-A +A
شوقي عبد القادر (القاهرة)
اكد الرئيس المصري الجديد عبدالفتاح السيسي مساء أمس، في اول خطاب يوجهه الى المصريين بعد توليه مهام منصبه رسميا أنه «لا تهاون ولا مهادنة مع من يلجأ الى العنف». وقال في خطاب مطول وصف بأنه خارطة طريق لسياسته الداخلية والخارجية «اتطلع الى عهد جديد يقوم على التصالح والتسامح، باستثناء من اجرموا في حق الوطن واتخذوا من العنف منهجا»، في اشارة الى جماعة الاخوان. واضاف «اقولها واضحة جلية، من أراقوا دماء الابرياء وقتلوا المخلصين من ابناء مصر لا مكان لهم في هذه المسيرة».
وهاجم السيسي نظام محمد مرسي من دون ان يسميه، مشيرا الى انه كان يساهم في ما يحاك من مخططات تنال وحدة شعبه وسلامته الاقليمية، في اشارة على ما يبدو الى تحالفات اقليمية، قال السيسي اكثر من مرة في مقابلاته انها كانت تمثل تهديدا للامن القومي المصري. وتعهد السيسي بان يحترم الدستور «دستور دولتنا المدنية وحكمنا المدني» كما وعد بتحقيق اهداف الثورة، مشيرا اكثر من مرة الى انه سيعمل على تحقيق «الحرية والعدالة الاجتماعية والكرامة الانسانية».

وحرص الرئيس الجديد على الاشادة بالجيش المصري، واشاد بالدور الوطني للقوات المسلحة مصنع الرجال وقلعة الوطنية المصرية على مر العصور. كما حيا شهداء ثورتي يناير ويونيو
رئيس لكل المصريين
وقال السيسى، أقسمت أن أحافظ على النظام الجمهوري، الذي أسست له ثورة يوليو المجيدة، وصيانة لكرامة المواطن المصري.. وأن أحترم الدستور والقانون.. دستور دولتنا المدنية.. دستور العمل والإرادة، الذي يضم كافة أطياف مجتمعنا المصري ويصون الحقوق والحريات للجميع، إنني رئيس لكل المصريين ولا تفريق بين مواطن وآخر.. وأن أحافظ على استقلال الوطن.. الوطن الذي تعرض لتهديد كان سيطال وحدة شعبه لكن ثورتنا الشعبية في 30 يونيو استعادت ثورة 25 يناير وصوبت المسار، محافظة عليه بفضل من الله.
واضاف أن فرحتي الحقيقية هي بمدى وحدة وتماسك الشعب.. بقدر وعيكم السياسي ونضجكم الديمقراطي.. لقد ضربتم للعالم أجمع مثالا للتحضر وتحمل المسؤولية، وبرهنتم أن قدرتكم لا تتوقف على إسقاط أنظمة مستبدة وفاشلة وإنما ترجمتها بإرادة ديمقراطية في صناديق الاقتراع في أقل من 5 أشهر، وأجد مشاعري مختلطة بين السعادة في ثقتكم والتطلع لمواجهة التحديات، والخوف من الله عز وجل والرجاء في رحمته ومعونته، وأدعوه في كل صلاة متوكلا غير متواكل أن يعينني في مهمتي وأساهم في رفع الوطن.
اعتماد الحقيقة والمصارحة
وتابع، قائلا إن العقد الاجتماعي بين الشعب ومؤسسات الدولة يتعين أن يكون التزاما بين الطرفين وأنا لم استجب للترشح لأقدم وعودا براقة.. سوف نعتمد الحقيقة والمصارحة منهجا لتطبيق عقدنا الاجتماعي، اتفقنا نبقى واضحين وعلى تواصل مستمر، وكما سنتشارك في الجهد والعرق سنتعاون في استتباب أمني وعدالة اجتماعية وحقوق وحريات مكفولة للجميع.
وتحدث عن الثورتين المجيدتين وأنهما مهدتا لعصر يكرس للقوة وليس العدوان وصيانة للسلام وليس للقمع ودفاعا عن دولة القانون ويؤسس للقضاء والأمن مع صيانة الحقوق والحريات.. يدعم اقتصادا عملاقا للدولة والقطاع الخاص لكن مع الحفاظ على حقوق الفقراء ومحدودي الدخل، وتنمية المناطق.. ونصون منظومتنا القيمية.. ونؤمن ونرحب بالانفتاح..
وشدد على أنه ليس من دعاة اجترار الماضي وإنما الاعتبار دون تكرار السيئ من التجارب.. وكان لنا قبل 30 يونيو خطاب حاد ينذر بأن الشعب هو الخاسر، إضافة إلى ظروف متردية وعجز ضخم وبطالة متفشية بين أوساط الشباب ونقص حاد من العملات الصعبة وأزمة حادة في موارد الطاقة، وواقع سياسي واستقطاب ديني بين أبناء الدين الواحد.. دعاوى تكفير تطلق هنا أو هناك.. وبدلا من أن يلتفت النظام السابق لما يحاك من أخطار كان يشارك في مخططات لتحقيق رؤى مشوهة تتناقض مع تعاليم ديننا الحنيف..
