«عصر النفط انتهى».. عبارة قصيرة قالها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز في عام 1999 خلال زيارته للمنطقة الشرقية. كانت العبارة كفيلة بتغيير الأدوات والمعالجات للواقع الاقتصادي من أجل تنويع القاعدة الاقتصادية الإنتاجية والتركيز على الصناعة لتقليل الاعتماد على النفط.
كانت العبارة بداية تحول حقيقي في اقتصاد المملكة نحو ضرورة الاهتمام بالقاعدة الصناعية التي تعد المصدر الرئيس لدعم الدخل الوطني لمواجهة أي تراجع. كانت أسعار النفط في تلك الفترة قد تراجعت إلى أقل من 9 دولارات للبرميل، ما أدى إلى آثار سلبية واضحة على الموازنة العامة للدولة، وبادرت المملكة بتحركات مكوكية دولية من أجل تماسك الأسعار التي لم تشهد نقلة ملموسة إلا في العام 2003 مع الغزو الأمريكي للعراق.
5384 مصنعا
كانت الصادرات السعودية غير النفطية في ذلك الوقت لا تتجاوز 60 إلى 70 مليار ريال في الحد الأقصى، بينما الاعتماد كان بصورة شبه كلية على النفط، ومن نتائج ذلك أن بلغ الدين العام حوالي أكثر من 650 مليار ريال تمثل قرابة 90% من الناتج المحلي بأسعار تلك الفترة. ولاتزال المملكة تسدد الدين الذي تراجع الآن إلى 75 مليار ريال، وهي نسبة مأمونة للغاية ولا تمثل شيئا من الناتج المحلي الإجمالي الذي تضاعف إلى أكثر من 2.7 تريليون ريال.
واستنهضت المملكة الهمم، من أجل الارتقاء بالصناعة الوطنية وجعل ذلك أولوية مطلقة يجب الرهان عليها من أجل الاقتصاد الوطني. وتبلور التوجه من خلال عدة محاور أساسية يمكن إيجازها فيما يلي:
إنشاء هيئة للمدن الصناعية من أجل القيام على شؤون المدن ودعم الصناعات المختلفة لاسيما فيما يتعلق بالتراخيص وتوفير الخدمات الأساسية بصورة سريعة وفعالة. وبفضل الجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة ارتفع عدد المصانع إلى 5384 مصنعا بإجمالي استثمارات تصل إلى 450 مليار ريال بنهاية العام الماضي، ومع ذلك فإن الآمال مازالت معقودة من أجل تجاوز الإشكاليات التي تواجه بعض المصانع وأدت إلى خروج بعض خطوط الإنتاج عن العمل.
الأراضي الصناعية
على الرغم من ضرورة تنويع القاعدة الإنتاجية إلا أن غالبية الصناعات المتوفرة مازالت تدور في فلك الصناعات الكيمياوية التي تستفيد من المزايا النسبية المتوفرة، وفي صدارتها الطاقة الرخيصة والمواد الخام. ولاتزال كثافة العمالة في تلك المصانع محدودة حيث يبلغ عددها 310 آلاف موظف، بزيادة تقدر بأكثر من 177% مقارنة بعام 2007 الذي بلغ فيه عدد المصانع 1950 مصنعا بين منتج وتحت الإنشاء والتأسيس.
ويبقى التعويل قائما على مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي حيث لايزال محدودا فيما زادت قيمة مساهمة الصناعات التحويلية غير النفطية في الناتج المحلي من 142 بليون ريال عام 2012 إلى 149 بليون ريال في 2013، بمعدل نمو بلغ 5%.
ولا جدال على أن من أكثر الدلالات على النمو الصناعي في المملكة ارتفاع الطلب على الأراضي الصناعية بنسبة 400% وزيادة عدد المدن الصناعية من 14 إلى 32 مدينة خلال سنوات محدودة وتستفيد الصناعة في المملكة من مزايا عديدة من أبرزها أسعار إيجارات الأراضي والتي لا تزيد على ريال واحد للمتر سنويا، فضلا عن أسعار تنافسية للكهرباء لا تزيد على 22 هللة للكيلو وات.
