كنت أظن أن آثار ما عرف باسم المرحلة «الصحوية» التي أفرزت فهماً شاذاً متطرفاً للدين قد خبا ضوؤها، بعد أن استبان القوم خطرها؛ غير أن ما أوردته إحدى الصحف عن نيّة بعض طلاب العلم في افتتاح «صوالين» للحلاقة الإسلامية في عدد من المدن.. قد أعادني إلى فترة الرواج لهذه المرحلة قبل أكثر من عشرين عاماً، وحين شاعت بعض المصطلحات لتشكل جزءاً من قاموسنا اللغوي والفكري والاجتماعي؛ وأصبح هناك زواج إسلامي، وأدب إسلامي، وحلاقة إسلامية، ناهيك عن مفردات ينعت بها الآخر كهذا علماني وحداثي وفاسق وغيرها من الألفاظ التي أطلقها «الصحويون» على من يخالفهم.
وأذكر في هذه الفترة أن أحد زملائنا المعلمين المتحمسين -قبل أن أطلّق هذه المهنة التعيسة- أخذه الحماس فافتتح صالوناً للحلاقة شعاره «نحن لا نحلق اللحى»!
ولم يمض كثير وقت.. حتى رأيت لوحة أخرى بجوارها: «للتقبيل لعدم التفرغ»!
تلك الفترة بما لها وما عليها.. كانت سبباً رئيساً في الكثير من المشكلات التي طرأت على تفكير المجتمع ونمط حياته.. يشعل نارها معلمون عرب جلُّهم من «الإخوان المسلمين» الذين يعملون في بعض جامعاتنا والذين عن طريقهم خرج شبان يؤمنون بأفكارهم الغريبة عن الإسلام، المهم؛ أن المصطلح الإسلامي الذي طرح وقتها تغلغل في شتى مناحي حياتنا حتى وصل إلى أفراحنا.. فصادرها، حتى إن إحدى المؤسسات راحت تعلن من خلال الصحف عن استعدادها لإقامة الفرح لمن يريد على «الطريقة الإسلامية» من خلال تجنيد بعض المجتهدين من طلاب العلم لإلقاء المواعظ والخطب بدلاً عن جو الفرح والألعاب الشعبية التي عادة ما ترافق الأعراس.
زواج إسلامي يقابله بالضرورة زواج غير إسلامي.. كما أن الأمر يسري على غيرها من المصطلحات «الصحوية» والتي لم نكن نعرفها من قبل.. وهنا تكمن المشكلة.
أنا -والله- لست ضد التدين، ولا أظن أحداً منا لا يحترم التدين كسلوك سوي يلقى الإعجاب والاحترام من كل فئات المجتمع باعتباره قيمة نبيلة، وفطرة أصيلة في المسلم الحقيقي.. ولكنني ضد هذا الفرز المريب بين فئات المجتمع، ضد أن ينبري أناس معينون لتنصيب أنفسهم كحراس لأسلوب حياتنا، فالمجتمع السعودي بحمد الله قائم برمته على الخلق الإسلامي القويم، وهذه الدولة العظيمة تنطلق في حياتها وتعاملاتها من دستور رباني خالد لا مزايدة ولا غلو.
ثمة أزمة حقيقية في مفهوم المصطلح الإسلامي.. بإمكاني أن أوغل فيه بشكل واف، غير أن هذا ليس مبتغاي.
ما أريد قوله ببساطة إن هذا المفهوم يولد حالة من الانصياع لأخطاء الفترة «الصحوية» مع تحفظي على التسمية.. فأنا من جيل يعتقد أن الناس في الماضي كانوا أوضح تديناً ونقاءً.. ولكنهم كانوا أكثر تسامحاً وانفتاحاً. وأذكر حين كنت صبياً أن إمام مسجدنا الشيخ «إسماعيل آل الشيخ» رحمه الله وهو والد صديقنا الدكتور/ محمد آل الشيخ، سفيرنا في فرنسا، ووالد المربي القدير الأستاذ عبدالله مدير عام مجمع الفاروق ببيشة.. كان يتفقدنا في صلاة الفجر واحدا تلو الآخر على أضواء «الأتاريك» من خلال ورقة يحملها تضم كل أسماء سكان الحي.. وحين يتغيب أحدنا.. كان ينصحه بلطف وحنو، ولم يكن يعنفه أو يقسو عليه.. فأين ذلك بربكم من الزمن المسمى «الصحوي». الذي أفرز ما نعيشه اليوم من تنطع وغلو عند البعض، ومن فهم خاطئ للإسلام.. بحيث رأينا بعض الشباب يقدمون أرواحهم لآلة الموت المجاني في شتى البقاع بعد أن تشبعوا بثقافة الموت والدمار التي من خلالها تنكروا لأهلهم ولأوطانهم، فانقلبوا على اليد التي أطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف.. إلى الله المشتكى!!
