لفهم السياسة الخارجية لدولة ما، خاصة إذا ما كانت دولة عظمى، لابد من فهم تاريخ هذه الدولة وتركيبتها الجغرافية والديموغرافية ونظامها السياسي وكيفية صناعة القرار في أروقة ودهاليز مؤسسات الحكم فيها.. وأخيرا، نظام القيم الذي يتحكم في سلوك مؤسسات صناعة سياستها الخارجية. تاريخيا: أخذ من الولايات المتحدة ، منذ استقلالها وكتابة دستورها (4 يوليو 1776 ــ 17 سبتمبر 1787) وحتى نهاية القرن التاسع عشر بإعلان انضمام هاواي (1900) 113 سنة، لرسم خريطة الولايات المتحدة الحالية الممتدة من المحيط الأطلسي شرقا إلى وسط المحيط الهادي غربا ومن خليج المكسيك والمكسيك جنوبا إلى البحيرات العظمى وجنوب كندا شمالا، بمساحة هي الثالثة من بين مساحات دول العالم تبلغ 9,83 مليون كم مربع، ويقطنها 315 مليون نسمة يشكلون في ما بينهم اليوم ألوان الطيف العرقي والديني والثقافي للجنس البشري على هذه البسيطة.
لقد استخدمت حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة، في ظل سياسة توسعية ممنهجة منذ الاستقلال، كافة الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية في رسم خريطة الولايات المتحدة. فمن التوسع عنوة بالقوة المسلحة، مثل: طرد الأسبان من ولايات فلوريدا وساحل خليج المكسيك وحتى ولاية لويزيانا (1819).. وشراء الأراضي بأثمان بخسة من أمبراطوريات آفلة، كما حدث في صفقة لويزيانا ( 1803)، حيث اشترت حكومة الولايات المتحدة آنذاك من نابليون الأراضي الممتدة من ولاية لويزيانا على خليج المكسيك وحتى ولاية مونتانا على الحدود الجنوبية لكندا وتتكون من 15 ولاية بمبلغ وقدره 63 مليون فرنك فرنسي فقط لا غير! كما اشترت ولاية ألاسكا الغنية بمواردها والخطيرة بموقعها الاستراتيجي على المحيط الهادي في أقصى شمال غرب الولايات المتحدة من قيصر روسيا سنة (1867) بمبلغ 7,2 مليون دولار فقط لا غير!. وأخيرا: اقتطعت، من المكسيك بالحرب والدبلوماسية، ولاية تكساس ( 1848) وولايات الغرب الأمريكي في منطقة أوريغون من الإنجليز (1846)، وكانت الجائزة الكبرى ولاية كاليفورنيا من المكسيك (1850).
التوسع لم يكن فقط يترجم كأحد مقومات السياسة الخارجية الأمريكية على شكل مواقع جغرافية يتكون منها إقليم الولايات المتحدة فقط، بل أيضا، على شكل قيمة استراتيجية يرسم بها نفوذ واشنطن الكوني، منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن، يمتد في شكل وجود صلب على الأرض حتى نهاية الحرب الكونية الثانية مثل ما كان عليه الحال في الفلبين وبعض دول أمريكا اللاتينية.. أو في شكل وجود ونفوذ استراتيجي، عن بعد، كما هو الحال ضمن مظلة حلف شمال الأطلسي الأمريكية، أو كما هو الحال اليوم في إطار دبلوماسي واقتصادي لتواجد أمريكي على الأرض في مواقع منتقاة منتشرة في طول الكرة الأرضية وعرضها.
لكن التوسع لم يكن القيمة الاستراتيجية الوحيدة التي تشكل سلوك الولايات المتحدة على مسرح السياسة الدولية. كانت هناك قيمة أخرى تضغط للحد من انخراط الولايات المتحدة في مشكلات وتعقيدات مسرح السياسة الدولية. هناك، في كل الأحوال، كان يوجد تيار انعزالي في واشنطن يأخذ بحكمة الانغلاق الداخلي ليبتعد عن تعقيدات ومحاذير التهـور والتسرع في الانغماس في مشكلات العالم المكلف وغير المتوقعة نتائجه وغير المضمونة عوائده. ويمكن القول، بشيء من الثقة: إن التيار التوسعي في السياسة الخارجية الأمريكية يتبناه الجمهوريون، بينما يميل الديمقراطيون إلى التحفظ والابتعاد، قدر الإمكان، عن الانخراط والتورط في مشكلات العالم.
إلا أن هذه القواعد لها شواذ تاريخية واستراتيجية مهمة. على سبيل المثال: الديمقراطيون هم الذين دخلوا الحربين الكونية الأولى والثانية وهم أيضا الذين أعادوا الولايات المتحدة إلى العزلة في الفترة ما بين الحربين ولم تنضم أمريكا في عهدهم إلى معاهدة فرساي (1919) رغم إعلان الرئيس ودرو ويلسون مبادئه الأربعة عشر عقب الحرب الكونية الأولى!. بينما كان للجمهوريين خطأ التورط في الحرب الكورية، كان للديموقراطيين خطيئة التورط في حرب فيتنام، وللجمهوريين فضل الخروج من المستنقع الفيتنامي!. ومثل ما يوصم الجمهوريون بخطيئة غزو العراق وأفغانستان، يتحمل الديمقراطيون، في عهد إدارة أوباما اليوم، جريرة التقاعس عن نصرة حقوق الإنسان في سوريا، ووزر العبث الإيـراني بأمن الخليج العربي كأهم منطقة استراتيجية حساسة في العالم.. وكذلك عدم الاهتمام بما يحدث في منطقة القرم والبحر الأسود ومنطقة القوقاز..
