-A +A
محمد بن محمد الحربي
«الواسطة التي تحرم المستحق وتعطي غير المستحق جريمة فيها اعتداء على العدالة وحقوق الإنسان ونشر للظلم، وهي شفاعة سيئة يشارك فيها الشافع والمشفوع له في الإثم» .
«مدح المسؤول بغير ما فيه، والنفاق له والمبالغة في الثناء على إنجازاته نوع من أنواع الفساد لما يترتب عليه من غرور المسؤول، وصرفه عن رؤية الأمور على حقيقتها. سمع النبي صلى الله عليه وسلم رجلا يثني على رجل ويطريه في المدحة فقال : «أهلكتم أو قطعتم ظهر الرجل» رواه البخاري ومسلم.

النصوص أعلاه هي رسائل توعوية تقدمها الهيئة الوطنية لمكافحة الفساد «نزاهة» بهدف توعية المواطنين والمقيمين، ونشر ثقافة النزاهة وترسيخها بين أفراد المجتمع. وهي كذلك خطوة رئيسة ضمن الأدوار المتوقعة منها، والمسؤوليات العظيمة الملقاة على عاتق القائمين عليها، والمنتسبين إليها.
وكما يلاحظ فإن الهيئة حذرت في الرسالة الأولى من «الواسطة» كونها ظاهرة أزلية وأحد أعمدة الفساد التي لا تكاد تخلو منها مؤسسات المجتمع الحكومية منها والأهلية على حد سواء، وذلك لأنها تتخطى الأنظمة واللوائح والأعراف، وأحيانا الدين! كما أنها أخذت مسميات مختلفة، كالشفاعة الحسنة، والفزعة، وغيرها من المسميات التي لا تلغي كونها جريمة تعطي من لا يملك الحد الأدنى من المؤهلات والمهارات وظيفة، أو منصبا لا يستحقه، مقابل حرمان المستحق منها، وبالتالي فهي فساد صريح يجب أن يعاقب عليه الشافع والمشفوع له.
ومن المعروف أن الواسطة ترتبط بالتملق بغرض الاستيلاء على حقوق الآخرين وظلمهم، وهو ما حذرت منه الرسالة الثانية للهيئة؛ حيث يعمل البعض على إرضاء غرور المسؤول ومدحه نثرا وشعرا بمعلقات لا تحمل أدنى قدر من الحقيقة، بل إن المسؤول، وهذا المنافق يعلمان علم اليقين بأن هذا المدح في غير محله!.
وعلى الرغم من عدم قناعة البعض بجدوى مثل هذه الرسائل؛ إلا أنها خطوة في طريق الألف ميل نحو اجتثاث الفساد من مؤسسات المجتمع بمختلف أنواعه ومستوياته، وهذا لن يتأتى دون منح الهيئة استقلالا كاملا، وصلاحيات واسعة تمكنها من مساءلة ومحاسبة كائن من كان.
• كلمـة أخـيرة:
تبقى الأنظمة واللوائح والعقوبات ممنوعة من الصرف لدى الضمائر الغائبة!.