-A +A
عبدالله السلطان
تعددت هجمات إسرائيل على سوريا دون رد فعل مماثـل من قبل نظام الرئيس بشار الأسد، ولو من باب الدفاع أو «رد ماء الوجه». أين هي مقاومة وممانعة بشار؟ لقد أثبت أنه ممانع لأي اعتداء على إسرائيل، وكان محافظا على حدودها، وهي لا تعبأ بالأمر، كما هو واضح من غاراتها على سوريا. وكالعادة يكون الجواب الرسمي لكل اعتداء إسرائيلي التوعد بالرد وأن «لنا الحق في الرد في الزمان والمكان المناسبين». قيل مثل هذا الرد بعد أن قامت إسرائيل، يوم الأحد 25/6/1434هـ (5/5/2013م)، بغارات جوية على مخازن بها صواريخ إيـرانية (سام 17 أرض جو) وصواريخ(سكود ـ دي أرض أرض)، وكان عدد الضحايا لهذه الغارات (300) معظمهم عسكريون. وهذا الهجوم هو الثاني لإسرائيل ضد أسلحة اعتقدت أنها في طريقها لحزب الله اللبناني.
وجوابا لتوعد النظام السوري بالرد، صرح الإسرائيليون بأنه ليس باستطاعة بشار أن يرد. وليس غريبا أن لا يرد بشار، إنما الغريب في الأمر أن بشار ونظامه ربط غارات إسرائيل هذه «نتيجة تحالف بين إسرائيل والإسلاميين». فمن يصدق؟.

آخر الغارات الجوية التي قامت بها إسرائيل حتى الآن كانت على مواقع عسكرية سورية (مواقع كوم الويسيه ونبع الفوار وسعسع) وذلك يوم الأربعاء 18/5/143هـ ( 19/3/2014م)، نتج عنها قتل جندي وجرح سبعة آخرين من جيش نظام بشار. وكان الجواب الرسمي هذه المرة أقل حدة من ذي قبل، إذ تضمن : «أن هذه الهجمات تشكل خطرا على استقرار المنطقة» وأن «تكرار هذه الأعمال العدوانية من شأنها أن تعرض أمن المنطقة واستقرارها للخطر، وتجعلها مفتوحة على جميع الاحتمالات». لكن ما هي هذه الاحتمالات؟ لم يهدد نظام بشار بأنه سيرد على غارات إسرائيل «في الزمان والمكان المناسبين»، ولم يشر إلى أي من هذه الاحتمالات. لقد «استنعم»!. وكما قال الشاعر عمران بن حطان :
أسد علي وفي الحروب نعامة *** فتخاء تنفر من صفير الصافر.
لقد انكشفت حقيقة بشار ونظامه. فلم يكن مقاوما وممانعا مثلما كان يوهم الناس أنه كذلك. فلم يرد على الهجوم الإسرائيلي. بل كما قال عضو الهيئة السياسية للاتلاف الوطني السوري، فايـز سارة، في بيان أصدره : «إن نظام الأسد سبق وأن ظهر على حقيقته التي تخالف الأوهام التي حاولت إظهاره بأنه نظام ممانعة ومعاد لإسرائيل، حيث إنه لم يقم بأي رد فعل عسكري على ما قام به الاحتلال الإسرائيلي خلال العشر سنوات الأخيرة من حكمه. وجاءت الثورة لتثبت بأن نظام الأسد ليس معنيا بالدخول في مواجهة مع الاحتلال، في حين أنه دخل في أقسى مواجهة وحرب ضد الشعب السوري» (الحياة، الجمعة 20/5/1435هـ ــ 21/3/2014م، ص1 ،12).
وبالنسبة لإسرائيل فإنها ترى الحرب القائمة بين نظام بشار والشعب السوري، بلا شك، تخدم مصالحها، وبشار يخدمها في ذلك لأنه يقضي على القوة العسكرية لسوريا في حربه ضد الشعب السوري، وتأمل إسرائيل أن تسهم الحرب في تجزئة سوريا. وغير خافٍ أن ما يهم الولايات المتحدة في الوضع السوري هو ما يهم إسرائيل. وهذا واضح من الموقف الأمريكي غير الحازم تجاه بشار ونظامه .. والله أعلم.