بعد جدل استمر 11 عاما، حسم مجلس الشورى الأسبوع الماضي، بأغلبية 92 صوتا، توصية تدعو إلى «إمكانية إدخال برامج للياقة البدنية والصحية في التعليم العام للبنات، بما يتوافق مع الشريعة الإسلامية، ويتناسب مع طبيعة المرأة». هذا الجدل لا يعنيني في هذا المقال، ولن أدخل في آراء المؤيدين للتوصية أو المعترضين عليها، بل سأتوقف فقط عند المسميات أو الألفاظ التي استخدمت في طرح التوصية للخروج بها من متاهات المعارضة، والتي طرحت في المجلس للإشارة إلى «الرياضة» في مدارس البنات. هل هي «رياضة» أم «تربية بدنية» أم «لياقة بدنية»؟
في علم الدلالة الألسني هناك اختلاف بين علماء اللغة حول العلاقة التي تربط بين شكل الكلمة ومعناها، أي العلاقة بين اللفظ والمعنى أو الدال والمدلول (الدال هو الصورة الصوتية أو الرمز المكتوب أو المنطوق، بينما المدلول هو التصور الذهني أو المفهوم أو المعنى أو الفكرة). هل هذه العلاقة علاقة اعتباطية أم اصطلاحية؟ وهل هناك علاقة بين الكلمات المختلفة؟ وما هي الوظائف الدلالية والاجتماعية التي تؤديها الكلمات؟
وبرغم التفاوت في وجهات نظر اللغويين في نظرتهم لطبيعة العلاقة بين اللفظ والمعنى، إلا أن القول بالاعتباطية لا ينفي وجود علاقة بين الدال والمدلول أو الاسم والمسمى، فالبعض يرى أن هذه العلاقة «اصطلاحية» أو «تواضعية»، أي أن جماعة لغوية ما تصطلح (أو تتواضع) على نسب أصوات معينة إلى مفاهيم مادية أو عقلية محددة.
لا أنكر أنني شعرت بشيء من الاستفزاز الذهني لتردد لفظ «اللياقة البدنية» في توصية مجلس الشورى في إشارة إلى «الرياضة البدنية». فهل استخدامنا للفظ «اللياقة» مقابل «الرياضة» يعني تغييرا في المفهوم؟ بمعنى أن برامج اللياقة البدنية المقترحة في مدارس البنات سوف تستبعد برامج الرياضة أو شيئا منها، أو أن هناك مفهوما (مدلولا) جديدا للرياضة يحمل مسمى «لياقة»؟ لا أشك في أننا نضطر أحيانا إلى استخدام ألفاظ مختلفة للدلالة على ذات المفاهيم حتى نسوغ أفكارا تلقى معارضة إذا ما طرحت باستخدام ألفاظ محددة ارتبطت بجدل اجتماعي أيدولوجي سابق جعلها موضع توجس ومعارضة وصلت إلى حد التحريم والتفسيق.
إن الجدل الذي دار داخل مجلس الشورى حول رياضة البنات ما هو إلا صدى للجدل الأيدولوجي القائم حول العديد من القضايا إذا ما طرحت بمسمياتها المتعارف عليها بين أفراد المجتمع. وما «السينما» و«الغناء» و«الموسيقى» إلا أمثلة لمثل هذه الازدواجية في طرح المسميات والمفاهيم. فالسينما قد تكون مقبولة إذا ما أشرنا إليها باستخدام لفظ «العروض المرئية»، و«الإنشاد» يكون مقبولا كبديل للغناء والموسيقى.
الحقيقة الألسنية تقول إن الإشكالية ليست في المسميات بقدر ما هي في الموقف من هذه المسميات، أي في ظلال المعاني الاجتماعية والأيدولوجية التي ينسجها المؤدلجون ويحملونها حملا على تلك المسميات. فالمدلول واحد، والفكرة هي ذاتها بأي لفظ صيغت. ولكننا ــ مع الأسف الشديد ــ نضطر للدخول في جدل أيديولوجي كي نبرر مفهوما ونسوغ آخر، ما يضطرنا لاستخدام ألفاظ جديدة قد لا تغير من المفهوم في شيء، ولكنها حتما عملية تستنزف الطاقات وتبعثر الجهود.
في علم الدلالة الألسني هناك اختلاف بين علماء اللغة حول العلاقة التي تربط بين شكل الكلمة ومعناها، أي العلاقة بين اللفظ والمعنى أو الدال والمدلول (الدال هو الصورة الصوتية أو الرمز المكتوب أو المنطوق، بينما المدلول هو التصور الذهني أو المفهوم أو المعنى أو الفكرة). هل هذه العلاقة علاقة اعتباطية أم اصطلاحية؟ وهل هناك علاقة بين الكلمات المختلفة؟ وما هي الوظائف الدلالية والاجتماعية التي تؤديها الكلمات؟
وبرغم التفاوت في وجهات نظر اللغويين في نظرتهم لطبيعة العلاقة بين اللفظ والمعنى، إلا أن القول بالاعتباطية لا ينفي وجود علاقة بين الدال والمدلول أو الاسم والمسمى، فالبعض يرى أن هذه العلاقة «اصطلاحية» أو «تواضعية»، أي أن جماعة لغوية ما تصطلح (أو تتواضع) على نسب أصوات معينة إلى مفاهيم مادية أو عقلية محددة.
لا أنكر أنني شعرت بشيء من الاستفزاز الذهني لتردد لفظ «اللياقة البدنية» في توصية مجلس الشورى في إشارة إلى «الرياضة البدنية». فهل استخدامنا للفظ «اللياقة» مقابل «الرياضة» يعني تغييرا في المفهوم؟ بمعنى أن برامج اللياقة البدنية المقترحة في مدارس البنات سوف تستبعد برامج الرياضة أو شيئا منها، أو أن هناك مفهوما (مدلولا) جديدا للرياضة يحمل مسمى «لياقة»؟ لا أشك في أننا نضطر أحيانا إلى استخدام ألفاظ مختلفة للدلالة على ذات المفاهيم حتى نسوغ أفكارا تلقى معارضة إذا ما طرحت باستخدام ألفاظ محددة ارتبطت بجدل اجتماعي أيدولوجي سابق جعلها موضع توجس ومعارضة وصلت إلى حد التحريم والتفسيق.
إن الجدل الذي دار داخل مجلس الشورى حول رياضة البنات ما هو إلا صدى للجدل الأيدولوجي القائم حول العديد من القضايا إذا ما طرحت بمسمياتها المتعارف عليها بين أفراد المجتمع. وما «السينما» و«الغناء» و«الموسيقى» إلا أمثلة لمثل هذه الازدواجية في طرح المسميات والمفاهيم. فالسينما قد تكون مقبولة إذا ما أشرنا إليها باستخدام لفظ «العروض المرئية»، و«الإنشاد» يكون مقبولا كبديل للغناء والموسيقى.
الحقيقة الألسنية تقول إن الإشكالية ليست في المسميات بقدر ما هي في الموقف من هذه المسميات، أي في ظلال المعاني الاجتماعية والأيدولوجية التي ينسجها المؤدلجون ويحملونها حملا على تلك المسميات. فالمدلول واحد، والفكرة هي ذاتها بأي لفظ صيغت. ولكننا ــ مع الأسف الشديد ــ نضطر للدخول في جدل أيديولوجي كي نبرر مفهوما ونسوغ آخر، ما يضطرنا لاستخدام ألفاظ جديدة قد لا تغير من المفهوم في شيء، ولكنها حتما عملية تستنزف الطاقات وتبعثر الجهود.