أجمع عدد من الخبراء والمختصين في السوق العقارية على أهمية تفعيل الأظمة والقوانين المتعلقة بالسوق، واعتماد معايير علمية للتثمين لخلق سوق متوازنة ومنطقية، والبعد عن المغالاة وأهمية الشفافية والوضوح، في الوقت ذاته استبعد البعض انخفاض أسعار العقارات على المدى القريب، وأشاروا إلى مخاوفهم من تعرض السوق العقارية إلى الصدمة العنيفة التي تعرض لها سوق الأسهم من قبل في عام 2006 وتضرر منها الكثيرون.
وتحدث هؤلاء الخبراء والمتخصصون عن رؤية واقع ومستقبل سوق العقار في جدة بشكل خاص و المملكة بشكل عام.
وناقشوا في ديوانية إبراهيم السبيعي العديد من المحاور مثل: قراءة عن سوق العقار في جدة خلال السنوات العشر الماضية، واستشراف المستقبل، وانعكاس الأنظمة، والإجراءات العقارية الجديدة على سوق العقار في المملكة، وتأثير وسائل الإعلام الجديد، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتقنية في التسويق العقاري، وعمليات البيع والشراء في مجال العقار، ودور المطورين العقاريين في النهوض بسوق العقار، وإحداث الحراك فيه.
عقار جدة
بدأ اللقاء بقراءة عن سوق العقار في جدة خلال السنوات العشر الماضية، قدمها موفق الهاشمي الرئيس التنفيذي لشركة سقيفة الصفا للاستثمار العقاري ، فقال: إن العقار في جدة مر بخمس دورات اقتصادية لحركة البيع ونمو قيمة الأرض، كانت الدورة الأولى بين 2004 إلى 2006، حيث توقفت في تلك الدورة المضاربة على الأراضي، واتجهت إلى الأسهم، فكانت أول دورة تمر على العقار وتأثر بها. أما الدورة الثانية فكانت من 2006 إلى 2008م، حيث عادت فيها الأموال من الأسهم إلى المضاربة في الأراضي، وكانت هناك طفرة عقارية نامية في دبي، فانتقلت العدوى إلى السوق السعودي، وانتجت مشاريع عقارية عديدة ومساكن. أما الدورة الثالثة فكانت تمثل انهيار الطفرة العقارية بسبب أزمة الرهن العقاري في أمريكا عام 2007، وكان لها تأثير على السوق على الرغم من أنه لا علاقة مباشرة لنا بها.
أما الدورة الرابعة فكانت ما بين 2009م إلى 2012م فتم خلالها لجوء السيولة المالية إلى العقار للحفاظ على رأس المال، ما رفع أسعار الأراضي في جدة إلى 350 في المئة للأراضي السكنية و 250 في المئة للأراضي التجارية.
وأضاف: أما الدورة الخامسة، فتمتد من 2012م، وفيها تم انطلاق طفرة تطوير عقاري للوحدات السكنية والمباني التجارية ولكن الطابع كان يغلب عليه الطابع السكني.
وحول انعكاس الأنظمة والإجراءات التمويلية الجديدة على سوق العقار في المملكة، قال الهاشمي: إن التمويل العقاري بدأ ينشط ويلعب دورا من 2008 ، بعد إعلان الرغبة في إقرار نظام الرهن العقاري، فبدأت المؤسسات المالية والمصارف في تمويل المقترضين بالمرابحة وغيرها من طرق التمويل.
أما بالنسبة لدور منتجات، وأنظمة وزارة الإسكان على السوق، فالطلب كالتالي 40في المئة لدوي الدخل المتوسط، 17 في المئة لذوي الدخل المحدود، والقدرة الشرائية لهذه الشرائح مأخوذة في الحسبان، وبالتالي ستكون هناك معادلة بين التجار والوزارة، واستبعد أن يكون هناك تأثير كبير على السوق.
أنظمة التمويل والعقار
وبشأن تأثير الإجراءات والأنظمة الجديدة مثل: الرهن والتمويل العقاري، البيع على الخارطة، نسبة العمولة، نظام شموس الأمني، تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية وغيرها من الإجراءات والأنظمة على سوق العقار في المملكة، قال الخبير العقاري عبدالعزيز العزب: إن هناك بعض النقاط أو المفاهيم التي يجب أن نتفق عليها وهي :
أن وضع الأنظمة في أي مجال من المجالات مهم جدا وخصوصا في السوق العقاري، حيث تعتبر الأنظمة والإجراءات هي البنية التحتية التشريعية للسوق العقاري ، ولكن الأهم من وضع الأنظمة هو أن توضع لها لائحة تنفيذية للتطبيق، بمعنى كيف يمكن تطبيق هذه الأنظمة على أرض الواقع وألزم بها المعنيون، على أن تشمل آلية الرقابة والمتابعة على التنفيذ.
