أكد أسامة بن جعفر فقيه، رئيس ديوان المراقبة العامة، أن النظام الجديد للديوان، والذي يتطلع للموافقة عليه، يشتمل على جميع المقومات الأساسية ليكون أكثر قدرة على النهوض بالمهام المنوطة به وفق أفضل الممارسات المهنية.
واعتبر انتخاب المملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة لمنصب نائب رئيس منظمة الإنتوساي لأربع دورات متتالية واختيار الديوان لرئاسة إحدى اللجان الدائمة في إطار المنظمة، يمثل في حد ذاته اعترافا بمكانة المملكة العربية السعودية وتقديرا لإنجازاتها ودورها في المحافل الدولية من خلال عضويتها في مجموعة العشرين.
وأوضح أن الديوان يستفيد من الاجتماعات الأخيرة في واشنطن من تجارب الآخرين وبناء علاقات عمل وثيقة بين الديوان وعدد من الأجهزة الرقابية في الدول المتقدمة، بما يساعد في تحديث الأنظمة وتطوير أساليب وآليات العمل لمواكبة المستجدات في حقول اختصاص الديوان والسعي إلى تطبيقها في ممارساتنا اليومية لمهامنا ليكون جهازنا الرقابي في مصاف أجهزة الدول المتقدمة.
تشاركون حاليا في اجتماعات منظمة (الإنتوساي)، هل يمكننا التعرف أولا على طبيعة عمل المنظمة واختصاصها ودور ديوان المراقبة العامة في هذه المنظمة ثم على ما تم في الاجتماعات التي عقدت في مقر الجهاز الأمريكي للرقابة المالية والمسألة (GAO)؟
منظمة (الإنتوساي) هي المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وتضم في عضويتها الآن (192) دولة، وهي ثاني منظمة دولية من حيث عدد الأعضاء، وتختص هذه المنظمة بوضع المعايير والضوابط والقواعد الفنية والمهنية الخاصة بالمراجعة المالية ورقابة الأداء، وديوان المراقبة العامة عضو فيها منذ نحو (40) عاما، ويشغل منصب نائب رئيس المنظمة منذ أكثر من (12) عاما، وكذلك منصب رئيس اللجنة المالية والإدارية لهذه المنظمة، وهي إحدى أربع لجان دائمة منبثقة عن مجلس المحافظين وتعنى بمراجعة ميزانية المنظمة ووضع الخطة الاستراتيجية الخمسية العامة لها ومتابعة تنفيذها، بهدف المساعدة في بناء القدرات المؤسسية والبشرية لأعضائها، ولتعزيز قدراتهم على النهوض بالدور المنوط بهم في حماية المال العام والتأكد من فاعلية استخدامه بالطرق الاقتصادية الرشيدة، وتحقيق المردود المنتظر من الانفاق العام، ويتبع هذه المنظمة أيضا سبع منظمات إقليمية في كل قارة، منها المنظمة العربية للأجهزة العليا (أرابوساي). وكل هذه المنظمات الإقليمية تعمل تحت مظلة المنظمة الأم التي تتولى وضع قواعد ومعايير المراجعة المالية ومراقبة الأداء وتلتزم هذه المنظمات الإقليمية العمل بها.
هل تشغل المملكة منصب نائب رئيس المنظمة بصفة دائمة أم أنه يتجدد مع الوقت؟
الانتخاب لهذا المنصب يتجدد كل ثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة للمنظمة، والمملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة قد حظيت بإعادة انتخاب رئيس الديوان لأربع دورات متتالية لشغل هذا المنصب، وكان آخرها في شهر أكتوبر الماضي، حيث عقد اجتماع الجمعية العمومية في الصين، أما اجتماعنا هنا في واشنطن هذا الأسبوع فيتعلق بدراسة أسباب وتداعيات الأزمة المالية العالمية ودور أجهزة الرقابة في معالجتها، حيث طرح الكثير من الأسئلة في الدول المتقدمة حول تداعيات هذه الأزمة المالية، وأصبح هناك إدراك متزايد لأهمية تقوية دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وتوسيع نطاق صلاحياتها لتعزيز وسائل الرقابة على الأجهزة الحكومية المختصة في هذا المجال للحد من إمكانية تكرار مثل هذه الأزمات وما يترتب عليها من آثار سلبية واسعة النطاق، ومن هذا المنطلق فقد أنشأت منظمة الإنتوساي فريق عمل من المختصين يرأسه الجهاز الأمريكي للمساءلة ويضم في عضويته نحو (30) جهازا رقابيا من مختلف القارات من بينهم ديوان المراقبة العامة، لدراسة هذه الأزمة واستخلاص الدروس المستفادة، وتحديد سبل تعزيز دور أجهزة الرقابة المالية في مواجهة مثل هذه الأزمات والتحديات من خلال عمليات التقويم المستمر والفعال والتنبيه المسبق للمخاطر المتوقعة في المستقبل وذلك في حقول اختصاص المنظمة الدولية.
