مما يذكر أمامك عن قدامى فناني مكة المكرمة في بدايات القرن العشرين، والذين امتد العمر ببعضهم، لك أن تصدق معظمه أو عليك أن تصدق كل ما تسمع، فمكة وأرض مكة والمدينة المنور وبشكل عام مكة ومحيطها إلى الطائف في الجنوب الشرقي، أو أنك في اتجاه المدينة من مكة المكرمة وأقصد اتجاه الشمال، فإنك معذور على تقصيرك في عدم إحصائك أو عدم استطاعتك إحصاء ألوان الفنون والإيقاعات والرقصات الشعبية في هذا الخط والاتجاه بين مكة وجدة والمدينة المنورة، بحكم الثراء المذهل في الإيقاعات وتنوعها من مجارير في اتجاه الجنوب الشرقي «الطائف»، وخبيتيات وإيقاعات حركية مثل الزير وغيرها في اتجاه الشمال إلى المدينة المنورة، إذ أن كل قبيلة لديها ثراؤها الإيقاعي الذي يشكل عمقها الثقافي المرتبط بالتراث، الذي أريد قوله إن بلادنا ثرية جدا في ألوان الإيقاعات والفنون الغنائية والحركية.
عندما بدأت العمل الإعلامي المرتبط بالفن والموسيقى والغناء، وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثين عاما كنت أبحث عن كبار رواد الفن الغنائي السعودي الذين هم في أصلهم الرواد الذين بدأوا مراحل التأسيس في الفن السعودي، وكان منهم الفنان الكبير الراحل محمد باجودة الذي حاولت جاهدا أن ألتقي به لصالح الصحيفة، وكان دائما ما يرفض، «فسلطني» أستاذنا جميل محمود أن أدخل في الموضوع الجسيس الراحل محمد أمان ــ رحمه الله ــ قائلا «هو يقدر عليه»، وبالفعل حصل وزرناه معا في بيته المكي ــ محمد أمان وأنا ــ وكان أن أجريت حوارا معه كنت أتمنى إجراءه، وباجودة هو مرجع لفنون مكة وإيقاعاتها إلى أن رحل عن دنيانا قبل نحو ربع قرن يقل أو يزيد قليلا، حاولت يومها أن أقدمه في جريدتي كأحد الأسماء المهمة ولم أستطع ــ كان كبارنا يومها في الغالب لا يؤمنون بالإعلام وفعاليته، بل إن معظمهم كان يعتقد أن وسائل الإعلام فضاحة، وبعضهم لم يكن يشعر أن عليه تقديم فنه إعلاميا، بل ويخشى أن يعرف زملاؤه أسلوب عزفه وأي أوتار وعلى أي طريقة يعزف، ودليلنا إلى ذاك هذا الفنان الكبير الراحل محمد باجودة من أكبر فناني التراث وحفظته في مكة المكرمة الذي قال لي وأنا أحاوره:
ــ نعم كنت عندما أعزف في الجلسات الفنية أتحاشى أن يطلع زملائي على صدر العود كي لا يعرف زميلي الفنان الذي أعجبته الأغنية كيف أعزفها.. ومن هنا عرفت الكثير من أساليب الغناء وطرق تناوله من رواده وبينهم. وهنا يقول الفنان الكبير جميل محمود واجهة مكة المكرمة الموسيقية:
ــ رحمه الله هو المرجع الأكبر لكل الفنانين المهتمين بالتراث في مكة المكرمة وجدة تحديدا، وكلنا رجعنا إليه حتى أستاذنا محمد علي سندي كثيرا ما كان يرجع إليه بدون شك، عموما كثيرا ما استمتعنا بفنه وبذاكرته، ولدي تسجيلات لجلسات غنائية لباجودة ومحمد علي سندي ما زلت استمتع بها، وهي بمكانة المرجع الموسيقي لي، باجودة فنان كبير ولو أسعفه صوته ــ رحمه الله ــ لكان أسطورة التراث المكي، هو حافظ لكل المقامات المكية بحذافيرها وقواعدها، وحافظ للدانات والإيقاعات الأخرى مثل الشرقين، وما بين الشرقين والزواميل «جمع زومال»، والتي تقال في المزمار، وهنا أحب أن أؤكد أن لعبة المزمار أصلها أفريقي ولعبة ترجع لأصولها الأفريقية رغم معارضة البعض لما أقول؛ مثل زميلنا الإعلامي عبدالله رواس الذي يعارض قولي هذا دائما، والذي أؤكد له دوما أن هذا من ثقافات الآخرين كما لنا حقوقنا للآخرين أيضا حقوقهم وتراثهم، وكما أننا نخشى أن الناس مالنا إلى سجلاتهم، كذلك نرفض أن ننسب ما لغيرنا إلى ثقافتنا ــ كما قال جميل محمود:
ومن الذي يذكر بيني وباجودة ــ رحمه الله، أننا كنا مرة هو وأنا وعبدالله محمد في بيت زميلنا الباحث هاني فيروزي في الششة ــ رحمهم الله جميعا ــ وفجأة وهاني يقدم عبدالله محمد ليبدأ الغناء قال:
إليكم سفينة الأنغام الفنان عبدالله محمد، فقال: محمد باجودة ــ رحمه الله: «ايش ايش مين سفينة الأنغام؟!»، فقلت له نعم يا عم محمد هو سفينة الأنغام وأنت البحر الذي تسير عليه السفينة، عموما أنا تتلمذت على يديه وتعلمت منه بعض المقامات.