أن من إيجابيات وجود أنظمة لضبط السوق العقاري، حفظ الحقوق لجميع الأطراف وخطوات لمعالجة أزمة الإسكان وبالتالي زيادة عدد الوحدات المملوكة للمواطنين وبأسعار مقبولة، استقرار السوق العقارية وتجنب التقلبات، وتشجيع المطورين على بناء وحدات سكنية بأسعار مقبولة تتناسب مع القوة الشرائية، خلق التوازن بين العرض والطلب، خلق الثقة في السوق العقارية.
بعض الأنظمة التي صدرت في الفترات السابقة والذي قد يحتاج بعضها إلى بعض التعديلات، وإلى إصدار لائحة تنفيذية لبعضها ولكن صدورها في حد ذاته خطوة جيدة لتنظيم السوق العقارية .
فاللائحة التنفيذية مهمة للغاية لأي نظام حتى يستطيع تطبيق النظام، أو من سيطبق عليه النظام، معرفة كيف التعامل مع هذا النظام وفوائده.
هناك سلبيات لعدم وجود أنظمة لضبط السوق العقارية فتظهر التصرفات العشوائية، وتكثر المضاربات في العقار، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، وينتشر الممارسون غير النظاميين في السوق، وهذه السلبيات قد نجد منها الكثير، فبالتالي الأنظمة مهمة لضبط هذه السلوكيات وضبط السوق.
أما إيجابيات الأنظمة والإجراءات فتتمثل في حقوق جميع الأطراف: البائع، والمشتري، والمنشأة العقارية «المطور وغيره» ، خطوات لمعالجة أزمة الإسكان وبالتالي زيادة عدد الوحدات السكنية المملوكة لمواطن وبأسعار معقولة ، استقرار السوق العقاري، وتجنب التقلبات الكبيرة، تشجيع المطورين على بناء وحدات سكنية بأسعار مقبولة تتناسب مع القدرة الشرائية، خلق التوازن بين العرض والطلب، وخلق الثقة في السوق العقارية، أيضا مع وجود الأنظمة يبدأ السوق العقاري ينظف نفسه فيخرج منه الناس غير الجيدين مع تطبيق الأنظمة المدنية الحديثة، والرقابة على تطبيقها، أيضا خفض تكلفة التمويل أيضا العمولة غير الثابتة.وكل هذه الأنظمة سيكون لها أثر على السوق العقارية.
التثمين العقاري
وعن سؤال عن دور هيئة التثمين العقاري في تقييم الأراضي عند نزع الملكيات، وتصحيح الوضع في السوق العقارية، حتى لا يحدث إجحاف لكثير من الملاك في الأحياء العشوائية،لأن أكثر المطورين يعملون بالتقييم القديم وليس الحديث، قال العزب:لست ممثلا لهيئة التثمين ولكن مشكلة التقييم خصوصا التثمين لأغراض نزع الملكيات للمصلحة العامة، أو نزع العشوائيات، بالنسبة للمصلحة العامة مثل: مشاريع القطارات والطرق وغيرها، تشكل لجنة لجنة التقييم من 5 أعضاء 2 من ذوي الاختصاص و 3 موظفين. مشكلة التقديرات الصادرة من هذه اللجنة أنهم دائما يأخذون بالتصويت وليس بالخبرة والمعرفة، وهذا يغلب أصوات الثلاثة على الاثنين، وبالتالي تكون بعض التقديرات غير دقيقة، وهذا الأمر تحدثنا فيه مع هيئة التثمين وطالبناها أن تضم لجان تقييم العقارات المنزوعة للمنفعة العامة أو حتى العشوائيات مقيمين معتمدين لدى الهيئة حتى يكون الأعضاء جميعهم على دراية ومعرفة ويتحدثون نفس اللغة، جميعهم يطبقون معايير علمية ودولية، ثم التقييم وبالتالي تكون التقديرات منطقية وموضوعية.
وأعتقد أن الهيئة مهمة جدا قبل ما يخدم ويؤسس لعمل منهجي في التقييم العقاري.
وأضاف: الدكتور مقبل الذكير أن أكثر القوانين ليس له لوائح تنظيمية وبعضها غير مفعل، والحقيقة أن هذه الناحية مكمن الخطر فيما يتعلق بهذا القطاع، الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية، فبعض المسؤولين لا يقدرون أن عدم تهيئة البيئة المناسبة لنمو هذا القطاع يؤدي إلى مساوئ اقتصادية عديدة، ولا أعرف كيف يمكن للعقاريين التعامل ثم ظلت هذه البيئة القانونية غير المكتملة. فالبيئة القانونية هي أساس، وهناك الكثير من الموضوعات والمنتجات العقارية من المهم، بل يجب أن تنظم مثل البيع على الخارطة، لأن هذا يشجع على إقامة مشاريع كبيرة جدا.