استكمالا لاجتماعاتكم التي تمت في واشنطن، ما الجوانب من النقاط الأساسية التي دارت في هذه الاجتماعات؟
كما قلت نحن نسعى في المملكة العربية السعودية ونحرص كل الحرص على الاستفادة من تجارب الآخرين والتعرف على أفضل الممارسات المهنية في حقول اختصاص ديوان المراقبة العامة، بالإضافة إلى عرض تجاربنا وأساليب عملنا، ولا شك أنه كان هناك طرح خلال اجتماعاتنا لعدد من التجارب لبعض الدول التي مرت بأزمات عديدة سواء أزمات الديون أو الأزمات المالية، والأساليب والوسائل التي اتبعتها الأجهزة الرقابية للإسهام في معالجة تداعياتها، وكل هذا يمثل دروسا مستفادة، حيث يحرص الإنسان على تجنب الوقوع في ذات الأخطاء مرة أخرى، لذا فالمطلوب من هذا الفريق أن يقدم للجمعية العمومية وللمنظمة ولمجلس المحافظين تقارير موضوعية مشتملة على تشخيص أسباب الأزمة المالية والدروس المستفادة وسبل تعزيز دور أجهزة الرقابة الحكومية للإسهام في معالجة تداعياتها وتجنب تكرارها، ولذلك فقد حرصنا في هذا الاجتماع على دعوة عدد من الخبراء المختصين في الإشراف على الشؤون البنكية والأسواق المالية وأيضا من المستقلين العاملين في معاهد الدراسات للتعرف على رؤاهم ومقترحاتهم في هذا الشأن، بالإضافة إلى خبراء من صندوق النقد الدولي، الذين تحدثوا إلى مجموعتها عن دور الصندوق والمبادرات التي اتخذها للإسهام في معالجة تداعيات الأزمة المالية وتعزيز عمليات المراجعة الدورية التي يقوم بها الصندوق لتقييم أداء الدول في المجالين الاقتصادي والمالي، وقد أكد جميع الخبراء على أهمية دور أجهزة الرقابة المالية والمساءلة في متابعة تنفيذ سياسات الإصلاح وإعادة هيكلة الأجهزة المختصة بتنظيم القطاع المصرفي ومراقبة أداء الأسواق المالية لتجنب تكرار الأخطاء وحدوث الأزمات وما يترتب عليها من نتائج سلبية جسيمة شهدناها منذ عام 2008م، ولا زالت بعض الدول تعاني من تبعاتها حتى اليوم.
ما طبيعة عمل ديوان المراقبة العامة في المملكة، وأهم الإنجازات التي حققها، أو يمكن له أن يحققها من أجل الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة في المجال الاقتصادي والمالي؟
ديوان المراقبة العامة هو جهاز الرقابة المختص بموجب نظامه بالرقابة المالية اللاحقة وتدقيق حسابات جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة وكذلك الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من 25 %، كما يختص الديوان أيضا بممارسة رقابة الأداء وهو أسلوب يهدف إلى التحقق من أن الاعتمادات المالية والممتلكات العامة المتاحة لأي جهاز حكومي تستخدم بطرق اقتصادية رشيدة وبكفاءة وفاعلية عالية لتحقيق الأهداف المرسومة لها والتأكد من جودة النتائج المتحققة، وأن هذه الأجهزة تمارس مهامها وأنشطتها وفقا للأنظمة والقوانين والقرارات النافذة، ويحظى ديوان المراقبة العامة في المملكة باهتمام ودعم كبير من مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، حيث يرتبط الديوان بالمقام السامي مباشرة ويرفع تقاريره للمقام الكريم للتوجيه بدراستها في مجلسي الوزراء والشورى، ولذلك فنحن نسعى للاستفادة من تجارب الآخرين وبناء علاقات عمل وثيقة بين الديوان وعدد من الأجهزة الرقابية في الدول المتقدمة.
