شرعت الولايات المتحدة الامريكية، قبل حوالى سبعين عاما، لاصدار نظام يسمح باستخدام بطاقات الائتمان عند الدفع في محطات الوقود ومقابل تكلفة بسيطة بحوالى واحد في المئة، وبالرغم أن مثل هذا النظام يدعم ويساهم في استخدام وانتشار البطاقات الائتمانية الا أنه ما إن سمعت الشركات التي تصدر هذه البطاقات عن التشريع المنتظر الا وتحركت بقوة ودفعت ملايين الدولارات للضغط على الكونجرس الأمريكي لتعديل صيغة النظام، بحيث ينص اولا على امكانية استخدام بطاقات الائتمان لدفع تكلفة الوقود وبعد ذلك ينص على استخدام النقد والحصول على خصم بحوالى واحد في المئة. بدلا من أن يبدأ باستخدام النقد ويسمح بعدها باستخدام البطاقات الائتمانية ودفع الزيادة البسيطة، وقد تبدو الحالتان متطابقتين وليس فقط متشابهتين، ففي كلتا الحالتين لنقل إن سعر جالون البنزين هو نصف دولار لو دفعت نقدا ويصبح نصف دولار وخمسة سنتات عند استخدام بطاقات الائتمان، فالتكاليف لا تتغير ودائما سيكون الدفع بالنقد أرخص بحوالى واحد في المئة من الدفع بالبطاقة، ولكن ومع ذلك هناك فرق كبير ما بين الصيغتين، فالمستهلك يتجنب أي زيادة في الاسعار لانه قد لا يرى اي مبرر لهذه الزيادة، بل قد يعتقد انه جار «عقابه» أو «استغلاله» بهذه الزيادة وهذا ما يرفضه المستهلك، ولذلك لو حددنا السعر اولا وبعدها قلنا إنه سوف يزيد عند استخدام بطاقات الائتمان فإن كثيرا من المستهلكين لن يستخدموا البطاقات الائتمانية مما يضر بمصالح الشركات التي اصدرت هذه البطاقات، ولكن إن أعدنا الصياغة بحيث بدأنا بسعر البيع عن طريق البطاقة وبعده ذكرنا أن هناك خصما بواحد في المئة لمن يدفع نقدا فإنه بعكس الحالة الاولى سنجد كثيرا بل قد نجد أن معظم المستهلكين سوف يستخدمون البطاقات ولن يدفعوا بالنقد، وذلك لأنه في هذه الحالة سيظهر أن الذي يدفع نقدا يهتم كثيرا بالمال ويسعى للتوفير حتى ولو كان بواحد في المئة، وهذا انطباع قد لا يناسب كثيرا من المستهلكين والذين يفضلون الظهور بمظهر السخاء والثراء، وهنا لن يؤثر فيهم تخفيض السعر بواحد في المئة ولذلك تجدهم يختارون الدفع بواسطة بطاقات الائتمان، وهذا يصب في مصلحة الشركات التي اصدرت هذه البطاقات ولذلك عملت هذه الشركات بقوة لإصدار النظام الجديد بالصيغة المفضلة لهم، وهي أن يتم تحديد سعر البيع اولا عن طريق البطاقات الائتمانية وبعد ذلك يتم ذكر التخفيض للدفع بالنقد.
وكذلك نجد في أنظمة وتشريعات مماثلة ان الصيغة المستخدمة لها تأثير كبير على سلوك المستخدمين وانطباعاتهم، ولذلك في كثير من دول العالم يتم تحديد الغرامات في شكلها الاعلى ومن ثم تخفيضها «كمكافأة» للدفع المبكر وليس العكس، بمعنى تحديد الغرامة ومن ثم مضاعفتها لو لم يتم دفعها في المدة الزمنية المحددة، وللتوضيح افترض أن امامك خيارين: الاول هو فرض غرامة بمقدار ريالين ولكن تخفيضها بالنصف إلى ريال لو تم دفعها خلال شهر، اما الخيار الثاني فهو تحديد غرامة بريال ولكن مضاعفتها إلى ريالين لو لم يتم دفعها خلال شهر، وبالرغم من تطابق المبالغ في الحالتين الا أن اثارهما تختلف تماما، فهناك فرق ما بين أن تشعر أنه تم «مكافأتك» عند الالتزام بالدفع في المدة المحددة وانك «وفرت» نصف مبلغ الغرامة، وما بين أن تشعر أنه تم «عقابك» لعدم قدرتك أو عدم رغبتك على الدفع في المدة المحددة ومضاعفة غرامتك وخسارتك، بالتأكيد الشعور الاول افضل من الثاني، ولا أتوقع أن يعترض عليه أي أحد ومن أي جهة.
وكذلك نجد في أنظمة وتشريعات مماثلة ان الصيغة المستخدمة لها تأثير كبير على سلوك المستخدمين وانطباعاتهم، ولذلك في كثير من دول العالم يتم تحديد الغرامات في شكلها الاعلى ومن ثم تخفيضها «كمكافأة» للدفع المبكر وليس العكس، بمعنى تحديد الغرامة ومن ثم مضاعفتها لو لم يتم دفعها في المدة الزمنية المحددة، وللتوضيح افترض أن امامك خيارين: الاول هو فرض غرامة بمقدار ريالين ولكن تخفيضها بالنصف إلى ريال لو تم دفعها خلال شهر، اما الخيار الثاني فهو تحديد غرامة بريال ولكن مضاعفتها إلى ريالين لو لم يتم دفعها خلال شهر، وبالرغم من تطابق المبالغ في الحالتين الا أن اثارهما تختلف تماما، فهناك فرق ما بين أن تشعر أنه تم «مكافأتك» عند الالتزام بالدفع في المدة المحددة وانك «وفرت» نصف مبلغ الغرامة، وما بين أن تشعر أنه تم «عقابك» لعدم قدرتك أو عدم رغبتك على الدفع في المدة المحددة ومضاعفة غرامتك وخسارتك، بالتأكيد الشعور الاول افضل من الثاني، ولا أتوقع أن يعترض عليه أي أحد ومن أي جهة.