ويرى العزب ضرورة أن تعمل اللجان المتخصصة في الغرف التجارية على تعديل مثل هذه الأوضاع موضحا أن نظام البيع على الخارطة مثلا تجاهل صغار المطورين، فإذا أردت على سبيل المثال أن تعمل على مجموعة صغيرة من الوحدات السكنية كمشروع تطرحه للبيع ، فإنه لا يسمح لك فهناك متطلبات وأشياء كثيرة لا تنطبق على صغار المطورين.
وأشار العزب أيضا إلى أن هناك مثلا نظام اتحاد الملاك ليس إلزاميا، فكثيرون يعملون وحدات شققا تفاجأ أحيانا أن المالك غير قادر على إنهاء توزيع الملكيات لعدم قدرته على إنهاء معاملة الذرعة، مقترحا أن لا تفرغ الوحدات العقارية السكنية في العمائر إلا بوجود التزام من الجميع بنظام اتحاد ومعرفة المستثمرين، وحول هذه الجزئية يتداخل حسن الزهراني قائلا: إن التركيز على بناء المكان أكثر من الإنسان ملمحا إلى أهمية إيجاد أنظمة تتعلق بتخطيط المدن والعقارات والمجمعات السكنية تهتم بالإنسان، موضحا أن الأغلبية تعرف أن نسبة 30 إلى 33 في المئة من المخطط العقاري يكون للخدمات داخل الأحياء، ولن نتحدث عن الماضي ولكن نتحدث عن المستقبل.
مختتما الزهراني حديثه في هذه الجزئية بقوله: لماذا لا يكون هناك نظام يحدد أن هذه المواقع يبنى عليها مراكز للأحياء، ومراكز لخدمة سكان هذه الأحياء لتكون التنمية بالفعل متكاملة ومتوازنة.
ليتناول طرف الحديث ياسر الخولي بقوله: إن ما يحدث في جدة هو تطوير مخططات وليس تطوير أحياء. مبينا أن هناك فرقا كبيرا بين تطوير مخطط يكون المستهدف فيه العقار، وبين تطوير حي وبالتالي ليس هناك تناسق في الديموغرافية إلا في المستوى المالي. واقترح الخولي أن يبادر المتخصصون في هذا القطاع بعقد ورش عمل تهدف إلى إيجاد التكامل الذي يحقق الفعالية والجدوى المنشودة .
وعن تأثير وسائل الإعلام الجديد، ومواقع لتواصل الاجتماعي والتقنية في التسويق العقاري ومؤشرات البيع والشراء، تحدث المهندس محيى الدين حكمي مساعد أمين عام الغرفة التجارية الصناعية في جدة قائلا: منذ 8 سنوات تقريبا والمتعاملون في السوق العقارية يستخدمون التقنية في عرض المنتج مما خفض التكاليف، وأحدث نقلة نوعية في العقار، ودخل السوق الكثير من غير المتخصصين .
وبين حكمي أن في المملكة نحو 7.8 مليون مستخدم للفيسبوك و5 ملايين مستخدم لتويتر وأكثر من 50 مليون تغريدة في الشهر، و 13 مليون مستخدم للإنترنت، مشيرا إلى أن هذا يفرض واقعا تسويقيا مختلفا، ويعطي مؤشرا أن هناك مجالا تسويقيا مقداره 13 مليون شخص.