المملكة جزء من منظمة الإنتوساي وباعتبار أن المملكة أحد النماذج الراقية في تحقيق الأهداف الرقابية والقانونية والتنظيمية للإنتوساي، ما مدى أهمية العمل داخل هذه المنظومة في تحديث أساليب المراقبة الدورية للجهاز الحكومي في المملكة؟
في الواقع هناك أكثر من نموذج لتطبيق أساليب الرقابة المالية وأكثر من مدرسة في هذا المجال، والمملكة تحرص دائما على أن يكون لها حضور فاعل في المنظمات الدولية والإقليمية للاستفادة من تجارب الآخرين، بالإضافة إلى عرض تجارب المملكة وإنجازاتها في مجال اختصاص كل جهاز حكومي، ولا شك أن التعرف على التجارب والأساليب المطبقة في الدول الأخرى هو أمر مفيد جدا، ويساعد في تحديث الأنظمة وتطوير أساليب وآليات العمل لمواكبة المستجدات في حقول اختصاص الديوان والسعي إلى تطبيقها في ممارساتنا اليومية لمهامنا ليكون جهازنا الرقابي في مصاف أجهزة الدول المتقدمة بعون الله تعالى، ولعل الأمثلة التي ذكرتها في انتخاب المملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة لمنصب نائب رئيس منظمة الإنتوساي لأربع دورات متتالية واختيار الديوان لرئاسة إحدى اللجان الدائمة في إطار المنظمة، يمثل في حد ذاته اعترافا بمكانة المملكة العربية السعودية وتقديرا لإنجازاتها ودورها في المحافل الدولية من خلال عضويتها في مجموعة العشرين، هذا بالإضافة إلى عضوية المملكة في المنظمتين العربية والآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، حيث تضم الأولى جميع الدول العربية والثانية (48) دولة آسيوية والديوان عضو في المجلس التنفيذي لكل منهما.
ما هي طبيعة الشراكة بين الإنتوساي والأرابوساي للوصول بالدول الأعضاء إلى الاستفادة من أهم المستجدات الرقابية والتنظيمية والقانونية التي تستخدمها هاتين المنظمتين؟
الهدف من وجود المنظمات الإقليمية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة هو الاستفادة من التجانس في العضوية وأنظمة العمل خاصة من حيث اللغة والثقافة والأساليب الرقابية المطبقة لتحقيق أهداف ورسالة منظمة الإنتوساي في تعزيز روابط التعاون وتبادل الخبرات وتقاسم المعارف والاستفادة من التجارب الناجحة، ومن هذه المنطلق فقد حرصنا على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تحقيق هذه الغايات من خلال لجنة على مستوى الرؤساء تجتمع مرة في السنة وأخرى على مستوى الوكلاء تجتمع مرتين في العام، وذلك لتنسيق المواقف في المنظمات الإقليمية والدولية وتعزيز روابط التعاون فيما بيننا والسعي للاستفادة القصوى من فرص التدريب وإعداد وتأهيل الكوادر الفنية القادرة على النهوض بالمهام المنوطة بأجهزتنا الرقابية حتى نكون مؤسسات فاعلة تعيش واقعها وتستفيد من تجارب الآخرين وتختصر الزمن وتوفر الجهد والوقت والتكاليف من خلال تبني أفضل الممارسات المهنية في حقول اختصاصها.