النمور الآسيوية
أدت هذه المزايا التي تشمل الوقود في الصناعات الكثيفة أيضا، إلى أن تصبح المملكة واحدة من أكثر الدول استقطابا للاستثمارات الأجنبية لاسيما في ظل مزايا أخرى عديدة من أبرزها خفض الضرائب من 40 إلى 20% مع إمكانية ترحيل الخسائر للأعوام التالية. ولا شك أن الاستفادة من النمو في القطاع الصناعي ستكون أكبر بكل المقاييس لو حدث التركيز على تنويع القاعدة الصناعية لتشمل المواد الغذائية والكهربائية والصناعات المتعلقة بمجالات الاقتصاد المعرفي الذي يحقق قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني يمكن البناء عليها في تكريس صورة غير نمطية للمملكة كدولة منتجة للمعرفة وليست مستهلكة فقط. ويواجه تحقيق هذا الهدف الكثير من التحديات المتعلقة بتغيير السلوك النمطي المعتاد لأبناء المجتمع والتركيز على الإنتاجية وتطوير التعليم منذ مرحلة الحضانة إلى الجامعة ليكون تطبيقيا لا معتمدا على الحشو والنقل فقط. وقد فطنت دول النمور الآسيوية مبكرا إلى كل هذه التحديات، فكانت تجربتها الفريدة بإقامة المدارس الفنية والمهنية بجانب المصانع ليتم التعليم فيها عمليا على أرض الواقع. وقد سدت بذلك مشكلة الفجوة بين التعليم والواقع المعاش. وكان من نتائج هذا التوجه أن غزت صناعتها المختلفة مختلف دول العالم، حتى أوروبا وأمريكا، وامتد هذا التأثير إلى أن تطلب الدول الكبرى السماح لها بإقامة مصانع في هذه البلدان لتستفيد من العمالة الرخيصة والمواد الخام. وكان من نتائج ذلك المزيد من الانتعاش وتحول هذه البلاد إلى قلاع اقتصادية.
تحديات وتفاؤل الوزير
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصناعي إلا أن الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية يرى أن الصناعة السعودية حققت تحولا كبيرا في السنوات الأخيرة، وقد وضح ذلك بجلاء في حجم الصناعات التحويلية غير النفطية، إذ بلغ حجم صادراتها أكثر من 200 مليار ريال في العام حاليا.
وقال إن المملكة تصدرت دول الخليج العربي في عدد المصانع وحجم الاستثمار الصناعي وعدد الفرص الوظيفية في القطاع الصناعي وعدد المدن الصناعية، فيما يمثل عدد المصانع في السعودية أكثر من 39 في المئة من المصانع القائمة في دول مجلس التعاون بنهاية العام 2013.
من جانبه، أوضح المدير العام للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية المهندس صالح بن إبراهيم الرشيد، أن الهيئة حققت خلال عام 2013 زيادة ملحوظة في مساحات الأراضي المطورة بالمدن الصناعية، لتبلغ 163 مليون متر مربع مكتملة الخدمات من البنى التحتية الأساسية والخدمات المساندة، كما أن عدد المدن الصناعية التي تشرف عليها الهيئة ارتفع من 14 مدينة صناعية في عام 2007 إلى 32 في عام 2013 شاملة جميع الخدمات، بزيادة بلغت نسبتها نحو 129%. والهيئة تعكف حاليا على نشر المزيد من المدن الصناعية تعزيزا لسعي المملكة لاستقطاب استثمارات نوعية ذات قيمة مضافة بتقديم عدد من التسهيلات والحوافز للصناعة، تشجيعا للشركات المحلية والعالمية، وتشمل أسعارا تشجيعية تبدأ من ريال واحد للمتر المربع الصناعي، وأراضي صناعية شاملة الخدمات في كل المناطق، وقروضا صناعية تصل حتى 75 في المئة من رأس المال مع فترة سداد تصل إلى 20 عاما، وأسعار كهرباء تنافسية، وإعفاءات جمركية للمواد الخام والآلات الداخلة في الصناعة، وأولوية في العقود الحكومية للمواد المصنعة محليا، وبرامج وتسهيلات لدعم تدريب وتوظيف السعوديين. وأوضح أن «مدن» واستكمالا لمشروعها الاستثماري المميز الذي ابتكرته لتنمية الصناعة في المملكة، أنشأت مزيدا من المصانع الجاهزة متكاملة الخدمات خلال عام 2013 وتم تأجيرها للمستثمرين، وارتفع عدد المصانع الجاهزة إلى 306، بمساحة تبلغ 900 متر مربع لصالة الإنتاج، تم تأجير 40 منها للمستثمرين الصناعيين، فيما يجري العمل لتكملة تجهيز 266 مصنعا بنهاية العام 2014.