القوات المسلحة انحازت للشعب
وأكد الرئيس السيسي أن القوات المسلحة انحازت للشعب، مشددا على أن جيشنا وطني موحد بعيدا عن أي انحيازات أو توجهات، وسيظل الجيش من الشعب ويؤمن أن عطاءه حربا وسلاما هو الحفاظ على الوطن.. مضيفا أنه لم يسع يوما إلى منصب سياسي وبدأت حياتي في المؤسسة العسكرية تعلمت فيها تحمل المسؤولية.. وتعلمت أن أرواحنا فداء للوطن ولا هروب من ميدان القتال واستخرت الله وأقدمت على إعلان بيان 3 يوليو، الذي صاغته القوى الوطنية بمباركة الشعب لتبدأ مرحلة جديدة من عمر أمتنا.. معركة نخوضها بشرف وكرامة.. وسنبني وطننا على أسس العدالة الاجتماعية والعيش الكريم.
وخاطب الحضور والشعب بقوله :اعلموا أن مصر أثبتت أنها عصية على الانكسار وهذا يعود إلى وحدة الدولة وأنتم منحتم الدولة ما يلزم من ثقة وتأييد وتمكين لتكون بلادنا رافضا لتدخل كائن من كان في شأننا الداخلي.
استعادة هيبة الدولة
وقال الرئيس المنتخب: أعي الإرث الثقيل من الظلم الاجتماعي وغياب العدالة، ليس من الأمانة أن أعد المواطن المصري البسيط أن أخلصه من هذا الإرث، لكنني أشهد الله أن أفعل ما استطعت ولن أتوانى في أن أضمد جراح مصري، وفي سبيل تحقيق ذلك سنعمل معا في ظل مصر جديدة بالسعادة والرفاهية، مشيرا إلى أنه يتطلع لتصالح بين أبناء وطننا باستثناء من أجرموا في حقه، تصالح ما بين أبناء وطننا باستثناء من أجرموا في حقه أو اتخذوا من العنف منهجا.. نبني سويا مستقبلا لا إقصاء فيه لتحقيق العيش والعدالة، وأما من أراقوا وقتلوا الأبرياء والمخلصين من أبناء مصر فلا مكان لهم في تلك المسيرة، وأقولها واضحة جلية لا تعاون ولا مهادنة مع من يلجأ للعنف ولمن يريدون تعطيل مسيرتنا نحو المستقبل، لا تعاون ولا مهادنة مع من يريدون دولة بلا هيبة. وتعهد بأن يشهد المستقبل القريب استعادة الدولة المصرية لهيبتها على التوازي مع جهودنا جميعا، معتبرا أن تحقيق التنمية يتطلب بيئة أمنية مواتية تؤمن رأس المال والسياحة، وسنعمل على تطوير جهاز الشرطة وإعادة الأمن للمواطن، إننا بحاجة لإعادة نشر الأمن والاستقرار في الشارع المصري وتحكمنا سيادة القانون وصون الحرية.
دور رجال الأعمال والمشاريع العملاقة
وأشار الرئيس الى أن المرحلة المقبلة تتطلب دورا وطنيا لرجال الأعمال الوطنيين الشرفاء وستعمل الدولة على توفير المناخ اللازم لتوفير أعمالهم وهذان القطاعان هما أساس التنمية الاقتصادية.. ويكمل كل منهما الآخر، مؤكدا أنه يتعين النهوض بقطاع الصناعة وتشغيل الشباب من خلال تشجيع الصناعات كثيفة العمالة.. وتيسير حصول المستثمرين على الأراضي، ولن نغفل استثمار الثروة المحجرية.. وسنعمل على وقف تصدير المواد الخام، إضافة إلى تدوير المخلفات واستخدامها لتوليد الطاقة الحيوية. وأوضح الرئيس السيسي، أن العمل سيكون على تدشين مشروعين عملاقين مثل إنشاء محور قناة السويس ومحطة الضبعة ومشروع للطاقة الشمسية، أما التنمية الزراعية فسيكون لها مجهود كبير أهمها مشروع ممر التنمية فضلا عن إعادة تقسيم المحافظات المصرية.. والنهوض بأوضاع الفلاح المصري والتصدي لمشكلاته.
النهوض بالزراعة والصناعة
وجدد التأكيد على عزمه النهوض بقطاعي الزراعة والصناعة، أحد محاور التنمية الشاملة لمصر وتخصيص نسبة للصحة، وتوفير رعاية طبية متميزة، مع تطوير قطاع التعليم، وربط التعليم باحتياجات سوق العمل. وأفاد أنه سيعمل على إنشاء محافظات جديدة وتوسيع البعض الاخر، وإنشاء عدة مطارات وموانئ وإقامة مدن سياحية جديدة.
