-A +A
منصور الطبيقي
يخبرني صديق يعمل بدائرة حكومية أنه لا يأتي عليه نصف الشهر إلا وقد أوشك على صرف راتبه كاملا (10 آلاف ريال).
ثم يبدأ بسلسلة من عمليات ممنهجة للتقشف في المأكل والملبس وحتى الاقتصاد في الخروج بالسيارة، وفي الغالب لا بد أن يقترض حتى يلبي احتياجات الأسرة الأساسية والضرورية.

صديقي هذا لديه ثلاثـة أطفال ويسكن شقة بالإيجار في أحد المجمعات السكنية في شمال مدينة جدة يبلغ إيجارها السنوي 36 ألف ريال، وهذه بالمناسبة تكلفة معقولة في ظل ارتفاع أسعار الإيجارات للشقق في جميع أنحاء المملكة وخاصة بجدة.
يقول لي: أنا أستقطع مبلغ الإيجار الشهـري ثلاثـة آلاف ريال وأودعها في حساب بنكي خاص، وأجعل البطاقة البنكية مع زوجتي حتى لا أضطر للسحب منها.
قلت له مباشرة، تبقى لك سبعة آلاف فلماذا لا تعمل لك ميزانية بمصروفاتك الشهرية وتصرف الراتب بمقتضاها، رد علي بإنفعال أنا أعمل ذلك لكنها لم تصب ولو مرة واحدة!.
يضيف لي: راتب الخادمة الشهري هو ألف وخمسمائة ريال، و أتبضع مؤونة البيت من المواد الغذائية بألف ريال، وقمت بتخصيص خمسمائة ريال للحليب الصناعي وحفائظ ابنتي الرضيعة، وأدفع فواتير الهاتف المتنقل لي ولزوجتي والهاتف الثابت بألف ريال تقريبا، ولابد أن أحضر لأهلي (أكلة) سمك مرة واحدة في الشهر تكلفني من 300 ــ 400 ريال في ظل غياب الرقابة على تسعيرات محلات الأسماك، وأتفاجأ شهريا بمناسبات وصرفيات تقضي على ما تبقى من الراتب قبل انتهاء الشهر!. قبل عقد من الزمن، كنا ننظر إلى من يتقاضى راتب عشرة آلاف ريال شهريا أنه موظف (مبسوط)، أما الآن ومع ارتفاع أسعار السلع والخدمات الضرورية، صرنا نعده موظفا متوسط الدخل أو أقل من متوسط.
قبل عقد من الزمن، كان سعر الدجاجة مع الرز البخاري بـ 13 ريالا، الآن وصل السعر في بعض المطاعم إلى 28 ريالا، كان سعر بطارية السيارة 50 ريالا الآن يتم تغييرها بأكثر من 200 ريال، أصبح سعر الكشف الطبي في مستشفى خاص عند طبيب استشاري يقضي معه المريض أقل من عشر دقائق بثلاثمائة ريال، وكان بمائة ريال!.
أتمنى من قلبي أن يتم إعادة النظر في رواتب الموظفين بالدولة وفي القطاع الخاص لكي تتناسب مع ارتفاع الأسعار الجنوني، كما لا بد من التفعيل والبدء الفوري بتأسيس جمعيات تعاونية استهلاكية لضبط أسعار المواد الغذائية ومحاربة جشع التجار، فهناك أنموذج رائع في دولة خليجية شقيقة وهي الكويت، حيث يوجد بها 56 جمعية تعاونية وأكثر من 350 فرعا لها في جميع أنحاء الكويت تقوم بضبط الأسعار وتخفيضها عن طريق الشراء الجماعي لبعض أنواع السلع حتى تحصل بموجبه على خصومات كبيرة، ليستفيد منها أبناء الحي بأسعار في متناول اليد، ودورها لا يقتصر فقط على الغذاء، بل على جميع أوجه الحياة الاجتماعية والسكنية والصحية والتدريبية والثقافية.