-A +A
عبدالإله ساعاتي
قبيل إنشاء مركز الأورام بمستشفى الملك عبدالعزيز في العام 1415هـ.. لم يكن في مدينة جدة بل في المنطقة الغربية كلها أي مركز طبي حكومي لمعالجة مرضى «السرطان» ــ أجارنا الله جميعا من الأمراض وشفى مرضانا ــ إنه سميع مجيب.
ولقد كانت الحاجة آنذاك ماسة جدا لخدمات مثل هذا المركز في ظل تنامي أعداد المصابين بهذا المرض العضال.

قام حينها الدكتور حسن بن إسماعيل غزنوي مدير الشؤون الصحية بجدة بتبني فكرة إنشاء مركز متخصص لعلاج مرضى السرطان وبذل جهودا كبيرة ومميزة حتى تمكن من تحويل الحلم إلى حقيقة وأنشئ (مركز الأورام) تابعا لمستشفى الملك عبدالعزيز بتمويل مالي من الشيخ خالد بن محفوظ تغمده الله بواسع رحمته وأثابه في آخرته على هذا العمل الخيري الكبير.
ومنذ ذلك الحين وحتى يومنا هذا عالج المركز آلاف المرضى الطالبين للعلاج من أمراض السرطان من المنطقة الغربية والجنوبية والشمالية في المملكة.. حيث كان طوال العقود الماضية ملاذا علاجيا لأصعب الأمراض.
وظل المركز منذ إنشائه جزءا من مستشفى الملك عبدالعزيز بجدة حيث إن المسمى الرسمي للمستشفى منذ إنشاء المركز هو (مستشفى الملك عبدالعزيز ومركز الأورام بجدة). فالمركز يقع داخل فناء المستشفى ومرضى المركز ينومون في أقسام التنويم بالمستشفى.
ولكن فجأة ودون سابق إنذار أصدرت وزارة الصحة قرارا عجيبا غريبا قضى بفصل مركز الأورام عن مستشفى الملك عبدالعزيز.. وربطه طبيا وإداريا وتشغيليا بمدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة !!.
تصوروا المركز في جدة وفي داخل مستشفى عام.. ولكنه لا يرتبط بالمستشفى الذي يقع في داخله.. بل يرتبط بمستشفى يقع على بعد نحو 90 كلم في أقصى أطراف مكة المكرمة !!.
أمر عجيب وغريب فعلا.. ولا يمكن أن تكون لاتخاذه أي مبررات طبية أو موضوعية ومنطقية.
ونتيجة لهذا القرار أصبحت إعاشة التغذية التي تقدم لمرضى مركز الأورام بجدة تأتي يوميا من مدينة الملك عبدالله الطبية في مكة المكرمة.. الأمر الذي تسبب بحالات تسمم للمرضى !!.
وأصبح المرضى وذووهم مضطرين للذهاب إلى مكة المكرمة لمراجعة مدينة الملك عبدالله الطبية من أجل قبولهم في مركز الأورام بجدة.. الأمر الذي سبب الكثير من المعاناة والإرهاق للمرضى.
ويشار إلى أن مريضا كان منوما في مستشفى الملك عبدالعزيز وتبين أنه مصاب بورم.. حيث قرر الطبيب إحالته إلى مركز الأورام.. وكانت غرفة مرضى الأورام على بعد خطوات من الغرفة المنوم فيها المريض.. ولكن الآلية المتبعة تقضي بأن يرسل طلب تحويل المريض إلى مدينة الملك عبدالله الطبية بمكة المكرمة لأخذ الموافقة!! وحيث استغرق أخذ الموافقة عدة أيام فلقد توفي الله المريض ــ رحمه الله وسائر موتى المسلمين ــ قبل أن تأتي الموافقة من مدينة الملك عبدالله الطبية.
هذه الحالات وغيرها.. إضافة إلى مرئيات المرضى المراجعين للمركز تفيد بأن الآلية المتبعة بربط مركز الأورام بمدينة الملك عبدالله الطبية هي آلية عقيمة.. أدت إلى تراجع مستوى الخدمات المقدمة لمرضى أصعب الأمراض.. والذين صدرت القرارات الرسمية بتقديم العلاج الفوري لهم.. وليس تعطيل تقديم الخدمة العلاجية لهم بقرارات أستطيع القول بأنها عقيمة.. ذلك أن عدم استقبال المرضى إلا بعد روتين طويل من الإجراءات والمراجعات والسفر إلى مكة المكرمة ــ شرفها الله ــ من أجل استكمال إجراءات قبول المرضى وملفاتهم.. هو أمر يسبب لهم المشقة والمعاناة.
وأقول أعان الله وزير الصحة الجديد المهندس عادل محمد فقيه.. حيث سيجد الكثير من الملفات والمشكلات الشائكة التي تحتاج إلى معالجة وإصلاح.. ولكن اختيار ولي الأمر له لتولي هذه المهمة إنما جاء عقب النجاحات التي حققها بحرفية واقتدار في وزارة العمل.
وأدعوا معاليه هنا من منطلق مصلحة المرضى أن يتدخل لإصلاح وضع مركز الأورام بمستشفى الملك عبدالعزيز بجدة وإعادة تابعيته إلى المستشفى الذي يقع داخل فنائه.. وذلك رفعا للمشقة والعناء على مرضى هذه الأمراض.. فهم أمس الناس حاجة إلى المساعدة والدعم والتخفيف.