أضاف: أن عدم وجود معلومات دقيقة عن السوق أسهم في ارتفاع الأسعار، مبينا أن السوق يكتفنه الغموض، وليس هناك أرقام وإحصاءات واضحه، مؤكدا أن الغرفة التجارية تعمل حاليا على مشروع المؤشر العقاري ليستفيد منه المتعاملون في السوق في اتخاذ القرار المناسب، ومؤكدا أن الأنظمة الإلكترونية لها أهمية كبيرة في تنظيم السوق، ومسألة ربطها ببعضها البعض ستخدم القطاع بشكل كبير، وتربط معها الجهات الحكومية الخدماتية
المطورون العقاريون
العضو المنتدب لشركة بوابة مكة المهندس عصام كلثوم تحدث عن دور المطورين العقاريين في النهوض بالسوق العقاري فقال: إن صناعة العقار مثل أي صناعة لها مؤثرات داخلية وخارجية، ولها لاعبون رئيسيون ومستفيدون ومستهدفون، ويرى ضرورة إيجاد موازنة بين المستفيدين والمستهدفين، حيث لايرى أن الاستمرار في التجارة، أو الاستثمار في الأراضي لتخزين الثروة سيتكرر مثل ماحدث في سوق الأسهم، مبينا أنه عندما ترفع قيمة الأراضي أكثر من حاجة المستثمرين مع ملاحظة أن هناك فراغا هائلا في الاحتياج السكني ربما تمنع رأس المال من الاتجاه بقوة إلى التطوير العقاري لإنتاج وحدات سكنية، ويرى أن هذه المعضله لن يحلها القطاع الخاص بمفرده، ولا القطاع الحكومي بمفرده ، وأضاف: في الفترة الأخيرة لوحظ أن هناك توجها للمطورين العقاريين نحو التطوير العمراني؛ وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأراضي، وعدم اكتمال آليات التمويل، وعدم وجود البنى التحتية، ووصول الخدمات، وعشوائية توزيع الأراضي أو المخططات بشكل قلص الفرصة بإقامة أجزاء من المدن أو ضواح سكنية، مضيفا: أنه في السنوات القليلة الماضية حدثت كثير من المتغيرات الإيجابية، مثل الاهتمام بقضية الإسكان والدعم المادي والحكومي الكبير لهذا القطاع، والاستثمار الكبير في توسيع إمكانات البنى التحتية من إنتاج الكهرباء، وتوسعة محطات تحلية المياه، مما يعني أن هناك دعما هائلا جدا وتوجها إلى عملية تخطيط منهجية، وتغيير التركيبة الصلبة للجهات الحكومية. مستحضرا تجربة أمانة جدة، وأمانة العاصمة المقدسة في إنشاء شركات تحل محل الجهة الحكومية لتعمل مع المطورين على مبدأ ما يسمى أعمال لأعمال وعلى قاعدة قطاع خاص مع قطاع خاص.
أما الدكتور عبد الملك الجنيدي رئيس المجلس البلدي في جدة فتطرق إلى الهجرة من القرى إلى المدن، وكيفية الحد منها موضحا جهود الحكومة في هذه الجزئية بإنشاء جامعات في جميع مناطق المملكة، مشيرا إلى أنه يوجد لدينا الآن 28 جامعة بما يعد جامعة لكل مليون، وكذلك إنشاء المدن الصناعية، و الاقتصادية .
وحول التطوير العقاري، والبيع على الخارطة يرى الجنيدي أن يتم التطوير بالتنسيق مع وزارة المالية، ويكون هناك حساب بنكي تشرف عليه الوزارة ليسهل على المواطن الشراء في هذه المخططات على الورق مع حفظ الحقوق، واتفق الجنيدي مع الآراء التي تدعو إلى تطوير الأحياء، موضحا أن المجلس البلدي طرح على الأمانة أن يكون في كل مخطط نسبة من الأراضي لذوي الدخل المحدود، ويرى سليمان النملة مستثمر عقاري أن الحديث عن العقار متشعب جدا داعيا إلى التركيز على التنظيمات البلدية مثل: التراخيص و الارتفاعات و الإجراءات المتغيرة بين الحين و الآخر و انعكاسها على السوق، مشيرا إلى أن مكاتب العقار مازالت عشوائية، ويعمل فيها وافدون يتاجرون بشكل غير منطقي في الأراضي مستغلين حاجة الناس. وشدد الدكتور حسن بلخي أستاذ الاقتصاد ،المستشار الاقتصادي على أهمية توفر معلومات وإحصاءات مثل: نمو السوق العقاري إلى جانب الإحصاءات السكانية لكي تؤخذ تأخذ في الاعتبار كمرجع عند التوسع العمراني، وتخطيط المدن مشيرا إلى أهمية إعادة تجربة مشروع الأمير فواز والشرفية، حيث يعدان مشروعين متكاملين تتوفر فيهما المتطلبات الإنسانية و السكانية. واختتم الحديث محمد عاشور الزهراني متخصص عقار الذي دعا فيه الجميع بأن يبادروا في إضافة الخدمات على المشاريع مثل: الحدائق الداخلية الخاصة بالمبنى، وخدمات الغاز، والتكييف، والاحتياجات الأخرى التي تمس حياة السكان.
المشاركون في الندوة:
ــ د. عبدالملك الجنيدي
رئيس المجلس البلدي في جدة
ــ د. حسن بلخي
أستاذ الاقتصاد
ــ موفق علي الهاشمي
الرئيس التنفيذي لشركة سقيفة الصفا للتطوير والاستثمار العقاري
ــ م.محيي الدين حكمي
مساعد أمين عام الغرفة التجارية الصناعية في جدة
ــ عبدالعزيز العزب
الرئيس التنفيذي لشركة عقارية للتطوير
ــ عصام كلثوم
العضصو المنتدب لشركة بوابة مكة
ــ ياسر الخولي
ــ م. حسن الزهراني
أمين عام جمعية مراكز الأحياء في جدة
وتحدث هؤلاء الخبراء والمتخصصون عن رؤية واقع ومستقبل سوق العقار في جدة بشكل خاص و المملكة بشكل عام.