إشكاليات عديدة
وعلى الرغم من الصورة الوردية التي يوردها المسؤولون عن القطاع الصناعي للواقع، إلا أن «مدن» تواجه إشكاليات عديدة، فيما يتعلق بعملية تخصيص الأراضي والزيادات التي تم إقرارها مؤخرا، وكذلك ضعف الأيدي العاملة الماهرة القادرة على مواكبة متطلبات الصناعة الحديثة وصعوبات الاستقدام المتعلقة بالعمالة.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دعوة وزير العمل حيث طالب بضرورة التركيز على التقنية في المصانع لترشيد العمالة الكثيفة غير المدربة. كما تواجه الصناعة السعودية تحديا من نوع آخر يتعلق بإغراق السوق بسلع رديئة الجودة من دول آسيوية مما يؤثر على سبل نمو الصناعة الوطنية لاسيما في ظل ضعف وعي غالبية المستهلكين وبقاء السعر الرخيص الحاكم الأول لهم في مجال الشراء.
وقد أدى ذلك إلى إغلاق بعض المصانع أبوابها لصعوبة خوض المنافسة مع السلع القادمة من الخارج، بينما الصناعة الوطنية مطالبة بتحقيق عاملين أساسيين هما الجودة والسعر المناسب لتظل لها القدرة على البقاء في السوق. ولا شك أن مختلف الدول ولاسيما الغربية تضرب بعرض الحائط قواعد التجارة العالمية وتعمل من أجل تعزيز أوضاع صناعتها وزراعتها الوطنية، وإذا كنا لا نقر بمثل هذه السياسات ونطالب بضرورة نفاذ سلعنا إلى الأسواق العالمية، فإن الواجب علينا تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع هذه الدول التي وصل بها الحال إلى إلقاء منتجات الألبان في عرض البحر حتى تحافظ على أسعار تصديرها إلى الخارج مرتفعة.
وعلى الرغم من الوعي المتزايد، فإن الترويج للصناعة السعودية في الأسواق العالمية، لايزال ضعيفا للغاية، وهنا تبرز الدعوات لإعادة معارض «صنع في السعودية» بلون وصبغة حديثة تأخذ في الاعتبار المستجدات المختلفة عن فترة التسعينيات، كما ينبغي البحث عن الأسواق البكر لدخولها والتركيز على الصناعات التي يمكن أن توفر وفرة ملحوظة في أعداد الوظائف.
كانت العبارة بداية تحول حقيقي في اقتصاد المملكة نحو ضرورة الاهتمام بالقاعدة الصناعية التي تعد المصدر الرئيس لدعم الدخل الوطني لمواجهة أي تراجع. كانت أسعار النفط في تلك الفترة قد تراجعت إلى أقل من 9 دولارات للبرميل، ما أدى إلى آثار سلبية واضحة على الموازنة العامة للدولة، وبادرت المملكة بتحركات مكوكية دولية من أجل تماسك الأسعار التي لم تشهد نقلة ملموسة إلا في العام 2003 مع الغزو الأمريكي للعراق.
5384 مصنعا
كانت الصادرات السعودية غير النفطية في ذلك الوقت لا تتجاوز 60 إلى 70 مليار ريال في الحد الأقصى، بينما الاعتماد كان بصورة شبه كلية على النفط، ومن نتائج ذلك أن بلغ الدين العام حوالي أكثر من 650 مليار ريال تمثل قرابة 90% من الناتج المحلي بأسعار تلك الفترة. ولاتزال المملكة تسدد الدين الذي تراجع الآن إلى 75 مليار ريال، وهي نسبة مأمونة للغاية ولا تمثل شيئا من الناتج المحلي الإجمالي الذي تضاعف إلى أكثر من 2.7 تريليون ريال.
واستنهضت المملكة الهمم، من أجل الارتقاء بالصناعة الوطنية وجعل ذلك أولوية مطلقة يجب الرهان عليها من أجل الاقتصاد الوطني. وتبلور التوجه من خلال عدة محاور أساسية يمكن إيجازها فيما يلي:
إنشاء هيئة للمدن الصناعية من أجل القيام على شؤون المدن ودعم الصناعات المختلفة لاسيما فيما يتعلق بالتراخيص وتوفير الخدمات الأساسية بصورة سريعة وفعالة. وبفضل الجهود الكبيرة التي قامت بها الهيئة ارتفع عدد المصانع إلى 5384 مصنعا بإجمالي استثمارات تصل إلى 450 مليار ريال بنهاية العام الماضي، ومع ذلك فإن الآمال مازالت معقودة من أجل تجاوز الإشكاليات التي تواجه بعض المصانع وأدت إلى خروج بعض خطوط الإنتاج عن العمل.
