-A +A
محمد العصيمي
للمرة الأولى أحضر منتدى الإعلام العربي في دبي، وأكثر ما تعلمته هو أن الإماراتيين يحافظون على مكاسبهم العربية ويعضون عليها بالنواجذ، فهناك الآن أكثر من موضوع عربي، في الاقتصاد والتجارة والصناعة واللغة والثقافة والإعلام، يضع رحاله سنويا في هذه المدينة التي يصعب أن تغفو أو تتراخي في أدوارها المتعاظمة خليجيا وعربيا.
وبقدر ما كنت مسرورا بحضور المنتدى الإعلامي هذه السنة، بقدر ما ندمت على عدم حضور سنواته السابقة، حيث لا بد أنه ضاع مني الكثير في التعرف على هذه الوجوه والأفكار العربية وعلى هذا الوجود الكبير الذي يحتشد دوريا ليتدارس أوضاع الأمة الإعلامية ويضع، في كل مرة، النقاط على الحروف، بل ويضع مشارط عديدة على جروح إعلامية لم تزل تنزف عربيا.

لكن كان من حسن حظي، أو مما يعوض خسارة السنوات الماضية، أن منتدى هذه السنة تطرق بقوة وصراحة بالغة إلى طائفيات الإعلام وتحريضاته وشقوقه التي لم تعد تخفى على المواطن العادي، فضلا عن النخبة وصناع الإعلام أنفسهم. وبغض النظر عن اهتمامي أو رأيي الشخصي فيما قيل في هذه الجلسة أو تلك، فإن المهم هو أن أسئلة كثيرة وكبيرة ألقيت في ساحة الإعلام العربي الذي تغيرت صوره وأنماطه، بل وتغير كثير من وجوهه المؤثرة بعد ثورات ما يسمى الربيع العربي.
هذه الأسئلة ستلد أسئلة أخرى إلى أن يكتمل نضوج الإعلام العربي مهنية ومحتوى، وصولا إلى ذلك المطمح العربي القديم، وهو أن يكون لدينا إعلام ناضج يدير مكائنه إعلاميون أكفاء يقوم وجودهم وتفوقهم على مواهبهم وقدراتهم، وليس على أي شيء آخر، كما يحدث الآن في كثير من مراكز الإعلام وأطرافه. ومن المؤكد أن الخليجيين الذين نالوا، في السنوات الأخيرة، نصيبا كبيرا من المواقع الإعلامية العربية الكبيرة سيساهمون في صنع مستقبل الإعلام العربي، الذي تنتظره الشعوب العربية من ضمن ما تنتظر في طابور الإصلاحات والتغيرات الاستراتيجية.
وستبقى دبي ــ دون شك ــ من منارات هذا التغيير الكبير المنتظر، سواء فيما توفره من إمكانيات الحضور الإعلامي الحر، أو من خلال منتداها الإعلامي السنوي الذي يحج إليه ما يقرب من 2000 إعلامي عربي كل عام.
osaimin@yahoo.com