وناقشوا في ديوانية إبراهيم السبيعي العديد من المحاور مثل: قراءة عن سوق العقار في جدة خلال السنوات العشر الماضية، واستشراف المستقبل، وانعكاس الأنظمة، والإجراءات العقارية الجديدة على سوق العقار في المملكة، وتأثير وسائل الإعلام الجديد، ومواقع التواصل الاجتماعي، والتقنية في التسويق العقاري، وعمليات البيع والشراء في مجال العقار، ودور المطورين العقاريين في النهوض بسوق العقار، وإحداث الحراك فيه.
عقار جدة
بدأ اللقاء بقراءة عن سوق العقار في جدة خلال السنوات العشر الماضية، قدمها موفق الهاشمي الرئيس التنفيذي لشركة سقيفة الصفا للاستثمار العقاري ، فقال: إن العقار في جدة مر بخمس دورات اقتصادية لحركة البيع ونمو قيمة الأرض، كانت الدورة الأولى بين 2004 إلى 2006، حيث توقفت في تلك الدورة المضاربة على الأراضي، واتجهت إلى الأسهم، فكانت أول دورة تمر على العقار وتأثر بها. أما الدورة الثانية فكانت من 2006 إلى 2008م، حيث عادت فيها الأموال من الأسهم إلى المضاربة في الأراضي، وكانت هناك طفرة عقارية نامية في دبي، فانتقلت العدوى إلى السوق السعودي، وانتجت مشاريع عقارية عديدة ومساكن. أما الدورة الثالثة فكانت تمثل انهيار الطفرة العقارية بسبب أزمة الرهن العقاري في أمريكا عام 2007، وكان لها تأثير على السوق على الرغم من أنه لا علاقة مباشرة لنا بها.
أما الدورة الرابعة فكانت ما بين 2009م إلى 2012م فتم خلالها لجوء السيولة المالية إلى العقار للحفاظ على رأس المال، ما رفع أسعار الأراضي في جدة إلى 350 في المئة للأراضي السكنية و 250 في المئة للأراضي التجارية.
وأضاف: أما الدورة الخامسة، فتمتد من 2012م، وفيها تم انطلاق طفرة تطوير عقاري للوحدات السكنية والمباني التجارية ولكن الطابع كان يغلب عليه الطابع السكني.
وحول انعكاس الأنظمة والإجراءات التمويلية الجديدة على سوق العقار في المملكة، قال الهاشمي: إن التمويل العقاري بدأ ينشط ويلعب دورا من 2008 ، بعد إعلان الرغبة في إقرار نظام الرهن العقاري، فبدأت المؤسسات المالية والمصارف في تمويل المقترضين بالمرابحة وغيرها من طرق التمويل.
أما بالنسبة لدور منتجات، وأنظمة وزارة الإسكان على السوق، فالطلب كالتالي 40في المئة لدوي الدخل المتوسط، 17 في المئة لذوي الدخل المحدود، والقدرة الشرائية لهذه الشرائح مأخوذة في الحسبان، وبالتالي ستكون هناك معادلة بين التجار والوزارة، واستبعد أن يكون هناك تأثير كبير على السوق.
أنظمة التمويل والعقار
وبشأن تأثير الإجراءات والأنظمة الجديدة مثل: الرهن والتمويل العقاري، البيع على الخارطة، نسبة العمولة، نظام شموس الأمني، تحويل الأراضي الزراعية إلى سكنية وغيرها من الإجراءات والأنظمة على سوق العقار في المملكة، قال الخبير العقاري عبدالعزيز العزب: إن هناك بعض النقاط أو المفاهيم التي يجب أن نتفق عليها وهي :
أن وضع الأنظمة في أي مجال من المجالات مهم جدا وخصوصا في السوق العقاري، حيث تعتبر الأنظمة والإجراءات هي البنية التحتية التشريعية للسوق العقاري ، ولكن الأهم من وضع الأنظمة هو أن توضع لها لائحة تنفيذية للتطبيق، بمعنى كيف يمكن تطبيق هذه الأنظمة على أرض الواقع وألزم بها المعنيون، على أن تشمل آلية الرقابة والمتابعة على التنفيذ.
