في الأسبوع الماضي، قدر لي أن أحضر مناسبتين جميلتين كل منهما تحتاج إلى مقال خاص، وخشية من فوات وقت مناسبتيهما آثرت أن أجمعهما في مقال واحد، ولعل ذلك يبرر ما قد يجده الإخوة القراء من تقصير هنا أو هناك.
** مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الذي ترعاه شركة أرامكو السعودية احتفى باليوم العالمي للكتاب بطريقة جميلة وفيها الكثير من التجديد والابتكار؛ فقد خصص القائمون عليه ذلك اليوم للحديث عن أدب الأطفال، حيث استضافوا مجموعة من المختصين بأدب الأطفال ــ رجالا ونساء ــ للحديث عن تجاربهم العملية التي قدموها للأطفال في السنوات الماضية أو التي ما زالوا يعملون عليها مستقبلا، أما المدعوون فكان غالبيتهم العظمى من النساء والطالبات، ولأنني جئت قبل الموعد المحدد بدقائق، ولم أجد أحدا من الرجال، بينما وجدت أعدادا من النساء، ورأيت أنهن يزدن شيئا فشيئا أصبت بخوف شديد، وبدأت أدعو الله أن يمن علي برجل آنس به، واستجاب الله لدعائي ولكن بعد وقت أحسبه كان طويلا!!
الدكتورة أروى الخميس الأستاذة في جامعة الملك عبدالعزيز روت للحضور تجربتها في كتابة القصة للأطفال، وتحدثت عن الصعوبات التي تواجه المؤلف من بداية الكتابة وحتى مرحلة طباعة الكتاب ثم توزيعه، وللدكتورة تجربة ثرية في أدب الأطفال، خصوصا في كتابة القصص القصيرة، ثم تحدث الأستاذ فهد الحجي عن مجلات الأطفال وكيفية كتابتها، وباعتباره متخصصا في هذا المجال، فقد كان حديثه ممتعا ومفيدا في الوقت نفسه، كما أن الدكتورة ثريا بترجي كانت لها تجربة جيدة مع رسومات الأطفال روتها للحضور، وكانت هذه الرسومات تتم بصورة مميزة وغير تقليدية.
الشاب عويد السبيعي كان له تجربة مميزة في كيفية تشجيع الأطفال على القراءة، وقد روى للحضور كيف بدأت تلك الفكرة وكيف استطاع أن يعبر عنها بصورة عملية، والجميل فيها أنها من تجارب الشباب التي ينبغي أن تشجع وتدعم ليس من أرامكو وحدها، بل من وزارة التربية والتعليم، ومن رجال المجتمع أيضا.
قامت أرامكو (البترولية) بعمل ثقافي رائع، وعلى أيدي شباب وشابات ذوي كفاءات كبيرة، هذا العمل يصب في مصلحة المجتمع وفي أهم ما يحتاجه (الثقافة)، وقد استمعنا من فؤاد الذرمان مدير المركز إلى شيء من الطموحات الثقافية التي سيقوم بها المركز، والتي نأمل نحن أن نراها في المنطقة الشرقية، ثم نأمل أن يراها الآخرون في كل مناطق بلادنا الغالية.
** وفي الأسبوع الماضي ــ أيضا ــ استمتعت بسماع محاضرة معالي الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محكمة الاستئناف في الرياض وعضو مجلس القضاء الأعلى التي خصصها للحديث عن الخطوات التي تمت لتطوير المنظومة القضائية في بلادنا.