وبدوره، يقول الشاعر مصطفى زقزوق: كان ــ رحمه الله ــ فنانا كبيرا وحفاظة للتراث الغنائي، كما كان صاحب أخلاق عالية، وكان يعمل أثناء طفولتنا في السنترال «أيام السنترال أبو هندل»، وكان كثيرا ما يسمعنا الطرب الأصيل مثل الدانات المكية والطرب اليمني الأصيل، أنا عمري اليوم 82 عاما، وعندما كنت طفلا في الثامنة عاشقا للفن والطرب وكنت أسمع منه طربا رائعا وأنا أسهر مع كبار مكة بعد عشاء «السليق»، ومن أكثر الأغنيات التي كان يرددها باجودة أغنية:
«يا دودحية يا موتر جديد... أنت في صنعا وصوتك في الحجاز».
ويقول الفنان الكبير عبدالرحمن خوندنة ــ أطال الله في عمره ــ وهو الذي كان أول معلم لطلال مداح في عزف العود كما علم فيما بعد ابتسام لطفي العود والكمان أيضا:
ــ باجودة فنان كبير ومن سادة الغناء في الحجاز، وطالما امتعنا ونحن شبان، وكان من أكثر فناني جيله مثل فهد أبو حميدي ومحمد علي بوسطجي في حفلات مكة المكرمة ومناسباتها، وكثيرا ما حضرت وشاركت أحيانا في حفلاتهم وجلساتهم الفنية التي تهدف إلى حفظ التراث المكي الموسيقي والغنائي، وكنت أحب أسمع منه «قال المعنى سمعت الطير يترنم» والكثير من الدانات والمجارير والكسرات.
عندما بدأت العمل الإعلامي المرتبط بالفن والموسيقى والغناء، وكان ذلك منذ أكثر من ثلاثين عاما كنت أبحث عن كبار رواد الفن الغنائي السعودي الذين هم في أصلهم الرواد الذين بدأوا مراحل التأسيس في الفن السعودي، وكان منهم الفنان الكبير الراحل محمد باجودة الذي حاولت جاهدا أن ألتقي به لصالح الصحيفة، وكان دائما ما يرفض، «فسلطني» أستاذنا جميل محمود أن أدخل في الموضوع الجسيس الراحل محمد أمان ــ رحمه الله ــ قائلا «هو يقدر عليه»، وبالفعل حصل وزرناه معا في بيته المكي ــ محمد أمان وأنا ــ وكان أن أجريت حوارا معه كنت أتمنى إجراءه، وباجودة هو مرجع لفنون مكة وإيقاعاتها إلى أن رحل عن دنيانا قبل نحو ربع قرن يقل أو يزيد قليلا، حاولت يومها أن أقدمه في جريدتي كأحد الأسماء المهمة ولم أستطع ــ كان كبارنا يومها في الغالب لا يؤمنون بالإعلام وفعاليته، بل إن معظمهم كان يعتقد أن وسائل الإعلام فضاحة، وبعضهم لم يكن يشعر أن عليه تقديم فنه إعلاميا، بل ويخشى أن يعرف زملاؤه أسلوب عزفه وأي أوتار وعلى أي طريقة يعزف، ودليلنا إلى ذاك هذا الفنان الكبير الراحل محمد باجودة من أكبر فناني التراث وحفظته في مكة المكرمة الذي قال لي وأنا أحاوره:
ــ نعم كنت عندما أعزف في الجلسات الفنية أتحاشى أن يطلع زملائي على صدر العود كي لا يعرف زميلي الفنان الذي أعجبته الأغنية كيف أعزفها.. ومن هنا عرفت الكثير من أساليب الغناء وطرق تناوله من رواده وبينهم. وهنا يقول الفنان الكبير جميل محمود واجهة مكة المكرمة الموسيقية:
ــ رحمه الله هو المرجع الأكبر لكل الفنانين المهتمين بالتراث في مكة المكرمة وجدة تحديدا، وكلنا رجعنا إليه حتى أستاذنا محمد علي سندي كثيرا ما كان يرجع إليه بدون شك، عموما كثيرا ما استمتعنا بفنه وبذاكرته، ولدي تسجيلات لجلسات غنائية لباجودة ومحمد علي سندي ما زلت استمتع بها، وهي بمكانة المرجع الموسيقي لي، باجودة فنان كبير ولو أسعفه صوته ــ رحمه الله ــ لكان أسطورة التراث المكي، هو حافظ لكل المقامات المكية بحذافيرها وقواعدها، وحافظ للدانات والإيقاعات الأخرى مثل الشرقين، وما بين الشرقين والزواميل «جمع زومال»، والتي تقال في المزمار، وهنا أحب أن أؤكد أن لعبة المزمار أصلها أفريقي ولعبة ترجع لأصولها الأفريقية رغم معارضة البعض لما أقول؛ مثل زميلنا الإعلامي عبدالله رواس الذي يعارض قولي هذا دائما، والذي أؤكد له دوما أن هذا من ثقافات الآخرين كما لنا حقوقنا للآخرين أيضا حقوقهم وتراثهم، وكما أننا نخشى أن الناس مالنا إلى سجلاتهم، كذلك نرفض أن ننسب ما لغيرنا إلى ثقافتنا ــ كما قال جميل محمود:
ومن الذي يذكر بيني وباجودة ــ رحمه الله، أننا كنا مرة هو وأنا وعبدالله محمد في بيت زميلنا الباحث هاني فيروزي في الششة ــ رحمهم الله جميعا ــ وفجأة وهاني يقدم عبدالله محمد ليبدأ الغناء قال:
إليكم سفينة الأنغام الفنان عبدالله محمد، فقال: محمد باجودة ــ رحمه الله: «ايش ايش مين سفينة الأنغام؟!»، فقلت له نعم يا عم محمد هو سفينة الأنغام وأنت البحر الذي تسير عليه السفينة، عموما أنا تتلمذت على يديه وتعلمت منه بعض المقامات.
وبدوره، يقول الشاعر مصطفى زقزوق: كان ــ رحمه الله ــ فنانا كبيرا وحفاظة للتراث الغنائي، كما كان صاحب أخلاق عالية، وكان يعمل أثناء طفولتنا في السنترال «أيام السنترال أبو هندل»، وكان كثيرا ما يسمعنا الطرب الأصيل مثل الدانات المكية والطرب اليمني الأصيل، أنا عمري اليوم 82 عاما، وعندما كنت طفلا في الثامنة عاشقا للفن والطرب وكنت أسمع منه طربا رائعا وأنا أسهر مع كبار مكة بعد عشاء «السليق»، ومن أكثر الأغنيات التي كان يرددها باجودة أغنية:
«يا دودحية يا موتر جديد... أنت في صنعا وصوتك في الحجاز».
ويقول الفنان الكبير عبدالرحمن خوندنة ــ أطال الله في عمره ــ وهو الذي كان أول معلم لطلال مداح في عزف العود كما علم فيما بعد ابتسام لطفي العود والكمان أيضا:
ــ باجودة فنان كبير ومن سادة الغناء في الحجاز، وطالما امتعنا ونحن شبان، وكان من أكثر فناني جيله مثل فهد أبو حميدي ومحمد علي بوسطجي في حفلات مكة المكرمة ومناسباتها، وكثيرا ما حضرت وشاركت أحيانا في حفلاتهم وجلساتهم الفنية التي تهدف إلى حفظ التراث المكي الموسيقي والغنائي، وكنت أحب أسمع منه «قال المعنى سمعت الطير يترنم» والكثير من الدانات والمجارير والكسرات.