أن من إيجابيات وجود أنظمة لضبط السوق العقاري، حفظ الحقوق لجميع الأطراف وخطوات لمعالجة أزمة الإسكان وبالتالي زيادة عدد الوحدات المملوكة للمواطنين وبأسعار مقبولة، استقرار السوق العقارية وتجنب التقلبات، وتشجيع المطورين على بناء وحدات سكنية بأسعار مقبولة تتناسب مع القوة الشرائية، خلق التوازن بين العرض والطلب، خلق الثقة في السوق العقارية.
بعض الأنظمة التي صدرت في الفترات السابقة والذي قد يحتاج بعضها إلى بعض التعديلات، وإلى إصدار لائحة تنفيذية لبعضها ولكن صدورها في حد ذاته خطوة جيدة لتنظيم السوق العقارية .
فاللائحة التنفيذية مهمة للغاية لأي نظام حتى يستطيع تطبيق النظام، أو من سيطبق عليه النظام، معرفة كيف التعامل مع هذا النظام وفوائده.
هناك سلبيات لعدم وجود أنظمة لضبط السوق العقارية فتظهر التصرفات العشوائية، وتكثر المضاربات في العقار، تؤدي إلى ارتفاع الأسعار بشكل غير مبرر، وينتشر الممارسون غير النظاميين في السوق، وهذه السلبيات قد نجد منها الكثير، فبالتالي الأنظمة مهمة لضبط هذه السلوكيات وضبط السوق.
أما إيجابيات الأنظمة والإجراءات فتتمثل في حقوق جميع الأطراف: البائع، والمشتري، والمنشأة العقارية «المطور وغيره» ، خطوات لمعالجة أزمة الإسكان وبالتالي زيادة عدد الوحدات السكنية المملوكة لمواطن وبأسعار معقولة ، استقرار السوق العقاري، وتجنب التقلبات الكبيرة، تشجيع المطورين على بناء وحدات سكنية بأسعار مقبولة تتناسب مع القدرة الشرائية، خلق التوازن بين العرض والطلب، وخلق الثقة في السوق العقارية، أيضا مع وجود الأنظمة يبدأ السوق العقاري ينظف نفسه فيخرج منه الناس غير الجيدين مع تطبيق الأنظمة المدنية الحديثة، والرقابة على تطبيقها، أيضا خفض تكلفة التمويل أيضا العمولة غير الثابتة.وكل هذه الأنظمة سيكون لها أثر على السوق العقارية.
التثمين العقاري
وعن سؤال عن دور هيئة التثمين العقاري في تقييم الأراضي عند نزع الملكيات، وتصحيح الوضع في السوق العقارية، حتى لا يحدث إجحاف لكثير من الملاك في الأحياء العشوائية،لأن أكثر المطورين يعملون بالتقييم القديم وليس الحديث، قال العزب:لست ممثلا لهيئة التثمين ولكن مشكلة التقييم خصوصا التثمين لأغراض نزع الملكيات للمصلحة العامة، أو نزع العشوائيات، بالنسبة للمصلحة العامة مثل: مشاريع القطارات والطرق وغيرها، تشكل لجنة لجنة التقييم من 5 أعضاء 2 من ذوي الاختصاص و 3 موظفين. مشكلة التقديرات الصادرة من هذه اللجنة أنهم دائما يأخذون بالتصويت وليس بالخبرة والمعرفة، وهذا يغلب أصوات الثلاثة على الاثنين، وبالتالي تكون بعض التقديرات غير دقيقة، وهذا الأمر تحدثنا فيه مع هيئة التثمين وطالبناها أن تضم لجان تقييم العقارات المنزوعة للمنفعة العامة أو حتى العشوائيات مقيمين معتمدين لدى الهيئة حتى يكون الأعضاء جميعهم على دراية ومعرفة ويتحدثون نفس اللغة، جميعهم يطبقون معايير علمية ودولية، ثم التقييم وبالتالي تكون التقديرات منطقية وموضوعية.
وأعتقد أن الهيئة مهمة جدا قبل ما يخدم ويؤسس لعمل منهجي في التقييم العقاري.
وأضاف: الدكتور مقبل الذكير أن أكثر القوانين ليس له لوائح تنظيمية وبعضها غير مفعل، والحقيقة أن هذه الناحية مكمن الخطر فيما يتعلق بهذا القطاع، الذي يعتبر من أهم القطاعات الاقتصادية، فبعض المسؤولين لا يقدرون أن عدم تهيئة البيئة المناسبة لنمو هذا القطاع يؤدي إلى مساوئ اقتصادية عديدة، ولا أعرف كيف يمكن للعقاريين التعامل ثم ظلت هذه البيئة القانونية غير المكتملة. فالبيئة القانونية هي أساس، وهناك الكثير من الموضوعات والمنتجات العقارية من المهم، بل يجب أن تنظم مثل البيع على الخارطة، لأن هذا يشجع على إقامة مشاريع كبيرة جدا.