طالبت لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالإدارة الحكومية بضرورة تعزيز استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ودعم دورها في متابعة تنفيذ خطط التنمية المستدامة، وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في هذا الشأن قبل نحو عامين، فإلى أي مدى وصل تطبيق هذا القرار؟
في الواقع يمثل صدور هذا القرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترافا دوليا بأهمية دور منظمة الإنتوساي وأعضائها في تعزيز وسائل الحماية والاستخدام الكفؤ للمال العام وتحقيق مبادئ الشفافية والإفصاح والمساءلة الفاعلة والإسهام في متابعة تنفيذ أهداف التنمية المتوازنة والمستدامة، وقد جاء صدور هذا القرار في نهاية عام (2011م) متزامنا مع احتفال منظمة الإنتوساي بمرور ستين عاما على إنشائها، حيث أكد القرار الأممي على أنه لكي تتمكن الأجهزة الرقابية من النهوض بدورها بفعالية وكفاءة عالية، فلا بد أن تكون مستقلة إداريا وماليا وتنظيميا، وأنه لابد أن تتوفر لها الحماية والحصانة من أي تأثير على أدائها وعلى محتوى تقاريرها وما تقدمه من توصيات، واعتبر القرار أن هذه الأسس والمقومات تمثل أركانا أساسية لكل جهاز رقابي مستقل وفعال يستند إلى تنظيم قانوني واضح وله مرجعية عليا ويتمتع بالاستقلال التام ولا يخضع لتأثير أي جهاز تنفيذي مشمول برقابته، كما يعتبر هذا القرار الأممي تكريسا لأهمية منظمة الإنتوساي ودور أعضائها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تقديم تقارير مهنية وموضوعية مستقلة لرئيس الدولة أو البرلمان أو مجلس الشورى، بحيث تكون لدى صانع القرار صورة واضحة عن أداء الأجهزة الحكومية تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة مواطن الضعف والخلل في الوقت المناسب لتحقيق النمو والاستقرار المالي والاقتصادي، ومن هنا يأتي حرص منظمة الإنتوساي على متابعة مدى التزام أعضائها بتطبيق مضامين هذا القرار الدولي باهتمام بالغ. هذا ويتطلع ديوان المراقبة العامة إلى صدور الموافقة السامية على نظامه الجديد مشتملا على جميع هذه المقومات الأساسية ليكون أكثر قدرة على النهوض بالمهام المنوطة به وفق أفضل الممارسات المهنية بعون الله تعالى.
واعتبر انتخاب المملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة لمنصب نائب رئيس منظمة الإنتوساي لأربع دورات متتالية واختيار الديوان لرئاسة إحدى اللجان الدائمة في إطار المنظمة، يمثل في حد ذاته اعترافا بمكانة المملكة العربية السعودية وتقديرا لإنجازاتها ودورها في المحافل الدولية من خلال عضويتها في مجموعة العشرين.
وأوضح أن الديوان يستفيد من الاجتماعات الأخيرة في واشنطن من تجارب الآخرين وبناء علاقات عمل وثيقة بين الديوان وعدد من الأجهزة الرقابية في الدول المتقدمة، بما يساعد في تحديث الأنظمة وتطوير أساليب وآليات العمل لمواكبة المستجدات في حقول اختصاص الديوان والسعي إلى تطبيقها في ممارساتنا اليومية لمهامنا ليكون جهازنا الرقابي في مصاف أجهزة الدول المتقدمة.
تشاركون حاليا في اجتماعات منظمة (الإنتوساي)، هل يمكننا التعرف أولا على طبيعة عمل المنظمة واختصاصها ودور ديوان المراقبة العامة في هذه المنظمة ثم على ما تم في الاجتماعات التي عقدت في مقر الجهاز الأمريكي للرقابة المالية والمسألة (GAO)؟
منظمة (الإنتوساي) هي المنظمة الدولية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، وتضم في عضويتها الآن (192) دولة، وهي ثاني منظمة دولية من حيث عدد الأعضاء، وتختص هذه المنظمة بوضع المعايير والضوابط والقواعد الفنية والمهنية الخاصة بالمراجعة المالية ورقابة الأداء، وديوان المراقبة العامة عضو فيها منذ نحو (40) عاما، ويشغل منصب نائب رئيس المنظمة منذ أكثر من (12) عاما، وكذلك منصب رئيس اللجنة المالية والإدارية لهذه المنظمة، وهي إحدى أربع لجان دائمة منبثقة عن مجلس المحافظين وتعنى بمراجعة ميزانية المنظمة ووضع الخطة الاستراتيجية الخمسية العامة لها ومتابعة تنفيذها، بهدف المساعدة في بناء القدرات المؤسسية والبشرية لأعضائها، ولتعزيز قدراتهم على النهوض بالدور المنوط بهم في حماية المال العام والتأكد من فاعلية استخدامه بالطرق الاقتصادية الرشيدة، وتحقيق المردود المنتظر من الانفاق العام، ويتبع هذه المنظمة أيضا سبع منظمات إقليمية في كل قارة، منها المنظمة العربية للأجهزة العليا (أرابوساي). وكل هذه المنظمات الإقليمية تعمل تحت مظلة المنظمة الأم التي تتولى وضع قواعد ومعايير المراجعة المالية ومراقبة الأداء وتلتزم هذه المنظمات الإقليمية العمل بها.
