اختلط الحابل بالنابل هذه الأيام في تحليل ما يجري في العراق حد العجز عن احصاء من تصفهم القنوات الفضائية بـ(خبراء أو محللين استراتيجيين) أو (رؤساء مراكز بحوث ودراسات استراتيجية) لتضيع الحقيقة في صخب الضجيج.
ووسط كل هذا لا بد أن نصيخ السمع جيدا لتمييز الغث من السمين فشتم هذا الطرف أو ذاك وتحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك ومناصرة هذا أو ذاك كلها يمكن أن تصنف في خانة (الغرق في التفاصيل) و(الغفلة عن الغايات البعيدة).
ولكن إذا تمكنا من تخفيض صوت الضجيج فستعلو أصوات تردد كلاما عن السياسات الأمريكية التي طبقت في أمريكا الجنوبية خلال القرن الماضي، وأصوات تتحدث عن خطة ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي وأصوات تذكر بتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية أيام الرئيس بوش (كونداليزا رايس) عن الشرق الأوسط الجديد.
ومن أجمل الأصوات التي سمعتها في هذا الاتجاه صوت المحلل السياسي المصري (نصر سالم) الذي تكلم على إحدى الفضائيات المصرية عن (مبدأ شد الأطراف) وهو المبدأ الذي يمكن أن يكون عنوانا عريضا لكل ما ورد في الفقرة السابقة. وكذلك صوت الكاتب الصحفي المصري أيضا (نبيل عمر) الذي تحدث عن نفس المبدأ في تحليله لوثيقة تلخص رؤية وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (آفي ديختر) التي عرضها أمام معهد الأبحاث القومي والمستلهمة من مقولة بن غوريون الشهيرة (نحن لا نملك القدرة على الدخول في مواجهة جبهوية مع كل الدول العربية دفعة واحدة وفي وقت واحد، لكننا نملك الخيارات الأخرى لإضعاف هذه الدول واستنزاف طاقاتها وقدراتها على التخوم، أي من خلال علاقات مع دول الجوار أو الجماعات والأقليات التي تعيش على التخوم).
ورغم تبني بن غوريون لهذا المبدأ والتزام إسرائيل به كأيديولوجية لا تقبل التبديل والتغيير على مر الأجيال في شد أطراف مصر في أفريقيا، والعراق من خلال المنطقة الكردية، وسوريا من خلال تركيا، إلا أن تسريعه بهذه الوتيرة ليشمل كافة دول المشرق والمغرب العربي القوية سواء منها دول الجوار الإسرائيلي أو دول الدعم الاستراتيجي التي لا تجاورها لم يحدث على هذا النطاق الواسع الذي نشهده إلا على أيدي المحافظين الأمريكيين الجدد الذين مروا بسرعة البرق في تاريخ العالم الحديث خلال ولايتي الرئيس جورج بوش الابن وأحدثوا من الضرر في المنطقة خلال سنوات قليلة ما لم تحدثه أي قوة غاشمة مرت في تاريخها وذلك بتفتيت أفغانستان والعراق بضربتين خاطفتين وتسليم السلطات فيها لأطراف كانت مناوئة للسلطات التي كانت قائمة فيها، في توظيف ناجح للمتناقضات الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية داخل المجتمع الواحد ما أدى إلى تعطيل وظيفة الدولة الأساسية في حماية المواطنين والحفاظ على وحدة واستقلال البلاد.
وللتذكير فقد كتبت مقالة في عكاظ قبل عدة سنوات تحدثت فيها عن المبدأ الممهد لتطبيق مبدأ (شد الأطراف) وأسميته حينها (الدفع باتجاه الأطراف) واستشهدت بما حدث في أفريقيا السوداء من حرب شعواء على كل ما هو إسلامي وعربي والعمل على الدفع بالعرب والمسلمين باتجاه الشمال الأفريقي لحصرهم. ويدخل في هذا تهديم المساجد وحظر الدين الإسلامي في أنغولا وذبح التوتسي في رواندا والمسلمين في أفريقيا الوسطى وضرب شعب أزواد المتطلع للاستقلال في شمال مالي وبتر جنوب السودان وافتعال المشاكل الحدودية بين مصر والسودان. وكذلك الأمر بالنسبة لتمديد التواجد التركي والكردي في دول جوارها العربي والدفع باتجاه الجنوب.
وهكذا رأينا بما لا يدع مجالا للشك أن الدفع باتجاه الأطراف كان مرحلة أولى ركزت على الغاء العمق الاستراتيجي الأبعد للعرب وهو الجوار القومي غير العربي، والديني غير الإسلامي أو الإسلامي المخالف.
أما المرحلة الثانية التي نعيشها اليوم والتي لا يمثل فيها المالكي وبشار وداعش والحوثيون والقاعدة والإخوان المسلمين وحزب الله وكل من يغرق في وحلها سوى عناصر صغيرة في الصورة الأكبر لتفتيت الجوار الإسرائيلي وتجهيزه لقيام دويلات صغيرة تشبه دويلات الطوائف الأندلسية التي كانت تحتكم لعدوها الإفرنجي (الفونسو) الذي ما لبث أسلافه ان ابتلعوها الواحدة تلو الأخرى.
وباستكمال مرحلة تفتيت الجوار الإسرائيلي الذي كاد أن يكتمل بتفتيت مصر لولا عناية الله بتمكين شعبها وجيشها من طرد الإخوان من مواقع السلطة، يضطر مخطط هذه المأساة الكبرى للتعامل مع نوع من التداخل بينها وبين المرحلة الثالثة والأخيرة المتمثلة في تفتيت دول العمق الاستراتيجي العربي الكبرى. فخريطة توزيع بؤر الفتنة الملتهبة حاليا تشير كلها لهذا الاتجاه.