ويرى العزب ضرورة أن تعمل اللجان المتخصصة في الغرف التجارية على تعديل مثل هذه الأوضاع موضحا أن نظام البيع على الخارطة مثلا تجاهل صغار المطورين، فإذا أردت على سبيل المثال أن تعمل على مجموعة صغيرة من الوحدات السكنية كمشروع تطرحه للبيع ، فإنه لا يسمح لك فهناك متطلبات وأشياء كثيرة لا تنطبق على صغار المطورين.
وأشار العزب أيضا إلى أن هناك مثلا نظام اتحاد الملاك ليس إلزاميا، فكثيرون يعملون وحدات شققا تفاجأ أحيانا أن المالك غير قادر على إنهاء توزيع الملكيات لعدم قدرته على إنهاء معاملة الذرعة، مقترحا أن لا تفرغ الوحدات العقارية السكنية في العمائر إلا بوجود التزام من الجميع بنظام اتحاد ومعرفة المستثمرين، وحول هذه الجزئية يتداخل حسن الزهراني قائلا: إن التركيز على بناء المكان أكثر من الإنسان ملمحا إلى أهمية إيجاد أنظمة تتعلق بتخطيط المدن والعقارات والمجمعات السكنية تهتم بالإنسان، موضحا أن الأغلبية تعرف أن نسبة 30 إلى 33 في المئة من المخطط العقاري يكون للخدمات داخل الأحياء، ولن نتحدث عن الماضي ولكن نتحدث عن المستقبل.
مختتما الزهراني حديثه في هذه الجزئية بقوله: لماذا لا يكون هناك نظام يحدد أن هذه المواقع يبنى عليها مراكز للأحياء، ومراكز لخدمة سكان هذه الأحياء لتكون التنمية بالفعل متكاملة ومتوازنة.
ليتناول طرف الحديث ياسر الخولي بقوله: إن ما يحدث في جدة هو تطوير مخططات وليس تطوير أحياء. مبينا أن هناك فرقا كبيرا بين تطوير مخطط يكون المستهدف فيه العقار، وبين تطوير حي وبالتالي ليس هناك تناسق في الديموغرافية إلا في المستوى المالي. واقترح الخولي أن يبادر المتخصصون في هذا القطاع بعقد ورش عمل تهدف إلى إيجاد التكامل الذي يحقق الفعالية والجدوى المنشودة .
وعن تأثير وسائل الإعلام الجديد، ومواقع لتواصل الاجتماعي والتقنية في التسويق العقاري ومؤشرات البيع والشراء، تحدث المهندس محيى الدين حكمي مساعد أمين عام الغرفة التجارية الصناعية في جدة قائلا: منذ 8 سنوات تقريبا والمتعاملون في السوق العقارية يستخدمون التقنية في عرض المنتج مما خفض التكاليف، وأحدث نقلة نوعية في العقار، ودخل السوق الكثير من غير المتخصصين .
وبين حكمي أن في المملكة نحو 7.8 مليون مستخدم للفيسبوك و5 ملايين مستخدم لتويتر وأكثر من 50 مليون تغريدة في الشهر، و 13 مليون مستخدم للإنترنت، مشيرا إلى أن هذا يفرض واقعا تسويقيا مختلفا، ويعطي مؤشرا أن هناك مجالا تسويقيا مقداره 13 مليون شخص.