هل تشغل المملكة منصب نائب رئيس المنظمة بصفة دائمة أم أنه يتجدد مع الوقت؟
الانتخاب لهذا المنصب يتجدد كل ثلاث سنوات من قبل الجمعية العامة للمنظمة، والمملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة قد حظيت بإعادة انتخاب رئيس الديوان لأربع دورات متتالية لشغل هذا المنصب، وكان آخرها في شهر أكتوبر الماضي، حيث عقد اجتماع الجمعية العمومية في الصين، أما اجتماعنا هنا في واشنطن هذا الأسبوع فيتعلق بدراسة أسباب وتداعيات الأزمة المالية العالمية ودور أجهزة الرقابة في معالجتها، حيث طرح الكثير من الأسئلة في الدول المتقدمة حول تداعيات هذه الأزمة المالية، وأصبح هناك إدراك متزايد لأهمية تقوية دور الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة وتوسيع نطاق صلاحياتها لتعزيز وسائل الرقابة على الأجهزة الحكومية المختصة في هذا المجال للحد من إمكانية تكرار مثل هذه الأزمات وما يترتب عليها من آثار سلبية واسعة النطاق، ومن هذا المنطلق فقد أنشأت منظمة الإنتوساي فريق عمل من المختصين يرأسه الجهاز الأمريكي للمساءلة ويضم في عضويته نحو (30) جهازا رقابيا من مختلف القارات من بينهم ديوان المراقبة العامة، لدراسة هذه الأزمة واستخلاص الدروس المستفادة، وتحديد سبل تعزيز دور أجهزة الرقابة المالية في مواجهة مثل هذه الأزمات والتحديات من خلال عمليات التقويم المستمر والفعال والتنبيه المسبق للمخاطر المتوقعة في المستقبل وذلك في حقول اختصاص المنظمة الدولية.
استكمالا لاجتماعاتكم التي تمت في واشنطن، ما الجوانب من النقاط الأساسية التي دارت في هذه الاجتماعات؟
كما قلت نحن نسعى في المملكة العربية السعودية ونحرص كل الحرص على الاستفادة من تجارب الآخرين والتعرف على أفضل الممارسات المهنية في حقول اختصاص ديوان المراقبة العامة، بالإضافة إلى عرض تجاربنا وأساليب عملنا، ولا شك أنه كان هناك طرح خلال اجتماعاتنا لعدد من التجارب لبعض الدول التي مرت بأزمات عديدة سواء أزمات الديون أو الأزمات المالية، والأساليب والوسائل التي اتبعتها الأجهزة الرقابية للإسهام في معالجة تداعياتها، وكل هذا يمثل دروسا مستفادة، حيث يحرص الإنسان على تجنب الوقوع في ذات الأخطاء مرة أخرى، لذا فالمطلوب من هذا الفريق أن يقدم للجمعية العمومية وللمنظمة ولمجلس المحافظين تقارير موضوعية مشتملة على تشخيص أسباب الأزمة المالية والدروس المستفادة وسبل تعزيز دور أجهزة الرقابة الحكومية للإسهام في معالجة تداعياتها وتجنب تكرارها، ولذلك فقد حرصنا في هذا الاجتماع على دعوة عدد من الخبراء المختصين في الإشراف على الشؤون البنكية والأسواق المالية وأيضا من المستقلين العاملين في معاهد الدراسات للتعرف على رؤاهم ومقترحاتهم في هذا الشأن، بالإضافة إلى خبراء من صندوق النقد الدولي، الذين تحدثوا إلى مجموعتها عن دور الصندوق والمبادرات التي اتخذها للإسهام في معالجة تداعيات الأزمة المالية وتعزيز عمليات المراجعة الدورية التي يقوم بها الصندوق لتقييم أداء الدول في المجالين الاقتصادي والمالي، وقد أكد جميع الخبراء على أهمية دور أجهزة الرقابة المالية والمساءلة في متابعة تنفيذ سياسات الإصلاح وإعادة هيكلة الأجهزة المختصة بتنظيم القطاع المصرفي ومراقبة أداء الأسواق المالية لتجنب تكرار الأخطاء وحدوث الأزمات وما يترتب عليها من نتائج سلبية جسيمة شهدناها منذ عام 2008م، ولا زالت بعض الدول تعاني من تبعاتها حتى اليوم.