وكقاعدة عامة: يظهـر عجز واشنطن في عدم تحديد الخيط الفاصل بين التوسع والانعزالية في سياسة الديمقراطيين والجمهوريين الخارجية، على حدٍ سواء، عندما تتوه بوصلة سياستهم الخارجية في الاستدلال إلى طريق السلام في أرض السلام والرسالات (فلسطين).
لقد استخدمت حكومات الولايات المتحدة المتعاقبة، في ظل سياسة توسعية ممنهجة منذ الاستقلال، كافة الأدوات الاقتصادية والدبلوماسية والعسكرية في رسم خريطة الولايات المتحدة. فمن التوسع عنوة بالقوة المسلحة، مثل: طرد الأسبان من ولايات فلوريدا وساحل خليج المكسيك وحتى ولاية لويزيانا (1819).. وشراء الأراضي بأثمان بخسة من أمبراطوريات آفلة، كما حدث في صفقة لويزيانا ( 1803)، حيث اشترت حكومة الولايات المتحدة آنذاك من نابليون الأراضي الممتدة من ولاية لويزيانا على خليج المكسيك وحتى ولاية مونتانا على الحدود الجنوبية لكندا وتتكون من 15 ولاية بمبلغ وقدره 63 مليون فرنك فرنسي فقط لا غير! كما اشترت ولاية ألاسكا الغنية بمواردها والخطيرة بموقعها الاستراتيجي على المحيط الهادي في أقصى شمال غرب الولايات المتحدة من قيصر روسيا سنة (1867) بمبلغ 7,2 مليون دولار فقط لا غير!. وأخيرا: اقتطعت، من المكسيك بالحرب والدبلوماسية، ولاية تكساس ( 1848) وولايات الغرب الأمريكي في منطقة أوريغون من الإنجليز (1846)، وكانت الجائزة الكبرى ولاية كاليفورنيا من المكسيك (1850).
التوسع لم يكن فقط يترجم كأحد مقومات السياسة الخارجية الأمريكية على شكل مواقع جغرافية يتكون منها إقليم الولايات المتحدة فقط، بل أيضا، على شكل قيمة استراتيجية يرسم بها نفوذ واشنطن الكوني، منذ بداية القرن العشرين وحتى الآن، يمتد في شكل وجود صلب على الأرض حتى نهاية الحرب الكونية الثانية مثل ما كان عليه الحال في الفلبين وبعض دول أمريكا اللاتينية.. أو في شكل وجود ونفوذ استراتيجي، عن بعد، كما هو الحال ضمن مظلة حلف شمال الأطلسي الأمريكية، أو كما هو الحال اليوم في إطار دبلوماسي واقتصادي لتواجد أمريكي على الأرض في مواقع منتقاة منتشرة في طول الكرة الأرضية وعرضها.
لكن التوسع لم يكن القيمة الاستراتيجية الوحيدة التي تشكل سلوك الولايات المتحدة على مسرح السياسة الدولية. كانت هناك قيمة أخرى تضغط للحد من انخراط الولايات المتحدة في مشكلات وتعقيدات مسرح السياسة الدولية. هناك، في كل الأحوال، كان يوجد تيار انعزالي في واشنطن يأخذ بحكمة الانغلاق الداخلي ليبتعد عن تعقيدات ومحاذير التهـور والتسرع في الانغماس في مشكلات العالم المكلف وغير المتوقعة نتائجه وغير المضمونة عوائده. ويمكن القول، بشيء من الثقة: إن التيار التوسعي في السياسة الخارجية الأمريكية يتبناه الجمهوريون، بينما يميل الديمقراطيون إلى التحفظ والابتعاد، قدر الإمكان، عن الانخراط والتورط في مشكلات العالم.
إلا أن هذه القواعد لها شواذ تاريخية واستراتيجية مهمة. على سبيل المثال: الديمقراطيون هم الذين دخلوا الحربين الكونية الأولى والثانية وهم أيضا الذين أعادوا الولايات المتحدة إلى العزلة في الفترة ما بين الحربين ولم تنضم أمريكا في عهدهم إلى معاهدة فرساي (1919) رغم إعلان الرئيس ودرو ويلسون مبادئه الأربعة عشر عقب الحرب الكونية الأولى!. بينما كان للجمهوريين خطأ التورط في الحرب الكورية، كان للديموقراطيين خطيئة التورط في حرب فيتنام، وللجمهوريين فضل الخروج من المستنقع الفيتنامي!. ومثل ما يوصم الجمهوريون بخطيئة غزو العراق وأفغانستان، يتحمل الديمقراطيون، في عهد إدارة أوباما اليوم، جريرة التقاعس عن نصرة حقوق الإنسان في سوريا، ووزر العبث الإيـراني بأمن الخليج العربي كأهم منطقة استراتيجية حساسة في العالم.. وكذلك عدم الاهتمام بما يحدث في منطقة القرم والبحر الأسود ومنطقة القوقاز..
وكقاعدة عامة: يظهـر عجز واشنطن في عدم تحديد الخيط الفاصل بين التوسع والانعزالية في سياسة الديمقراطيين والجمهوريين الخارجية، على حدٍ سواء، عندما تتوه بوصلة سياستهم الخارجية في الاستدلال إلى طريق السلام في أرض السلام والرسالات (فلسطين).