أضاف: أن عدم وجود معلومات دقيقة عن السوق أسهم في ارتفاع الأسعار، مبينا أن السوق يكتفنه الغموض، وليس هناك أرقام وإحصاءات واضحه، مؤكدا أن الغرفة التجارية تعمل حاليا على مشروع المؤشر العقاري ليستفيد منه المتعاملون في السوق في اتخاذ القرار المناسب، ومؤكدا أن الأنظمة الإلكترونية لها أهمية كبيرة في تنظيم السوق، ومسألة ربطها ببعضها البعض ستخدم القطاع بشكل كبير، وتربط معها الجهات الحكومية الخدماتية
المطورون العقاريون
العضو المنتدب لشركة بوابة مكة المهندس عصام كلثوم تحدث عن دور المطورين العقاريين في النهوض بالسوق العقاري فقال: إن صناعة العقار مثل أي صناعة لها مؤثرات داخلية وخارجية، ولها لاعبون رئيسيون ومستفيدون ومستهدفون، ويرى ضرورة إيجاد موازنة بين المستفيدين والمستهدفين، حيث لايرى أن الاستمرار في التجارة، أو الاستثمار في الأراضي لتخزين الثروة سيتكرر مثل ماحدث في سوق الأسهم، مبينا أنه عندما ترفع قيمة الأراضي أكثر من حاجة المستثمرين مع ملاحظة أن هناك فراغا هائلا في الاحتياج السكني ربما تمنع رأس المال من الاتجاه بقوة إلى التطوير العقاري لإنتاج وحدات سكنية، ويرى أن هذه المعضله لن يحلها القطاع الخاص بمفرده، ولا القطاع الحكومي بمفرده ، وأضاف: في الفترة الأخيرة لوحظ أن هناك توجها للمطورين العقاريين نحو التطوير العمراني؛ وذلك بسبب ارتفاع أسعار الأراضي، وعدم اكتمال آليات التمويل، وعدم وجود البنى التحتية، ووصول الخدمات، وعشوائية توزيع الأراضي أو المخططات بشكل قلص الفرصة بإقامة أجزاء من المدن أو ضواح سكنية، مضيفا: أنه في السنوات القليلة الماضية حدثت كثير من المتغيرات الإيجابية، مثل الاهتمام بقضية الإسكان والدعم المادي والحكومي الكبير لهذا القطاع، والاستثمار الكبير في توسيع إمكانات البنى التحتية من إنتاج الكهرباء، وتوسعة محطات تحلية المياه، مما يعني أن هناك دعما هائلا جدا وتوجها إلى عملية تخطيط منهجية، وتغيير التركيبة الصلبة للجهات الحكومية. مستحضرا تجربة أمانة جدة، وأمانة العاصمة المقدسة في إنشاء شركات تحل محل الجهة الحكومية لتعمل مع المطورين على مبدأ ما يسمى أعمال لأعمال وعلى قاعدة قطاع خاص مع قطاع خاص.
أما الدكتور عبد الملك الجنيدي رئيس المجلس البلدي في جدة فتطرق إلى الهجرة من القرى إلى المدن، وكيفية الحد منها موضحا جهود الحكومة في هذه الجزئية بإنشاء جامعات في جميع مناطق المملكة، مشيرا إلى أنه يوجد لدينا الآن 28 جامعة بما يعد جامعة لكل مليون، وكذلك إنشاء المدن الصناعية، و الاقتصادية .
وحول التطوير العقاري، والبيع على الخارطة يرى الجنيدي أن يتم التطوير بالتنسيق مع وزارة المالية، ويكون هناك حساب بنكي تشرف عليه الوزارة ليسهل على المواطن الشراء في هذه المخططات على الورق مع حفظ الحقوق، واتفق الجنيدي مع الآراء التي تدعو إلى تطوير الأحياء، موضحا أن المجلس البلدي طرح على الأمانة أن يكون في كل مخطط نسبة من الأراضي لذوي الدخل المحدود، ويرى سليمان النملة مستثمر عقاري أن الحديث عن العقار متشعب جدا داعيا إلى التركيز على التنظيمات البلدية مثل: التراخيص و الارتفاعات و الإجراءات المتغيرة بين الحين و الآخر و انعكاسها على السوق، مشيرا إلى أن مكاتب العقار مازالت عشوائية، ويعمل فيها وافدون يتاجرون بشكل غير منطقي في الأراضي مستغلين حاجة الناس. وشدد الدكتور حسن بلخي أستاذ الاقتصاد ،المستشار الاقتصادي على أهمية توفر معلومات وإحصاءات مثل: نمو السوق العقاري إلى جانب الإحصاءات السكانية لكي تؤخذ تأخذ في الاعتبار كمرجع عند التوسع العمراني، وتخطيط المدن مشيرا إلى أهمية إعادة تجربة مشروع الأمير فواز والشرفية، حيث يعدان مشروعين متكاملين تتوفر فيهما المتطلبات الإنسانية و السكانية. واختتم الحديث محمد عاشور الزهراني متخصص عقار الذي دعا فيه الجميع بأن يبادروا في إضافة الخدمات على المشاريع مثل: الحدائق الداخلية الخاصة بالمبنى، وخدمات الغاز، والتكييف، والاحتياجات الأخرى التي تمس حياة السكان.
المشاركون في الندوة:
ــ د. عبدالملك الجنيدي
رئيس المجلس البلدي في جدة
ــ د. حسن بلخي
أستاذ الاقتصاد
ــ موفق علي الهاشمي
الرئيس التنفيذي لشركة سقيفة الصفا للتطوير والاستثمار العقاري
ــ م.محيي الدين حكمي
مساعد أمين عام الغرفة التجارية الصناعية في جدة
ــ عبدالعزيز العزب
الرئيس التنفيذي لشركة عقارية للتطوير
ــ عصام كلثوم
العضصو المنتدب لشركة بوابة مكة
ــ ياسر الخولي
ــ م. حسن الزهراني
أمين عام جمعية مراكز الأحياء في جدة