المحاضرة جاءت بدعوة من الغرفة التجارية في الأحساء، وتحديدا من رئيس لجنة المحامين المشهود له بالنشاط الدكتور يوسف الجبر، وقد رافق الشيخ الحميد الشيخان الفاضلان سعود العثمان وعلي الحسين، وهما قاضيان في محكمة الاستئناف في الرياض، وكلاهما مشهود له بالجدية في العمل وفي مرونة الفكر القضائي، وفي محاضرته تمكن الشيخ بشكل جيد من طرح رؤية وزارة العدل ووزيرها الدكتور محمد العيسى في تطوير القضاء؛ ومن جملة ذلك التطوير تقصير مدة التقاضي بين الخصوم، حيث أكد أن كثيرا من القضايا تحل في جلسة واحدة، وهناك ما يتم حله ما بين جلسة واحدة إلى ست جلسات، وهذا يعد إنجازا كبيرا ــ كما قال. لكن الشيخ لم يحدد لنا المدة ما بين الجلسة والأخرى!! والإنجاز الآخر ــ حسب فضيلته ــ هو ضبط دوام القضاة وكذلك ضبط جلساتهم القضائية. ومع أنني أعد ذلك إنجازا، إلا أن الأهم ــ في نظري ــ هو البحث عن كمية القضايا المنجزة، والشيء الآخر الذي يجب الالتفات إليه هو أن القاضي يقضي وقتا طويلا وهو يعمل في منزله بغية الاطلاع الكافي على القضايا التي سينظرها في اليوم التالي، وهذا يجب أن يحسب له ويكافأ عليه، وبالمناسبة فإن كثيرا من الدول تجعل دوام القاضي في المحكمة جزء من الأسبوع وتفرغه في الأيام الباقية لدراسة القضايا المحالة إليه، ولعل الوزارة تنظر فيما يحقق مصلحة المواطن ومصلحة القاضي في الوقت نفسه لتكتمل الصورة بين الجانبين.
الإنجاز الأهم الذي تحدث عنه معالى الشيخ هو تكليف كل قاض بنوعية معينة من القضايا (التخصص)، والهدف من ذلك أن يتفرغ كل قاضٍ لدراسة قضاياه بشكل معمق ليبدع فيها، ولكي لا يتشتت ذهنه حينما ينتقل في اليوم الواحد ما بين قضية جنائية وأخرى زوجية وثالثة وقفية وهكذا، وقد قلت للشيخ في مداخلتي إنني كتبت مقالا قبل حوالي ربع قرن طالبت فيه بما فعله الوزير هذه الأيام، وقد قوبل طلبي ــ آنذاك ــ بكثير من الاستغراب، بل والاستهجان!!
أشياء كثيرة تحدث عنها الشيخ، منها أهمية القضاء في تحقيق الأمن والاستقرار، وأن قضاءنا يعتمد على الشريعة الإسلامية، كما أن مجموعة المحاكم ذات التخصصات المتنوعة ستنضوي تحت مظلة وزارة العدل، أما عما يهم الإحسائيين بشكل خاص، فهو موافقة مجلس القضاء الأعلى على فتح محكمة استئناف في بلدهم، وقد وعدهم بالسعي من أجل تحقيق ذلك، وقد سبقه في هذا الوعد معالي الوزير في زيارة سابقة له للأحساء، ولعل الحفاوة البالغة التي قوبلا بها ــ وهما يستحقانها ــ تشجعهما على تحقيق ذلك المطلب!!
الشيء الذي يزعج المحاضر ــ كما قال ــ هو تدخل الإعلام في القضاء، وأكد أن هذا التدخل مرفوض، ولا سيما حين تكون القضايا منظورة أمام المحاكم، وأكدت لفضيلته أنني أتفق معه تماما في هذه القضية، وأن واجب الوزارة أن تحمي قضاتها من هذه الأعمال التي تنتهك حرمة القضاء وحرمة القاضي أيضا، وقد تؤثر سلبا على مجريات القضية، ولكن وبعد كلامنا قرأت في بعض صحفنا شيئا من ذلك التدخل المقيت، والأمر متروك للوزارة وقضاتها.
نردد دائما أن العدل هو أساس الملك، والمؤكد أن العدالة إذا اختلت اختل الأمن وسادت شريعة الغاب، وبدأ كل واحد يعمل على أخذ حقه بنفسه، فتسود الفوضى والاضطراب، ومن هنا جاءت أهمية القضاء، وأيضا خطورة عمل القاضي، والمؤكد أن قضاتنا يدركون ذلك جيدا، والمؤمل أن تسهل لهم وزارتهم كل ما ييسر لهم أعمالهم من وسائل مادية أو معنوية، فالقضاء هو عرض هذه الأمة، والأمة التي لا تدافع عن عرضها أمة لا قيمة لها.