ما طبيعة عمل ديوان المراقبة العامة في المملكة، وأهم الإنجازات التي حققها، أو يمكن له أن يحققها من أجل الوصول إلى أهداف التنمية المستدامة في المجال الاقتصادي والمالي؟
ديوان المراقبة العامة هو جهاز الرقابة المختص بموجب نظامه بالرقابة المالية اللاحقة وتدقيق حسابات جميع أجهزة الدولة ومؤسساتها العامة وكذلك الشركات التي تساهم فيها الدولة بأكثر من 25 %، كما يختص الديوان أيضا بممارسة رقابة الأداء وهو أسلوب يهدف إلى التحقق من أن الاعتمادات المالية والممتلكات العامة المتاحة لأي جهاز حكومي تستخدم بطرق اقتصادية رشيدة وبكفاءة وفاعلية عالية لتحقيق الأهداف المرسومة لها والتأكد من جودة النتائج المتحققة، وأن هذه الأجهزة تمارس مهامها وأنشطتها وفقا للأنظمة والقوانين والقرارات النافذة، ويحظى ديوان المراقبة العامة في المملكة باهتمام ودعم كبير من مقام خادم الحرمين الشريفين وسمو ولي العهد، حيث يرتبط الديوان بالمقام السامي مباشرة ويرفع تقاريره للمقام الكريم للتوجيه بدراستها في مجلسي الوزراء والشورى، ولذلك فنحن نسعى للاستفادة من تجارب الآخرين وبناء علاقات عمل وثيقة بين الديوان وعدد من الأجهزة الرقابية في الدول المتقدمة.
المملكة جزء من منظمة الإنتوساي وباعتبار أن المملكة أحد النماذج الراقية في تحقيق الأهداف الرقابية والقانونية والتنظيمية للإنتوساي، ما مدى أهمية العمل داخل هذه المنظومة في تحديث أساليب المراقبة الدورية للجهاز الحكومي في المملكة؟
في الواقع هناك أكثر من نموذج لتطبيق أساليب الرقابة المالية وأكثر من مدرسة في هذا المجال، والمملكة تحرص دائما على أن يكون لها حضور فاعل في المنظمات الدولية والإقليمية للاستفادة من تجارب الآخرين، بالإضافة إلى عرض تجارب المملكة وإنجازاتها في مجال اختصاص كل جهاز حكومي، ولا شك أن التعرف على التجارب والأساليب المطبقة في الدول الأخرى هو أمر مفيد جدا، ويساعد في تحديث الأنظمة وتطوير أساليب وآليات العمل لمواكبة المستجدات في حقول اختصاص الديوان والسعي إلى تطبيقها في ممارساتنا اليومية لمهامنا ليكون جهازنا الرقابي في مصاف أجهزة الدول المتقدمة بعون الله تعالى، ولعل الأمثلة التي ذكرتها في انتخاب المملكة ممثلة في ديوان المراقبة العامة لمنصب نائب رئيس منظمة الإنتوساي لأربع دورات متتالية واختيار الديوان لرئاسة إحدى اللجان الدائمة في إطار المنظمة، يمثل في حد ذاته اعترافا بمكانة المملكة العربية السعودية وتقديرا لإنجازاتها ودورها في المحافل الدولية من خلال عضويتها في مجموعة العشرين، هذا بالإضافة إلى عضوية المملكة في المنظمتين العربية والآسيوية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة، حيث تضم الأولى جميع الدول العربية والثانية (48) دولة آسيوية والديوان عضو في المجلس التنفيذي لكل منهما.
