-A +A
سلمان السلمي (مكة المكرمة)
استعاد سراج بشناق من أرشيف ذاكرته السنين التي قضاها في نقل الحجاج من أقدم محطة حافلات لنقل الحجاج في العاصمة المقدسة وذلك حينما كان يعبر من أمام أول محطة أقيمت لحافلات نقل الحجاج بحي الزاهر والتي تجري حاليا إزالتها لصالح مشروع الطريق الدائري الثاني والذي يربط بين حي الطندباوي وحي الزاهر.


يشار إلى أن محطة النقل كانت مشيدة من الحجر والإسمنت، وظلت صامدة منذ 60 عاما، وقد اقتضي تنفيذ الطريق العرضي إزالة جزء كبير من المحطة فيما تبقى جزء يسير منها يعتبر مكانا أثريا نظرا لجمال البناء ونوعية بنائه وقدمه حيث يحرص كل من يعبر الطريق متجها للمسجد الحرام على الوقوف والتمعن في هذا الأثر الكبير الذي يحكي قصة زمن جميل مر على هذا المكان.
يقول صالح الحربي «هذه المحطة من أقدم مواقع نقل الحجاج في العاصمة المقدسة بعدما كان يتم نقل الحجاج بواسطة الإبل حيث أقيمت هذه المحطة لتتجمع فيها الحافلات ويتم تخزينها فيها وفي موسم الحج يتم استئجارها من قبل النقابة العامة للسيارات والمطوفين لتقوم بنقل الحجاج».
وأضاف أن المحطة جرى إنشاؤها بواسطة عدد من رجال الأعمال الكثير منهم انتقل إلى رحمة الله حيث استقدموا حافلات في ذلك الوقت من موديلات 1955م بسعة 55 راكبا لنقل الحجاج وكان السائقون في بداية الأمر كلهم من السعوديين وفي عام 1395هـ تم استقدام سائقين من مصر، وهذه الحافلات كان يتم استيرادها من أمريكا ويطلق عليها بعض الأسماء ولا يعرفها سوى السائقين القدماء ومن هذه الأسماء مثل الزيتوني وأبوعنجرية والعنترناش حيث مضى على بعضها قرابة 80 عاما.
وأضاف الحربي بقوله «كنا نقوم بالقياده في المشاعر وفي مكة المكرمة ولم يكن هناك ازدحام مثل ما هو حادث الآن حيث إن عدد السيارات كان قليلا جدا»، لافتا إلى أنهم حاليا لا يستطيعون القيادة مع هذا الجيل الذي يقود السيارة و«ينطط» بها في الشوارع غير مبال بمن حوله.
من جهته، أوضح حامد القرشي من المهتمين بنقل الحجاج بقوله «أدى التطور الذي شهده قطاع نقل الحجاج بتحويل عدد من وسائل النقل القديمة إلى خارج الخدمة نهائيا فقد أصبحت هذه الوسائل تراثا من الماضي وهاهي متراكمة فوق بعضها البعض على مداخل مكة المكرمة حيث أصبحت متاحف تشد نظر العابرين وهناك عدد كبير منها تراه أثناء خروجك من مكة المكرمة باتجاه المدينة المنورة كما أن هناك عددا آخر في شارع الحج وكذلك أحياء الرصيفة وطريق الليث وغيرها من الأماكن التي جمعت فيها هذه الحافلات التي أصبحت تراثا من الماضي.
وأضاف أن محطة الحافلات التي يجري ازالتها حاليا بجوار جامعة البنات تعتبر اول محطة لنقل الحجاج في مكة المكرمة حيث كانت تتجمع فيها الحافلات وتنطلق منها.
وأضاف أن نقل الحجاج مر بتطوارت متعدده فمن سيارات «لواري» الأبلاكاش وحافلات العنترناش والزيتوني إلى الحافلات الحديثة التي دخلت الخدمة مؤخرا بمختلف الأحجام والأشكال حتى وصل مشروع نقل الحجاج إلى ما وصل إليه أخيرا من تقدم وظهور عربات القطارات التي تقوم حاليا بنقل الحجاج بين المشاعر المقدسة في غاية المتعة بعد أن كان النقل يمثل عناء للكثير من الحجاج في الأزمان الماضية.
من جهة أخرى، دعا مختصون ومهتمون وزارة النقل وهيئة السياحة إلى تبني مشروع إنشاء متحف وطني للنقل في الحج يجمع شتات الحافلات والمركبات القديمة وربطه بتطور النقل في المملكة من خلال إنشاء شبكة القطارات الحديثة وتطور وسائل النقل الخاصة بالحجاج والمعتمرين والمحافظة على مثل هذه المحطات القديمة لتكون مكانا أثريا يحكي فترة زمنية تجاوزت الـ80 عاما.