malharfi@hotmail.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة
** مركز الملك عبدالعزيز الثقافي العالمي الذي ترعاه شركة أرامكو السعودية احتفى باليوم العالمي للكتاب بطريقة جميلة وفيها الكثير من التجديد والابتكار؛ فقد خصص القائمون عليه ذلك اليوم للحديث عن أدب الأطفال، حيث استضافوا مجموعة من المختصين بأدب الأطفال ــ رجالا ونساء ــ للحديث عن تجاربهم العملية التي قدموها للأطفال في السنوات الماضية أو التي ما زالوا يعملون عليها مستقبلا، أما المدعوون فكان غالبيتهم العظمى من النساء والطالبات، ولأنني جئت قبل الموعد المحدد بدقائق، ولم أجد أحدا من الرجال، بينما وجدت أعدادا من النساء، ورأيت أنهن يزدن شيئا فشيئا أصبت بخوف شديد، وبدأت أدعو الله أن يمن علي برجل آنس به، واستجاب الله لدعائي ولكن بعد وقت أحسبه كان طويلا!!
الدكتورة أروى الخميس الأستاذة في جامعة الملك عبدالعزيز روت للحضور تجربتها في كتابة القصة للأطفال، وتحدثت عن الصعوبات التي تواجه المؤلف من بداية الكتابة وحتى مرحلة طباعة الكتاب ثم توزيعه، وللدكتورة تجربة ثرية في أدب الأطفال، خصوصا في كتابة القصص القصيرة، ثم تحدث الأستاذ فهد الحجي عن مجلات الأطفال وكيفية كتابتها، وباعتباره متخصصا في هذا المجال، فقد كان حديثه ممتعا ومفيدا في الوقت نفسه، كما أن الدكتورة ثريا بترجي كانت لها تجربة جيدة مع رسومات الأطفال روتها للحضور، وكانت هذه الرسومات تتم بصورة مميزة وغير تقليدية.
الشاب عويد السبيعي كان له تجربة مميزة في كيفية تشجيع الأطفال على القراءة، وقد روى للحضور كيف بدأت تلك الفكرة وكيف استطاع أن يعبر عنها بصورة عملية، والجميل فيها أنها من تجارب الشباب التي ينبغي أن تشجع وتدعم ليس من أرامكو وحدها، بل من وزارة التربية والتعليم، ومن رجال المجتمع أيضا.
قامت أرامكو (البترولية) بعمل ثقافي رائع، وعلى أيدي شباب وشابات ذوي كفاءات كبيرة، هذا العمل يصب في مصلحة المجتمع وفي أهم ما يحتاجه (الثقافة)، وقد استمعنا من فؤاد الذرمان مدير المركز إلى شيء من الطموحات الثقافية التي سيقوم بها المركز، والتي نأمل نحن أن نراها في المنطقة الشرقية، ثم نأمل أن يراها الآخرون في كل مناطق بلادنا الغالية.
** وفي الأسبوع الماضي ــ أيضا ــ استمتعت بسماع محاضرة معالي الشيخ عبدالعزيز بن صالح الحميد رئيس محكمة الاستئناف في الرياض وعضو مجلس القضاء الأعلى التي خصصها للحديث عن الخطوات التي تمت لتطوير المنظومة القضائية في بلادنا.