واشار إلى أن التنمية الاقتصادية ستتواكب معها تنمية اجتماعية، وتنمية ثقافية يشارك فيها مثقفو وإعلاميو مصر، تعيد للآداب والفنون المصرية رونقها وحضارة وتاريخ أمتنا. ووجه الرئيس دعوة خالصة لكل أسرة مصرية وكل مدرسة ومسجد وكنيسة.. ببث الأخلاق الحميدة في عقول ابنائهم.. معربا عن تطلعه لمواصلة الأزهر دوره في تجديد الخطاب الديني بعد تشويه ممارسات ديننا الحنيف. وقال: لا يمكن أن نغفل دور الكنيسة المصرية العريقة في نقل صورة حقيقية للنسيج الوطني الواحد، لكنه شدد على أنه لن يسمح بخلق قيادة موازية تنازع الدولة وانحيازاتها.
لا تهاون مع الفاسدين
وأكد السيسي أنه لن يكون هناك تهاون مع الفاسدين ولن نكون مع من تورطوا في أي قضايا فساد.. فلنتق الله جميعا في مال الوطن الشعب.. كما جدد تأكيده على أنه لا فرق بين مواطن وآخر طالما كان في الإطار السلمي، وسيكون التميز والكفاءة والإجادة للحصول على الفرص المناسبة لنعطي كل ذي حق حقه إذا أردنا وطنا مستقرا عادلا.. انطلاقا من تكافؤ الفرص ورفع الظلم.
وأكد أن الحرية قرينة الالتزام وتتوقف عند حدود الآخرين ولها إطارها المنظم بموضوعية دون تجريح بالصراحة دون ابتذال، ودون ذلك فهي أي شيء آخر وهي فوضى وحق يراد به باطل. ووعد الرئيس المصري ببذل كل ما في وسعه لتحصل المرأة المصرية على تمثيل عادل في المجالس النيابية والمواقع التنفيذية.. وخاطب شباب مصر قائلا: دوركم مقدر ومحمود فأنتم أشعلتم جذوة الثورة، لكن الوطن لا يزال في حاجة ماسة لعملكم وإخلاصكم.. فأنتم مقبلون على مرحلة جديدة.. يا شباب مصر أنتم الأمل والمستقبل وأنتم من ستبنى مصر الجديدة بسواعدكم وسأسعى لمستقبل أفضل لكم وأبنائكم رئيسا لمصر وكل المصريين. وتوجه إلى بسطاء الوطن بقوله: تحملتم الكثير وتضاعفت معاناتكم في السنوات الأخيرة.. أعدكم أنني سأبذل كل ما في وسعي وسأعمل لساعات طويلة دون كلل أو ملل وأعد كل المصريين سنجني الثمار خلال هذه الفترة الرئاسية وسنحرص على إنجاز غير مسبوق.. واعدا البسطاء بحياة أفضل..
الأمن العربي وأمن الخليج
وأوضح الرئيس السيسي أنه سيعمل على إكمال الاستحقاق الثالث لخارطة الطريق، قائلا: إن أصواتكم أمانة واختياركم لنواب الشعب سيترتب عليه الكثير.. إننا بحاجة ماسة لمجلس نواب جديد.. يحيل نصوصنا الدستورية إلى قوانين ملزمة.. وأصواتكم شهادة فلا تكتموها واعطوها لمن يستحق ويرعى مصالحكم وينقل أصواتكم بأمانة ويكون لكم عونا.. ورأى أن مصر الداخل التي تمتلك محددات دورها الخارجي.. هي التي ستحدد موقعنا على الصعيد الدولي.. وإن مصر العربية يتعين أن تستعيد مكانتها شقيقة كبرى، وأنها تدرك أن الامن القومي العربي خط أحمر أما منطقة الخليج العربي أكدنا من قبل «مسافة السكة».. وفي ما يتعلق بالقضية الفلسطينية، أكد أنها ستظل قضية العرب الأولى.. وأن مصر أخذت على عاتقها الدفاع عن حقوق الشعب الفلسطيني حتى يحصل على حقوقه المشروعة على حدود الرابع من يونيو 1967 ودولة عاصمتها القدس الشرقية.
أزمة سد النهضة
وقال الرئيس المصرى، إنه لن يسمح لسد النهضة أن يكون سببا لخلق مشكلة، فإن كان السد يمثل حق التنمية لإثيوبيا فالنيل يمثل لنا حقنا في الحياة.. النيل الذي ظل رمزا لنا وعلينا أن نعمل كواحة للتعاون، مؤكدا أن التعاون لن يقتصر على الدوائر الرسمية وإنما بدوائر عملاقة ومصر يجب أن تكون منفتحة في علاقاتها الدولية، مشددا أن عهد التبعية في عهد العلاقات مضى.. وأن مصر نقطة توازن واستقرار في الشرق الأوسط ومركز الإشعاع الديني.. وستعتمد الندية والالتزام.. وأكد أن مصر اختارت من موقع انتصار أن تكون دولة سلام، مجددا الالتزام بالمعاهدات الدولية وإن استدعت تعديلها فسيكون بالتشاور.