-A +A
حافظ البرغوثي
يحاول رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الدفع بمشروع قانون في القانون الأساس الإسرائيلي يعتبر إسرائيل دولة قومية للشعب اليهودي. وحاول نتنياهو التخفيف من طابع اقتراحه العنصري الديني بقوله إن دولة إسرائيل تمنح الحقوق المتساوية لمواطنيها، وهذا النصف من كلامه يتعارض مع النصف الآخر، خصوصا أن أكثر من 1.5 مليون من مواطني الكيان الإسرائيلي هم من العرب ولا يتمتعون بالحقوق نفسها حتى الآن، فما بالك إذا تم تشريع يهودية دولة إسرائيل، فإن أي غير يهودي سيكون عرضة للترحيل أو الانتقاص من حقوقه بشكل كبير وعنصري. فقد بدأت البلدية اليهودية في القدس منذ فترة بفرض الطابع اليهودي على المواطنين العرب في المدينة في الأعياد اليهودية، وحظرت بيع الكعك والخبز وصادرته من المتاجر والمخابز بحجة أن العيد اليهودي يحظر تناول الخبز المختمر بل الفطير. وقال عضو في البلدية: لقد وعدنا ناخبينا بتطبيق الشرعية في القدس وها نحن نفعل. ومن الإجراءات الأخرى التي اتخذها الإسرائيليون تخفيض صوت رفع الأذان في المساجد في المدن المختلطة داخل الكيان الإسرائيلي، وثمة خطة لتخفيض صوت الأذان في مساجد القدس وفي القرى الفلسطينية المحاذية للمستوطنات في الضفة الغربية، وهذه الإجراءات العنصرية تأتي في سياق فرض الطابع اليهودي على المسلمين بقوة الاحتلال. وغني عن التذكير أن ما من دولة في العالم سنت قوانين من شأنها إضفاء الطابع الديني على السكان حتى لو كانوا على دين آخر، ولكن إسرائيل التي تلقت نصائح أوروبية وأمريكية أيضا حول خطورة إعلانها كدولة لليهود تجاهلت التحذيرات كلها، حيث سيصبح أي يهودي أمريكي أو أوروبي موضع تمييز طالما أن الدولة التي تدعي الوصاية عليه تمارس التمييز الديني ضد الآخرين. ولعل هدف نتنياهو ليس التدين، بل هو إجبار الفلسطينيين على الاعتراف بأن الأرض المقامة عليها إسرائيل هي أرض لليهود، أي الاعتراف بالرواية اليهودية للتاريخ وإسقاط المطالب الفلسطينية منذ عام 1948 بالكامل. وهذا ما يتناقض مع ما كان يقوله أبا إيبان وزير خارجية إسرائيل منذ مطلع الخمسينيات وأحد مؤسسي الكيان الإسرائيلي عندما ردد أن قادة اليهود أخطأوا في إعلان دولتهم باسم إسرائيل، بل كان يجب إعلانها كدولة فلسطينية، ما يعني طمس المطالب الفلسطينية بالكامل، ولن يظهر بعدها من يدعي أنه فلسطيني؛ لأن فلسطين دولة قائمة. فإيبان كان يريد الاستحواذ على الأرض الفلسطينية والاسم الفلسطيني، فيما أن نتيناهو يريد الشيء نفسه، ولكن بطريقة أخرى اسمها إسرائيل دولة قومية لليهود. مع أن اليهودية دين وليست قومية.