الأراضي الصناعية
على الرغم من ضرورة تنويع القاعدة الإنتاجية إلا أن غالبية الصناعات المتوفرة مازالت تدور في فلك الصناعات الكيمياوية التي تستفيد من المزايا النسبية المتوفرة، وفي صدارتها الطاقة الرخيصة والمواد الخام. ولاتزال كثافة العمالة في تلك المصانع محدودة حيث يبلغ عددها 310 آلاف موظف، بزيادة تقدر بأكثر من 177% مقارنة بعام 2007 الذي بلغ فيه عدد المصانع 1950 مصنعا بين منتج وتحت الإنشاء والتأسيس.
ويبقى التعويل قائما على مساهمة القطاع الصناعي في الناتج المحلي الإجمالي حيث لايزال محدودا فيما زادت قيمة مساهمة الصناعات التحويلية غير النفطية في الناتج المحلي من 142 بليون ريال عام 2012 إلى 149 بليون ريال في 2013، بمعدل نمو بلغ 5%.
ولا جدال على أن من أكثر الدلالات على النمو الصناعي في المملكة ارتفاع الطلب على الأراضي الصناعية بنسبة 400% وزيادة عدد المدن الصناعية من 14 إلى 32 مدينة خلال سنوات محدودة وتستفيد الصناعة في المملكة من مزايا عديدة من أبرزها أسعار إيجارات الأراضي والتي لا تزيد على ريال واحد للمتر سنويا، فضلا عن أسعار تنافسية للكهرباء لا تزيد على 22 هللة للكيلو وات.
النمور الآسيوية
أدت هذه المزايا التي تشمل الوقود في الصناعات الكثيفة أيضا، إلى أن تصبح المملكة واحدة من أكثر الدول استقطابا للاستثمارات الأجنبية لاسيما في ظل مزايا أخرى عديدة من أبرزها خفض الضرائب من 40 إلى 20% مع إمكانية ترحيل الخسائر للأعوام التالية. ولا شك أن الاستفادة من النمو في القطاع الصناعي ستكون أكبر بكل المقاييس لو حدث التركيز على تنويع القاعدة الصناعية لتشمل المواد الغذائية والكهربائية والصناعات المتعلقة بمجالات الاقتصاد المعرفي الذي يحقق قيمة مضافة عالية للاقتصاد الوطني يمكن البناء عليها في تكريس صورة غير نمطية للمملكة كدولة منتجة للمعرفة وليست مستهلكة فقط. ويواجه تحقيق هذا الهدف الكثير من التحديات المتعلقة بتغيير السلوك النمطي المعتاد لأبناء المجتمع والتركيز على الإنتاجية وتطوير التعليم منذ مرحلة الحضانة إلى الجامعة ليكون تطبيقيا لا معتمدا على الحشو والنقل فقط. وقد فطنت دول النمور الآسيوية مبكرا إلى كل هذه التحديات، فكانت تجربتها الفريدة بإقامة المدارس الفنية والمهنية بجانب المصانع ليتم التعليم فيها عمليا على أرض الواقع. وقد سدت بذلك مشكلة الفجوة بين التعليم والواقع المعاش. وكان من نتائج هذا التوجه أن غزت صناعتها المختلفة مختلف دول العالم، حتى أوروبا وأمريكا، وامتد هذا التأثير إلى أن تطلب الدول الكبرى السماح لها بإقامة مصانع في هذه البلدان لتستفيد من العمالة الرخيصة والمواد الخام. وكان من نتائج ذلك المزيد من الانتعاش وتحول هذه البلاد إلى قلاع اقتصادية.
تحديات وتفاؤل الوزير
على الرغم من التحديات الكبيرة التي تواجه القطاع الصناعي إلا أن الدكتور توفيق الربيعة وزير التجارة والصناعة رئيس مجلس إدارة الهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية يرى أن الصناعة السعودية حققت تحولا كبيرا في السنوات الأخيرة، وقد وضح ذلك بجلاء في حجم الصناعات التحويلية غير النفطية، إذ بلغ حجم صادراتها أكثر من 200 مليار ريال في العام حاليا.
وقال إن المملكة تصدرت دول الخليج العربي في عدد المصانع وحجم الاستثمار الصناعي وعدد الفرص الوظيفية في القطاع الصناعي وعدد المدن الصناعية، فيما يمثل عدد المصانع في السعودية أكثر من 39 في المئة من المصانع القائمة في دول مجلس التعاون بنهاية العام 2013.
