الارتباكات وغيرها.. التي تواجه كل مخلوق.. يوميا.
الواقع.. أن هذا هو حال الحياة.. فقال تعالى «لقد خلقنا الإنسان في كبد».. فلا بد من مطبات يومية في دروب الرزق والمعيشة والتعامل مع الشؤون الخاصة كانت أم العامة.. ولا شك أن كثيرا من هذه «المطبات» تختلف شدتها أم وقعها من موقع لآخر.. سواء في نفس البلاد.. أم بالمقارنة مع غيرها.. ومن البديهي أن تكون هناك أسباب.. ومن ثم تحديد الحلول لعلاجها.

وهذا ما وددت تناوله.. وهو أن النقد سهل وبسيط وكثير.. وإنما المواطنة تستوجب وتدعو من ينقد أو ينتقد أن يعطى المسألة شيئا.. ولو يسيرا من التركيز والاهتمام في تحليل « المطب».. ومن ثم إضاءة المسؤولين أم المواطنين بفكرته عن « الحل».. وسواء كان «الحل» صائبا.. أم بحاجة لتعديل.. أم غير ذلك.. فالنقد لا يكون كاملا دون اقتراح البدائل.
الفكرة هي أن نساهم بتحليل وعرض الأسباب.. ثم تقديم الرؤيا عن الحلول.. ومن المستحسن أن يتم ذلك بمذاكرة الموضوع مسبقا مع مختص في الموضوع.. ليكون «الحل» مقبولا. فالدراسة التحليلية ثم الرؤيا الواضحة.. يتلوها الحلول والمقترحات بهدف المصلحة العامة.. يساهم جميعه في تحسين الوصول للأهداف التنموية والاجتماعية والسياسية والتجارية.. بروح من الغيرة والمحبة ويمنح المصداقية التي تعبر عن الوعى.. وتوفر المناخ الآمن.. وذلك من خلال تقبله ومحاورته من كل الأطراف بصدق وإخلاص وبعيدا عن الذاتية.. ودون تحيز أو ميول لا تخدم غرضا سوى تفرقة قد تغتالنا جميعا..
نعم.. من الضرورة أن يستمر النقد.. ونمارس معرفة الأسباب.. ونتطلع إلى «الحلول».. فهذه ضرورة وطنية من أجل أن يكون « فنجان الشاي» في الصباح.. على «المزاج»!