ما هي طبيعة الشراكة بين الإنتوساي والأرابوساي للوصول بالدول الأعضاء إلى الاستفادة من أهم المستجدات الرقابية والتنظيمية والقانونية التي تستخدمها هاتين المنظمتين؟
الهدف من وجود المنظمات الإقليمية للأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة هو الاستفادة من التجانس في العضوية وأنظمة العمل خاصة من حيث اللغة والثقافة والأساليب الرقابية المطبقة لتحقيق أهداف ورسالة منظمة الإنتوساي في تعزيز روابط التعاون وتبادل الخبرات وتقاسم المعارف والاستفادة من التجارب الناجحة، ومن هذه المنطلق فقد حرصنا على مستوى مجلس التعاون لدول الخليج العربية على تحقيق هذه الغايات من خلال لجنة على مستوى الرؤساء تجتمع مرة في السنة وأخرى على مستوى الوكلاء تجتمع مرتين في العام، وذلك لتنسيق المواقف في المنظمات الإقليمية والدولية وتعزيز روابط التعاون فيما بيننا والسعي للاستفادة القصوى من فرص التدريب وإعداد وتأهيل الكوادر الفنية القادرة على النهوض بالمهام المنوطة بأجهزتنا الرقابية حتى نكون مؤسسات فاعلة تعيش واقعها وتستفيد من تجارب الآخرين وتختصر الزمن وتوفر الجهد والوقت والتكاليف من خلال تبني أفضل الممارسات المهنية في حقول اختصاصها.
طالبت لجنة خبراء الأمم المتحدة المعنية بالإدارة الحكومية بضرورة تعزيز استقلالية الأجهزة العليا للرقابة المالية والمحاسبة ودعم دورها في متابعة تنفيذ خطط التنمية المستدامة، وقد أصدرت الجمعية العامة للأمم المتحدة قرارا في هذا الشأن قبل نحو عامين، فإلى أي مدى وصل تطبيق هذا القرار؟
في الواقع يمثل صدور هذا القرار عن الجمعية العامة للأمم المتحدة اعترافا دوليا بأهمية دور منظمة الإنتوساي وأعضائها في تعزيز وسائل الحماية والاستخدام الكفؤ للمال العام وتحقيق مبادئ الشفافية والإفصاح والمساءلة الفاعلة والإسهام في متابعة تنفيذ أهداف التنمية المتوازنة والمستدامة، وقد جاء صدور هذا القرار في نهاية عام (2011م) متزامنا مع احتفال منظمة الإنتوساي بمرور ستين عاما على إنشائها، حيث أكد القرار الأممي على أنه لكي تتمكن الأجهزة الرقابية من النهوض بدورها بفعالية وكفاءة عالية، فلا بد أن تكون مستقلة إداريا وماليا وتنظيميا، وأنه لابد أن تتوفر لها الحماية والحصانة من أي تأثير على أدائها وعلى محتوى تقاريرها وما تقدمه من توصيات، واعتبر القرار أن هذه الأسس والمقومات تمثل أركانا أساسية لكل جهاز رقابي مستقل وفعال يستند إلى تنظيم قانوني واضح وله مرجعية عليا ويتمتع بالاستقلال التام ولا يخضع لتأثير أي جهاز تنفيذي مشمول برقابته، كما يعتبر هذا القرار الأممي تكريسا لأهمية منظمة الإنتوساي ودور أعضائها في تحقيق أهداف التنمية المستدامة من خلال تقديم تقارير مهنية وموضوعية مستقلة لرئيس الدولة أو البرلمان أو مجلس الشورى، بحيث تكون لدى صانع القرار صورة واضحة عن أداء الأجهزة الحكومية تمكنه من اتخاذ القرارات المناسبة لمعالجة مواطن الضعف والخلل في الوقت المناسب لتحقيق النمو والاستقرار المالي والاقتصادي، ومن هنا يأتي حرص منظمة الإنتوساي على متابعة مدى التزام أعضائها بتطبيق مضامين هذا القرار الدولي باهتمام بالغ. هذا ويتطلع ديوان المراقبة العامة إلى صدور الموافقة السامية على نظامه الجديد مشتملا على جميع هذه المقومات الأساسية ليكون أكثر قدرة على النهوض بالمهام المنوطة به وفق أفضل الممارسات المهنية بعون الله تعالى.