ميزانية المملكة العربية السعودية لهذا العام، عام 2014، هي ميزانية قياسية تعتبر الأكبر منذ تأسيسها فالحكومة تتوقع أن تحصل على إيرادات بحوالى تسعمائة مليار ريال وتخطط أن تنفق معظمها أو أكثر من ثمانمائة وخمسين مليار ريال على الوزارات والمؤسسات الحكومية والمشاريع، ولو أضفنا لذلك ما يستجد من مشاريع جديدة فإن الحكومة ستصرف حوالى تريليون ريال هذا العام أو مليون مليون ريال وهذا يوازي إنفاق ما يزيد على ثلاثين ألف ريال لكل مواطن ومواطن شيخ أو رضيع ومع ذلك وبالرغم من ضخامة هذا الإنفاق إلا أنه لا يوجد لدينا سرير لكل مريض يحتاجه أو مقعد جامعي لكل خريج ثانوي ولدينا مطارات عتيقة يتكدس فيها المسافرون بالساعات وهي في أمس الحاجة للتحديث والتوسعة وهكذا ممكن أن نستمر في سرد قائمة أو قوائم طويلة من «النواقص» أو الحاجات التي لم تتم تلبيتها لدينا ولكن هذا الوضع ليس خاصا بالمملكة فحتى في النرويج ذات أعلى دخل للفرد في العالم أو في النمسا ذات أحسن مستوى معيشة فإنه لا توجد جامعة أو كلية في كل مدينة وقرية ولا يوجد سرير لكل مريض بحيث لا يحتاج أن ينتظر فترة من الزمان قبل إجراء عملية يحتاجها، بل إن فترة الانتظار لإجراء عملية جراحية في دولة مثل بريطانيا العظمى قد تمتد لأشهر وفي هذه الدول وفي بقية دول العالم «المتقدم» في أوروبا وأمريكا هناك مطارات عتيقة أيضا ويتكدس فيها المسافرين وتنتظر فيها الطائرات في صفوف طويلة. فليس كل ما تتمناه هذه الدول وغيرها تدركه بل إن أي دولة ومهما عظمت ثروتها ومهما كانت إيراداتها فإنها لا تستطيع أن تلبي كل احتياجاتها أو مطالبات ورغبات مواطنيها.
صحيح أن هناك فرقا واضحا ما بين ما توفره هذه الدول «المتقدمة» لمواطنيها وما هو متوفر لدينا في باقي الدول، ولكن يجب أن لا ننسى أن تلك الدول سبقتنا في عصر النهضة والصناعة وبدأت في اعتناق التحديث والتنوير منذ حوالى ثلاثمائة سنة ومع ذلك فإنها لم تصل إلى ما هي عليه إلا بعد حروب عدة منها حربان عالميتان مات فيهما حوالى مائة مليون نسمة وبالتالي فإنها خاضت تجارب قاسية ودفعت ثمنا باهظا إلى أن نضجت تجربتها ووصلت لما هي عليه الآن، وصحيح أن هناك حالات قليلة لدول اختصرت طريق النمو والتطوير مثل سنغافورة وحاليا دبي ويبدو أنها أنجزت في سنوات قليلة ما عجز غيرها عن تحقيقه في عقود عديدة، ولكن هذه استثناءات محدودة ولها ظروف خاصة بها وعلى رأسها صغر حجمها. صحيح أننا ننظر لها ونقارن أنفسنا بها وهذا شيء جيد فالمفترض أن نتطلع إلى الأفضل ولكن أيضا من المفترض أن نكون واقعيين ونعلم أنه لكل دبي أو سنغافورة هناك عشرات من المدن الأخرى كبغداد أو طهران أو دمشق أو عشرات العواصم والمدن التي ظلت في مكانها لعشرات السنين ولم تتقدم إن لم تتراجع، وبعضها في دول ثرية بالموارد بل ومن أهم الدول المصدرة للنفط بل إن بعضها من جيراننا على الخليج.
بالتالي عندما نود تقييم تجربة التنمية لدينا أو في أي دولة يجب أن نكون موضوعيين كما يجب أن نكون طموحين، فبالتأكيد نقارن أنفسنا بالأفضل وليس بالأسوأ وننتقد ما لدينا لكي نعالج الأخطاء والقصور ولكن هذا لا يعني أبدا التقليل مما لدينا ومما تم إنجازه والذي ليس بالقليل والحمد لله، وأي مقارنة موضوعية سوف تظهر أن الاقتصاد السعودي قد خطا خطوات قوية في طريق التنمية وأنجز في عقود من الزمان ما سمح له بتجاوز كثير من غيره الذين سبقوه والحمد لله.
صحيح أن هناك فرقا واضحا ما بين ما توفره هذه الدول «المتقدمة» لمواطنيها وما هو متوفر لدينا في باقي الدول، ولكن يجب أن لا ننسى أن تلك الدول سبقتنا في عصر النهضة والصناعة وبدأت في اعتناق التحديث والتنوير منذ حوالى ثلاثمائة سنة ومع ذلك فإنها لم تصل إلى ما هي عليه إلا بعد حروب عدة منها حربان عالميتان مات فيهما حوالى مائة مليون نسمة وبالتالي فإنها خاضت تجارب قاسية ودفعت ثمنا باهظا إلى أن نضجت تجربتها ووصلت لما هي عليه الآن، وصحيح أن هناك حالات قليلة لدول اختصرت طريق النمو والتطوير مثل سنغافورة وحاليا دبي ويبدو أنها أنجزت في سنوات قليلة ما عجز غيرها عن تحقيقه في عقود عديدة، ولكن هذه استثناءات محدودة ولها ظروف خاصة بها وعلى رأسها صغر حجمها. صحيح أننا ننظر لها ونقارن أنفسنا بها وهذا شيء جيد فالمفترض أن نتطلع إلى الأفضل ولكن أيضا من المفترض أن نكون واقعيين ونعلم أنه لكل دبي أو سنغافورة هناك عشرات من المدن الأخرى كبغداد أو طهران أو دمشق أو عشرات العواصم والمدن التي ظلت في مكانها لعشرات السنين ولم تتقدم إن لم تتراجع، وبعضها في دول ثرية بالموارد بل ومن أهم الدول المصدرة للنفط بل إن بعضها من جيراننا على الخليج.
بالتالي عندما نود تقييم تجربة التنمية لدينا أو في أي دولة يجب أن نكون موضوعيين كما يجب أن نكون طموحين، فبالتأكيد نقارن أنفسنا بالأفضل وليس بالأسوأ وننتقد ما لدينا لكي نعالج الأخطاء والقصور ولكن هذا لا يعني أبدا التقليل مما لدينا ومما تم إنجازه والذي ليس بالقليل والحمد لله، وأي مقارنة موضوعية سوف تظهر أن الاقتصاد السعودي قد خطا خطوات قوية في طريق التنمية وأنجز في عقود من الزمان ما سمح له بتجاوز كثير من غيره الذين سبقوه والحمد لله.