ووسط كل هذا لا بد أن نصيخ السمع جيدا لتمييز الغث من السمين فشتم هذا الطرف أو ذاك وتحميل المسؤولية لهذا الطرف أو ذاك ومناصرة هذا أو ذاك كلها يمكن أن تصنف في خانة (الغرق في التفاصيل) و(الغفلة عن الغايات البعيدة).
ولكن إذا تمكنا من تخفيض صوت الضجيج فستعلو أصوات تردد كلاما عن السياسات الأمريكية التي طبقت في أمريكا الجنوبية خلال القرن الماضي، وأصوات تتحدث عن خطة ديفيد بن غوريون أول رئيس وزراء إسرائيلي وأصوات تذكر بتصريحات وزيرة الخارجية الأمريكية أيام الرئيس بوش (كونداليزا رايس) عن الشرق الأوسط الجديد.
ومن أجمل الأصوات التي سمعتها في هذا الاتجاه صوت المحلل السياسي المصري (نصر سالم) الذي تكلم على إحدى الفضائيات المصرية عن (مبدأ شد الأطراف) وهو المبدأ الذي يمكن أن يكون عنوانا عريضا لكل ما ورد في الفقرة السابقة. وكذلك صوت الكاتب الصحفي المصري أيضا (نبيل عمر) الذي تحدث عن نفس المبدأ في تحليله لوثيقة تلخص رؤية وزير الأمن الداخلي الإسرائيلي (آفي ديختر) التي عرضها أمام معهد الأبحاث القومي والمستلهمة من مقولة بن غوريون الشهيرة (نحن لا نملك القدرة على الدخول في مواجهة جبهوية مع كل الدول العربية دفعة واحدة وفي وقت واحد، لكننا نملك الخيارات الأخرى لإضعاف هذه الدول واستنزاف طاقاتها وقدراتها على التخوم، أي من خلال علاقات مع دول الجوار أو الجماعات والأقليات التي تعيش على التخوم).
ورغم تبني بن غوريون لهذا المبدأ والتزام إسرائيل به كأيديولوجية لا تقبل التبديل والتغيير على مر الأجيال في شد أطراف مصر في أفريقيا، والعراق من خلال المنطقة الكردية، وسوريا من خلال تركيا، إلا أن تسريعه بهذه الوتيرة ليشمل كافة دول المشرق والمغرب العربي القوية سواء منها دول الجوار الإسرائيلي أو دول الدعم الاستراتيجي التي لا تجاورها لم يحدث على هذا النطاق الواسع الذي نشهده إلا على أيدي المحافظين الأمريكيين الجدد الذين مروا بسرعة البرق في تاريخ العالم الحديث خلال ولايتي الرئيس جورج بوش الابن وأحدثوا من الضرر في المنطقة خلال سنوات قليلة ما لم تحدثه أي قوة غاشمة مرت في تاريخها وذلك بتفتيت أفغانستان والعراق بضربتين خاطفتين وتسليم السلطات فيها لأطراف كانت مناوئة للسلطات التي كانت قائمة فيها، في توظيف ناجح للمتناقضات الدينية والاجتماعية والثقافية والاقتصادية داخل المجتمع الواحد ما أدى إلى تعطيل وظيفة الدولة الأساسية في حماية المواطنين والحفاظ على وحدة واستقلال البلاد.
وللتذكير فقد كتبت مقالة في عكاظ قبل عدة سنوات تحدثت فيها عن المبدأ الممهد لتطبيق مبدأ (شد الأطراف) وأسميته حينها (الدفع باتجاه الأطراف) واستشهدت بما حدث في أفريقيا السوداء من حرب شعواء على كل ما هو إسلامي وعربي والعمل على الدفع بالعرب والمسلمين باتجاه الشمال الأفريقي لحصرهم. ويدخل في هذا تهديم المساجد وحظر الدين الإسلامي في أنغولا وذبح التوتسي في رواندا والمسلمين في أفريقيا الوسطى وضرب شعب أزواد المتطلع للاستقلال في شمال مالي وبتر جنوب السودان وافتعال المشاكل الحدودية بين مصر والسودان. وكذلك الأمر بالنسبة لتمديد التواجد التركي والكردي في دول جوارها العربي والدفع باتجاه الجنوب.
وهكذا رأينا بما لا يدع مجالا للشك أن الدفع باتجاه الأطراف كان مرحلة أولى ركزت على الغاء العمق الاستراتيجي الأبعد للعرب وهو الجوار القومي غير العربي، والديني غير الإسلامي أو الإسلامي المخالف.
أما المرحلة الثانية التي نعيشها اليوم والتي لا يمثل فيها المالكي وبشار وداعش والحوثيون والقاعدة والإخوان المسلمين وحزب الله وكل من يغرق في وحلها سوى عناصر صغيرة في الصورة الأكبر لتفتيت الجوار الإسرائيلي وتجهيزه لقيام دويلات صغيرة تشبه دويلات الطوائف الأندلسية التي كانت تحتكم لعدوها الإفرنجي (الفونسو) الذي ما لبث أسلافه ان ابتلعوها الواحدة تلو الأخرى.
وباستكمال مرحلة تفتيت الجوار الإسرائيلي الذي كاد أن يكتمل بتفتيت مصر لولا عناية الله بتمكين شعبها وجيشها من طرد الإخوان من مواقع السلطة، يضطر مخطط هذه المأساة الكبرى للتعامل مع نوع من التداخل بينها وبين المرحلة الثالثة والأخيرة المتمثلة في تفتيت دول العمق الاستراتيجي العربي الكبرى. فخريطة توزيع بؤر الفتنة الملتهبة حاليا تشير كلها لهذا الاتجاه.