تلفاكس 076221413
وأذكر في هذه الفترة أن أحد زملائنا المعلمين المتحمسين -قبل أن أطلّق هذه المهنة التعيسة- أخذه الحماس فافتتح صالوناً للحلاقة شعاره «نحن لا نحلق اللحى»!
ولم يمض كثير وقت.. حتى رأيت لوحة أخرى بجوارها: «للتقبيل لعدم التفرغ»!
تلك الفترة بما لها وما عليها.. كانت سبباً رئيساً في الكثير من المشكلات التي طرأت على تفكير المجتمع ونمط حياته.. يشعل نارها معلمون عرب جلُّهم من «الإخوان المسلمين» الذين يعملون في بعض جامعاتنا والذين عن طريقهم خرج شبان يؤمنون بأفكارهم الغريبة عن الإسلام، المهم؛ أن المصطلح الإسلامي الذي طرح وقتها تغلغل في شتى مناحي حياتنا حتى وصل إلى أفراحنا.. فصادرها، حتى إن إحدى المؤسسات راحت تعلن من خلال الصحف عن استعدادها لإقامة الفرح لمن يريد على «الطريقة الإسلامية» من خلال تجنيد بعض المجتهدين من طلاب العلم لإلقاء المواعظ والخطب بدلاً عن جو الفرح والألعاب الشعبية التي عادة ما ترافق الأعراس.
زواج إسلامي يقابله بالضرورة زواج غير إسلامي.. كما أن الأمر يسري على غيرها من المصطلحات «الصحوية» والتي لم نكن نعرفها من قبل.. وهنا تكمن المشكلة.
أنا -والله- لست ضد التدين، ولا أظن أحداً منا لا يحترم التدين كسلوك سوي يلقى الإعجاب والاحترام من كل فئات المجتمع باعتباره قيمة نبيلة، وفطرة أصيلة في المسلم الحقيقي.. ولكنني ضد هذا الفرز المريب بين فئات المجتمع، ضد أن ينبري أناس معينون لتنصيب أنفسهم كحراس لأسلوب حياتنا، فالمجتمع السعودي بحمد الله قائم برمته على الخلق الإسلامي القويم، وهذه الدولة العظيمة تنطلق في حياتها وتعاملاتها من دستور رباني خالد لا مزايدة ولا غلو.
ثمة أزمة حقيقية في مفهوم المصطلح الإسلامي.. بإمكاني أن أوغل فيه بشكل واف، غير أن هذا ليس مبتغاي.
ما أريد قوله ببساطة إن هذا المفهوم يولد حالة من الانصياع لأخطاء الفترة «الصحوية» مع تحفظي على التسمية.. فأنا من جيل يعتقد أن الناس في الماضي كانوا أوضح تديناً ونقاءً.. ولكنهم كانوا أكثر تسامحاً وانفتاحاً. وأذكر حين كنت صبياً أن إمام مسجدنا الشيخ «إسماعيل آل الشيخ» رحمه الله وهو والد صديقنا الدكتور/ محمد آل الشيخ، سفيرنا في فرنسا، ووالد المربي القدير الأستاذ عبدالله مدير عام مجمع الفاروق ببيشة.. كان يتفقدنا في صلاة الفجر واحدا تلو الآخر على أضواء «الأتاريك» من خلال ورقة يحملها تضم كل أسماء سكان الحي.. وحين يتغيب أحدنا.. كان ينصحه بلطف وحنو، ولم يكن يعنفه أو يقسو عليه.. فأين ذلك بربكم من الزمن المسمى «الصحوي». الذي أفرز ما نعيشه اليوم من تنطع وغلو عند البعض، ومن فهم خاطئ للإسلام.. بحيث رأينا بعض الشباب يقدمون أرواحهم لآلة الموت المجاني في شتى البقاع بعد أن تشبعوا بثقافة الموت والدمار التي من خلالها تنكروا لأهلهم ولأوطانهم، فانقلبوا على اليد التي أطعمتهم من جوع وآمنتهم من خوف.. إلى الله المشتكى!!
تلفاكس 076221413