-A +A
عبدالإله ساعاتي
يعود تأسيس مجلس الشورى إلى العام 1345هـ في عهد الملك عبدالعزيز ــ طيب الله ثراه ــ أي مع البدايات الأولى لتأسيس المملكة العربية السعودية.. وكان له دو بارز ومؤثر في مختلف شؤون الدولة الداخلية والخارجية ــ أشارت إليه بوضوح أدبيات التطور التاريخي للشورى في المملكة ــ إلا أن هذا الدور ما لبث أن تضاءل على مدى حقبة زمنية نسبية.. حتى أعيد تفعيل دور مجلس الشورى مجددا في العام 1412هـ حينما أصدر خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ أمرا ملكيا متضمنا نظاما جديدا لمجلس الشورى.. حيث بدأ المجلس بعد صدور هذا النظام الجديد صغيرا في حجم تشكيله الذي اقتصر على 60 عضوا.. حتى بلغ عدد أعضائه حاليا 120 عضوا.
ويتم اختيار الأعضاء من قبل ولي الأمر.. واعتبر نفسي من المؤيدين تماما لذلك.. فمجتمعنا ليس مهيأ للانتخابات في الوقت الحالي.. والتي قد تأتي لنا بشخصيات فاقدة لكل شيء إلا القدرة المالية لاستقطاب الأصوات الناخبة.. أو المكانة الانتمائية التي يحمله أفرادها «عزوة» إلى الفوز بالكرسي المنتخب !!.

ووجود غير الأكفاء في مقاعد المجلس يفقد الوطن فرص الاستفادة من ثراء وعلم وفكر وخبرة الأكفاء.
مجلس الشورى الحالي يضم نخبة من الكفاءات الوطنية العالية المتخصصة في مختلف المجالات.. والذين نعتز بهم وبدورهم.
ومعروف أن المجلس يناقش تقارير الوزارات والجهات الحكومية المختلفة.. ومن خلالها يناقش مختلف القضايا الوطنية.
ومن بين التقارير التي ناقشها المجلس مؤخرا تقرير «هيئة حماية الحياة الفطرية» .. ولا ضير في ذلك.. ولكن المجلس ركز في نقاشه على موضوع «تفقيس بيض الحبارى» !!.
ومن الطبيعي والأمر كذلك أن يكون المجلس موضع «تندر» و «تهكم».. في وسائل الإعلام الجديد ووسائل التواصل الاجتماعي وكذلك وسائل الإعلام التقليدي.
فعندما نقارن بين أهمية القضايا الوطنية الملحة التي تشغل بال واهتمام المواطن.. وبين أهمية «تفقيس بيض الحبارى» للوطن والمواطن.. نجد أنه لا وجه للمقارنة !!.
لا نقصد بهذا التقليل من أهمية حماية الحياة الفطرية.. ولكن نقصد أنه ينبغي أن يناقش المجلس تقرير الهيئة برؤية استراتيجية بعيدا عن الخوض في التفاصيل التي تشغل الوقت والفكر والجهد عن الأمور الاستراتيجية الهامة.. أي دون الخوض في تفاصيل تقوده إلى تناول «تفقيس بيض الحبارى» !!.
ذلك أن المجتمع يتطلع إلى مجلس شورى يهتم بقضاياه الملحة ومشكلاته القائمة.. ويدعوه للتصدي لها..
ما نريده من المجلس الموقر أن لا يقصر دوره على مناقشة تقارير الوزارات والجهات الحكومية المختلفة.. لمناقشة قضايا المواطن الهامة.. نريده أن يبادر لمناقشتها بتقارير وبدون تقارير.. وأن لا يكتفي بجلسة واحدة لمناقشة قضية وطنية تؤرق بال المواطن.. بل أن يخصص لها جلسات ويشبعها نقاشا وتداولا حتى يخرج لنا بتوصيات عملية تحمل حلولا ناجعة قابلة للتنفيذ بعيدا عن التنظير.
باختصار نريده أن ينتقل من مرحلة ردود الأفعال.. إلى مرحلة صنع الأفعال.
نريد من مجلس الشورى أن يناقش ظاهرة الفقر... هل المعالجات المتخذة فاعلة وناجعة أم أن هناك معالجات أكثر فعالية وتأثيرا لم تتخذ.. وبالتالي يوصي المجلس بالأخذ بها.
وصحة الناس.. وهل هناك أغلى من صحة الإنسان.. ماذا قدم مجلس الشورى لمعالجة أزمة الخدمات الصحية الحادة في البلاد.. هل ناقشها بالقدر الكافي.. وبالتفاصيل التي توازي التفقيس!! وهل خرج بتوصيات لمعالجتها.. وهي القضية الحيوية التي يعاني منها المواطنون وتهـدر فيها صحة المرضى وربما حياتهم.. في ظل عدم توفر سرير شاغر في المستشفى.. أو عدم توفر الخدمة الطبية المطلوبة في المستشفى.. ويفقد المريض حياته في طريق نقله من مستشفى إلى آخر !!.
إن القضايا الوطنية التي تؤرق المواطن تتعدد.. وهو يتطلع إلى أن ينهض المجلس بدوره في تجسيد معاناة المواطن باعتباره ممثـلا لهذا المواطن يعبر عما يعانيه.. ويوصي بالحلول اللازمة لرفع معاناته.