المحاضرة جاءت بدعوة من الغرفة التجارية في الأحساء، وتحديدا من رئيس لجنة المحامين المشهود له بالنشاط الدكتور يوسف الجبر، وقد رافق الشيخ الحميد الشيخان الفاضلان سعود العثمان وعلي الحسين، وهما قاضيان في محكمة الاستئناف في الرياض، وكلاهما مشهود له بالجدية في العمل وفي مرونة الفكر القضائي، وفي محاضرته تمكن الشيخ بشكل جيد من طرح رؤية وزارة العدل ووزيرها الدكتور محمد العيسى في تطوير القضاء؛ ومن جملة ذلك التطوير تقصير مدة التقاضي بين الخصوم، حيث أكد أن كثيرا من القضايا تحل في جلسة واحدة، وهناك ما يتم حله ما بين جلسة واحدة إلى ست جلسات، وهذا يعد إنجازا كبيرا ــ كما قال. لكن الشيخ لم يحدد لنا المدة ما بين الجلسة والأخرى!! والإنجاز الآخر ــ حسب فضيلته ــ هو ضبط دوام القضاة وكذلك ضبط جلساتهم القضائية. ومع أنني أعد ذلك إنجازا، إلا أن الأهم ــ في نظري ــ هو البحث عن كمية القضايا المنجزة، والشيء الآخر الذي يجب الالتفات إليه هو أن القاضي يقضي وقتا طويلا وهو يعمل في منزله بغية الاطلاع الكافي على القضايا التي سينظرها في اليوم التالي، وهذا يجب أن يحسب له ويكافأ عليه، وبالمناسبة فإن كثيرا من الدول تجعل دوام القاضي في المحكمة جزء من الأسبوع وتفرغه في الأيام الباقية لدراسة القضايا المحالة إليه، ولعل الوزارة تنظر فيما يحقق مصلحة المواطن ومصلحة القاضي في الوقت نفسه لتكتمل الصورة بين الجانبين.
الإنجاز الأهم الذي تحدث عنه معالى الشيخ هو تكليف كل قاض بنوعية معينة من القضايا (التخصص)، والهدف من ذلك أن يتفرغ كل قاضٍ لدراسة قضاياه بشكل معمق ليبدع فيها، ولكي لا يتشتت ذهنه حينما ينتقل في اليوم الواحد ما بين قضية جنائية وأخرى زوجية وثالثة وقفية وهكذا، وقد قلت للشيخ في مداخلتي إنني كتبت مقالا قبل حوالي ربع قرن طالبت فيه بما فعله الوزير هذه الأيام، وقد قوبل طلبي ــ آنذاك ــ بكثير من الاستغراب، بل والاستهجان!!
أشياء كثيرة تحدث عنها الشيخ، منها أهمية القضاء في تحقيق الأمن والاستقرار، وأن قضاءنا يعتمد على الشريعة الإسلامية، كما أن مجموعة المحاكم ذات التخصصات المتنوعة ستنضوي تحت مظلة وزارة العدل، أما عما يهم الإحسائيين بشكل خاص، فهو موافقة مجلس القضاء الأعلى على فتح محكمة استئناف في بلدهم، وقد وعدهم بالسعي من أجل تحقيق ذلك، وقد سبقه في هذا الوعد معالي الوزير في زيارة سابقة له للأحساء، ولعل الحفاوة البالغة التي قوبلا بها ــ وهما يستحقانها ــ تشجعهما على تحقيق ذلك المطلب!!
الشيء الذي يزعج المحاضر ــ كما قال ــ هو تدخل الإعلام في القضاء، وأكد أن هذا التدخل مرفوض، ولا سيما حين تكون القضايا منظورة أمام المحاكم، وأكدت لفضيلته أنني أتفق معه تماما في هذه القضية، وأن واجب الوزارة أن تحمي قضاتها من هذه الأعمال التي تنتهك حرمة القضاء وحرمة القاضي أيضا، وقد تؤثر سلبا على مجريات القضية، ولكن وبعد كلامنا قرأت في بعض صحفنا شيئا من ذلك التدخل المقيت، والأمر متروك للوزارة وقضاتها.
نردد دائما أن العدل هو أساس الملك، والمؤكد أن العدالة إذا اختلت اختل الأمن وسادت شريعة الغاب، وبدأ كل واحد يعمل على أخذ حقه بنفسه، فتسود الفوضى والاضطراب، ومن هنا جاءت أهمية القضاء، وأيضا خطورة عمل القاضي، والمؤكد أن قضاتنا يدركون ذلك جيدا، والمؤمل أن تسهل لهم وزارتهم كل ما ييسر لهم أعمالهم من وسائل مادية أو معنوية، فالقضاء هو عرض هذه الأمة، والأمة التي لا تدافع عن عرضها أمة لا قيمة لها.
malharfi@hotmail.com
للتواصل أرسل sms إلى 88548 الاتصالات ,636250 موبايلي, 738303 زين تبدأ بالرمز 213 مسافة ثم الرسالة