من جانبه، أوضح المدير العام للهيئة السعودية للمدن الصناعية ومناطق التقنية المهندس صالح بن إبراهيم الرشيد، أن الهيئة حققت خلال عام 2013 زيادة ملحوظة في مساحات الأراضي المطورة بالمدن الصناعية، لتبلغ 163 مليون متر مربع مكتملة الخدمات من البنى التحتية الأساسية والخدمات المساندة، كما أن عدد المدن الصناعية التي تشرف عليها الهيئة ارتفع من 14 مدينة صناعية في عام 2007 إلى 32 في عام 2013 شاملة جميع الخدمات، بزيادة بلغت نسبتها نحو 129%. والهيئة تعكف حاليا على نشر المزيد من المدن الصناعية تعزيزا لسعي المملكة لاستقطاب استثمارات نوعية ذات قيمة مضافة بتقديم عدد من التسهيلات والحوافز للصناعة، تشجيعا للشركات المحلية والعالمية، وتشمل أسعارا تشجيعية تبدأ من ريال واحد للمتر المربع الصناعي، وأراضي صناعية شاملة الخدمات في كل المناطق، وقروضا صناعية تصل حتى 75 في المئة من رأس المال مع فترة سداد تصل إلى 20 عاما، وأسعار كهرباء تنافسية، وإعفاءات جمركية للمواد الخام والآلات الداخلة في الصناعة، وأولوية في العقود الحكومية للمواد المصنعة محليا، وبرامج وتسهيلات لدعم تدريب وتوظيف السعوديين. وأوضح أن «مدن» واستكمالا لمشروعها الاستثماري المميز الذي ابتكرته لتنمية الصناعة في المملكة، أنشأت مزيدا من المصانع الجاهزة متكاملة الخدمات خلال عام 2013 وتم تأجيرها للمستثمرين، وارتفع عدد المصانع الجاهزة إلى 306، بمساحة تبلغ 900 متر مربع لصالة الإنتاج، تم تأجير 40 منها للمستثمرين الصناعيين، فيما يجري العمل لتكملة تجهيز 266 مصنعا بنهاية العام 2014.
إشكاليات عديدة
وعلى الرغم من الصورة الوردية التي يوردها المسؤولون عن القطاع الصناعي للواقع، إلا أن «مدن» تواجه إشكاليات عديدة، فيما يتعلق بعملية تخصيص الأراضي والزيادات التي تم إقرارها مؤخرا، وكذلك ضعف الأيدي العاملة الماهرة القادرة على مواكبة متطلبات الصناعة الحديثة وصعوبات الاستقدام المتعلقة بالعمالة.
وفي هذا الإطار، تجدر الإشارة إلى دعوة وزير العمل حيث طالب بضرورة التركيز على التقنية في المصانع لترشيد العمالة الكثيفة غير المدربة. كما تواجه الصناعة السعودية تحديا من نوع آخر يتعلق بإغراق السوق بسلع رديئة الجودة من دول آسيوية مما يؤثر على سبل نمو الصناعة الوطنية لاسيما في ظل ضعف وعي غالبية المستهلكين وبقاء السعر الرخيص الحاكم الأول لهم في مجال الشراء.
وقد أدى ذلك إلى إغلاق بعض المصانع أبوابها لصعوبة خوض المنافسة مع السلع القادمة من الخارج، بينما الصناعة الوطنية مطالبة بتحقيق عاملين أساسيين هما الجودة والسعر المناسب لتظل لها القدرة على البقاء في السوق. ولا شك أن مختلف الدول ولاسيما الغربية تضرب بعرض الحائط قواعد التجارة العالمية وتعمل من أجل تعزيز أوضاع صناعتها وزراعتها الوطنية، وإذا كنا لا نقر بمثل هذه السياسات ونطالب بضرورة نفاذ سلعنا إلى الأسواق العالمية، فإن الواجب علينا تطبيق مبدأ المعاملة بالمثل مع هذه الدول التي وصل بها الحال إلى إلقاء منتجات الألبان في عرض البحر حتى تحافظ على أسعار تصديرها إلى الخارج مرتفعة.
وعلى الرغم من الوعي المتزايد، فإن الترويج للصناعة السعودية في الأسواق العالمية، لايزال ضعيفا للغاية، وهنا تبرز الدعوات لإعادة معارض «صنع في السعودية» بلون وصبغة حديثة تأخذ في الاعتبار المستجدات المختلفة عن فترة التسعينيات، كما ينبغي البحث عن الأسواق البكر لدخولها والتركيز على الصناعات التي يمكن أن توفر وفرة ملحوظة في أعداد الوظائف.