في عام 2006م كنت بصحبة معالي الشيخ الوالد محمد بن ناصر العبودي الأمين العام المساعد لرابطة العالم الإسلامي، في زيارة لدولة نيجيريا، وكان من ضمن برنامج الرحلة زيارة عدد من الولايات النيجيرية مثل كانو وميدغري وغيرها والتواصل مع مكتب الرابطة في العاصمة أبوجا والالتقاء بالدعاة وتفقد أحوال عدد من الجمعيات الإسلامية إضافة إلى زيارات مجاملة لمسؤولين نيجيريين في رئاسة الجمهورية، وكانت تنقلاتنا بين الولايات بالطائرة لوجود عدة شركات حكومية وأهلية تعمل على الساحة النيجيرية، حيث يبلغ سكان الدولة نحو مائتي مليون نسمة، ثمانون في المائة منهم من المسلمين فهي أكبر دولة أفريقية من حيث عدد السكان وثاني أو ثالث دولة من حيث عدد المسلمين. وسار برنامج الزيارة بشكل جيد حتى وصلنا إلى ولاية ميدغري، فرأينا فيها العجب العجاب! لقد وجدنا الفقر نفسه في استقبالنا والجهل شقيق له في كل زاوية من الولاية، وكانت منظمة «بوكو حرام» في أول عهدها، ولم تكن تسمى بهذا الاسم وإنما كانت عبارة عن مجموعة من الشباب الفقراء المدقعين الذين رفعوا شعار تطبيق السنة ومحاربة الطرق ومشايخها من تيجانية وصوفية وغيرها، لاسيما بعد أن لاحظ أولئك الشبان أن بعض مشايخ الطرق يستغلون مريديهم في جمع الأموال لمصالحهم، فيغدو «الخليفة» وهو منصب من مناصب الطرق التيجانية في رفاه وعز وأتباعه يلحسون التراب ويدعون له ليل نهار بأن يزيده الله صحة وخيرا حتى تنعم أرواحهم بالأمن والسلام بفضل دعائه لهم ومباركته لوجودهم حولهم، ولكن بوكو حرام لم تطق صبرا فأرادت تغيير ما رأته من منكرات بالقوة فبدأت في عمليات خطف وقتل وترويع لأتباع ومشايخ الطرق فزحف عليها جنود الدولة وقتلوا رئيسها محمد يوسف في وقت لاحق من زياراتنا فكمنت الحركة ثم خرجت في الآونة الأخيرة بأعمال مسيئة إلى الإسلام لو اجتمع جميع أعدائه من غير المسلمين على الإساءة إليه مثل ما أساءت إليه بوكو حرام لما استطاعوا، وقد سمعت اسم ولاية ميدغري يتردد في وسائل الإعلام وأنا بها عليم فقد كان بقاؤنا فيها لمدة ثلاثة أيام فقط من أصعب ما مر علي في حياتي من أيام، فالفندق الذي نزلنا فيه وهو أحسن فندق على حد قول مرافقنا تنقطع الكهرباء عنه كل ساعة لمدة عشرين دقيقة ودرجة الحرارة فوق الأربعين ودورة مياه الفندق لا توجد بها وسائل تنظيف من ورق أو صابون أو زفت أو مناشف !
وعندما أردنا الإفطار وجدنا في المطعم عاملا واحدا ليس لديه سوى خبز بارد وبيض مقلي ولا شيء غير ذلك، فقال الشيخ العبودي «معي كليجة» ومعي سخان وبن وهيل، ففرحنا بما معه ولكن الكهرباء كانت مقطوعة عن الفندق فاكتفينا بالخبز البارد والبيض المقلي وخرجنا إلى موعد مرتب للسلام على الشيخ عمر الكاتمي سلطان قبيلة البرنو، وهو في تلك الأيام تجاوز الثمانين من عمره ويعاني من مرض القلب وصوته خافت ولكنه يجيد اللغة العربية وأتباعه في نيجيريا يزيدون عن ثلاثين مليون برناوي، ولذلك فإن حكومة أبوجا تجامله لكسب أصوات أتباعه في الانتخابات، فطلب من الشيخ العبودي التوسط في تقديم مساعدة بمليون دولار أمريكي لاكمال جامع كبير تبنى السلطان إنشاءه في وسط ميدغري قريبا من قصره، فوعده الشيخ خيرا ولكن بعض الإخوة الدعاة قالوا لنا : لا تفعلوا لأن المسجد لن يكتمل حتى لو قدمت له المساعدة المطلوبة، لأن الكهان الذين حول السلطان أكدوا له أن بقاءه في الحياة مرتبط بعدم اكتمال الجامع ولذلك ظل منذ البدء في بنائه قبل خمسة عشر عاما من الزيارة مسلحا بلا تشطيب فحمدنا الله على نعمة العقل!
في مثل هذه الأجواء من الفقر والجهل والمعتقدات الفاسدة يمكن أن تنشأ منظمات متطرفة، غالبا ما تكون أعمالها وتصرفاتها وبالا على الإسلام !!
وعندما أردنا الإفطار وجدنا في المطعم عاملا واحدا ليس لديه سوى خبز بارد وبيض مقلي ولا شيء غير ذلك، فقال الشيخ العبودي «معي كليجة» ومعي سخان وبن وهيل، ففرحنا بما معه ولكن الكهرباء كانت مقطوعة عن الفندق فاكتفينا بالخبز البارد والبيض المقلي وخرجنا إلى موعد مرتب للسلام على الشيخ عمر الكاتمي سلطان قبيلة البرنو، وهو في تلك الأيام تجاوز الثمانين من عمره ويعاني من مرض القلب وصوته خافت ولكنه يجيد اللغة العربية وأتباعه في نيجيريا يزيدون عن ثلاثين مليون برناوي، ولذلك فإن حكومة أبوجا تجامله لكسب أصوات أتباعه في الانتخابات، فطلب من الشيخ العبودي التوسط في تقديم مساعدة بمليون دولار أمريكي لاكمال جامع كبير تبنى السلطان إنشاءه في وسط ميدغري قريبا من قصره، فوعده الشيخ خيرا ولكن بعض الإخوة الدعاة قالوا لنا : لا تفعلوا لأن المسجد لن يكتمل حتى لو قدمت له المساعدة المطلوبة، لأن الكهان الذين حول السلطان أكدوا له أن بقاءه في الحياة مرتبط بعدم اكتمال الجامع ولذلك ظل منذ البدء في بنائه قبل خمسة عشر عاما من الزيارة مسلحا بلا تشطيب فحمدنا الله على نعمة العقل!
في مثل هذه الأجواء من الفقر والجهل والمعتقدات الفاسدة يمكن أن تنشأ منظمات متطرفة، غالبا ما تكون أعمالها وتصرفاتها وبالا على الإسلام !!