-A +A
علي فقندش
الذي ليس فيه أدنى شك أننا بتنا على أعتاب باب الضياع الفني! أي أننا على وشك أن ننفض عنا طيب إرثنا الفني الجميل الذي تماهى طويلا مع ذائقتنا الخاصة بمجتمعنا في الأمس القريب، بل والقريب جدا، فستينيات وسبعينيات القرن الماضي ليست بعيدة عنا.
دعونا نأخذ في اعتبارنا أن ما يقدم أو ما قدم من عطاء لموسيقيينا العرب ومطربينا، عفوا مغنيينا العرب في العقود الأربعة الأخيرة، ليس سيئا، ذلك لكونه فنا يقدم لمتلقين من أبناء هذا الجيل الذي ينسب إليه هؤلاء أصحاب العطاء الفني والغنائي تحديدا، ومن المؤكد ــ في الوقت نفسه ــ أنه لا ينتسب إلينا بحال من الأحوال نحن أبناء التعامل مع موسيقى وأنغام طارق عبدالحكيم وفوزي محسون وعبدالله محمد وغازي علي وجميل محمود وطلال مداح ومحمد عبده وسراج عمر وسامي إحسان ومحمد شفيق.. وغيرهم.

أعتقد أن غياب الكثير من مبدعي الأمس في عالم الفن والموسيقى لدينا بشكل خاص، والذين شكلوا وجداننا الفني المرتبط بصدق هذه الأرض وتناغمها معنا، والذين كان آخرهم الأسبوع الماضي فنان مكة المكرمة الفنان داوود هارون، والمسبوق بعظماء الفن لدينا الذين غادروا قبله مثل طارق وطلال وفوزي وعبدالله محمد وسامي وشفيق هو عامل ــ بلا شك ــ لصالح بعض الغثاء في انطلاقته المعروفة وغير الجديدة ولكن! ليس من حل بطبيعة الحال،
نعود لفناننا الذي رحل عن دنيانا أخيرا داوود هارون الذي كان مشواره دائما ما بين البين رغم صدق موهبته ساعد على ذلك أن الإعلام بشكل عام لا يركز ويفتح «فوكس» على الذين لا يخدمون أنفسهم ومواهبهم بأنفسهم، فالحياة دوما تعاون ومثابرة ــ كما يقول الجميلان بدر وطلال: «خطوة مني وخطوة منك، شارع الفرقا يضيق».
داوود هارون الذي قدم الكثير من الألحان الجميلة، ولعل أشهرها ذلك العمل الشهير الذي جمعه مع أستاذنا الخفاجي «جددي يا نفس حظك واعشقي دنيا جديدة»، وهو اللحن الذي شدا به إلى جانبه كل فناني مكة تقريبا ومنهم سعيد مقبل، وتلك الأغنية الشهيرة أيضا للخفاجي «اسمعوا قصة عذابي، وانصفوني من العتاب، وافهموا مني كلامي، واحكموا بعد الجواب» وهو النص ذاته الذي لحنه طارق عبدالحكيم لصالح صوت طلال مداح وله لحن ثالث من طلال نفسه، خلاصة القول إن كثيرين هم من الفنانين الأكثر روعة إلا أنهم لا يساعدون أنفسهم بخطوات قد تساعد الإعلاميين لإبراز إبداعاتهم، وبالتالي صنع مكانة تتناسب مع إبداعهم هذا، نعم، فالسلطة الرابعة لا يمكنها أن تقوم بنفسها بكل شيء، فالكل يجب أن يتعاون من أجل أن يسجل نجاحا، أخيرا وأنا أتناول الحديث مع موسيقارنا المرتبط بالأمس الجميل جميل محمود قال وصفا إعجبني ونحن نعزي بعضنا البعض بفقيد فن مكة المكرمة «أنتم كإعلاميين لم تساعدوه على الانتشار، وهو في نفس الوقت لم يساعد نفسه وفنه»، فالطرفان هنا كلاهما معذور. أخيرا رحم الله فناننا الكبير داوود هارون رحمة واسعة.
فاصلة ثلاثية
يقول المثل العامي العربي:
ــ جوز الاثنين، يا قادر يا فاجر
ــ جوز القصيرة يحسبها صغيرة
ــ خنفسة شافت بنتها في الحيط، قالت دي لولية في خيط.