-A +A
خلف الحربي
لم أتخيل أن شخصية مثل عضو مجلس الشورى الدكتور عيسى الغيث من النوع (الحار) والعصبي، فمن خلال متابعتي لتصريحاته وتغريداته في تويتر اكتشفت أنه نصب نفسه محاميا عن مجلس الشورى، حيث لا يقبل نقدا يتعلق بالمجلس، ويتحدث بلغة لا تخلو من الانفعال كلما تناولت الصحافة شأنا يتعلق بالمجلس؛ ظنا منه بأن هذا الأسلوب (العصبي) كفيل بإقناع الرأي العام بأن العيب في الصحافة المحلية، وليس في أداء مجلس الشورى الذي لا يضر ولا ينفع!.
لذلك أناشد الصحف السعودية أن تتشارك في إرسال شاحنة من عصير الليمون إلى الدكتور الغيث؛ كي يهدئ أعصابه قليلا، ويتأمل المشهد من زاوية هادئة بعيدا عن هذه الروح المشحونة بالغضب، وأنصحه نصيحة محب صادق أن يحفظ شطر البيت الذي يقول (وعداوة الشعراء بئس المقتنى)، فالصحفيون الإعلاميون اليوم هم شعراء هذا العصر، وكثرة التصادم معهم مفيدة لهم ومضرة به، فهم في مثل هذه المماحكات يجدون مادة صحفية مثيرة، أما هو فلن يجد إلا النقد اللاذع والحراق الذي لا أظنه سوف يتقبله مادام يتعامل مع الشؤون العامة بهذا التوتر.

في المجلس أكثر من مائة عضو، أي أنه ليس مجلس الدكتور الغيث وحده، بل إنه ليس مجلس الأعضاء مجتمعين؛ لأنه هو المؤسسة التي تمثل جميع المواطنين، وأظن أن أغلب المواطنين لا يريدون عضوا عصبيا (يزمر) عليهم كلما انتقدوا أداء المجلس، وإذا كان يعتقد أن إثارة قضايا مثل (تفقيس بيض الحبارى) يمكن أن تشوه صورة مجلس الشورى، فهو مخطئ، فلو لم تكن الأجواء العامة يغلب عليها الاستياء من أداء المجلس والشعور بقلة الفائدة من أداء أعضائه لما انتشرت هذه القفشات القصيرة انتشار النار في الهشيم، فالأصل هو غياب القناعة الشعبية بقدرة المجلس على تحقيق إنجازات ملموسة تتناغم مع تطلعات المواطنين.
وبالأمس، صرح الدكتور الغيث لجريدة الحياة مكررا نفس الموال الغاضب، حيث أكد أن المجلس حقق إنجازات كبيرة، ولكن المشكلة في الإعلاميين (الفاشلين) الذين لا ينقلون المعلومات بشكل دقيق، ووصف تعليق الإعلاميين على جلسة (تفقيس بيض الحباري) بأنه نزول إلى الحضيض، وأعترف أنني حين قرأت هذا التصريح شعرت بشجاعة الزميل محرر الحياة الذي نقل عنه هذا التصريح؛ لأنه نجح في تفادي غضبته المضرية، بل إنني قرأت التصريح وأنا مختبئ تحت الطاولة خوفا من أن يقذف الدكتور الغيث القراء بأقرب شيء تصل إليه يداه!.
ما هذا يا دكتور عيسى؟، هل تظن أن الصحافة لو طبلت لأداء مجلس الشورى سوف يقتنع الناس بأهمية الدور الذي يقوم به أعضاء المجلس، وهل تظن أن الصحافة حين تنقل معلومات غير دقيقة، فإن ذلك يمكن أن يغير من وجهة نظر الناس فيما لو كان أداء المجلس مقنعا بالنسبة لهم؟!، فالمحك الحقيقي هو قدرة المجلس على تغيير الواقع والتعبير عن تطلعات وأحلام المواطنين، وليس كلام الجرائد، وما تنشره الصحف لا يعد شيئا بالنسبة لرأي القطاع الأكبر من المواطنين في أداء المجلس؛ لذلك أتمنى ــ يا دكتور ــ أن تهدئ أعصابك قليلا وتتجاهلنا جميعا نحن (الإعلاميين الفاشلين)، وتثبت للمواطن المحايد أن عضو مجلس الشورى موجود كي يمثل تطلعاته، وذلك بالعمل الحقيقي الذي يمكن التأكد من آثاره على أرض الواقع، وليس من خلال مشاكسة الإعلام ليل نهار.