-A +A
فهيم الحامد (جدة)
جاءت تحذيرات وزير الخارجية الأمير سعود الفيصل، في الكلمة الافتتاحية لاجتماع وزراء خارجية الدول الإسلامية في جدة أمس، من حدوث حرب أهلية في العراق لا يمكن التكهن بانعكاساتها على المنطقة في توقيت هام جدا، حيث يلتقي حاليا وزراء خارجية أكثر من 55 دولة إسلامية لمناقشة هموم الأمة وقضاياها المستفحلة وفي ظل تطورات دامية تشهدها الساحة السورية ومستجدات خطيرة في الداخل العراقي، حيث وصلت الأوضاع إلى مرحلة الفوضى العارمة بسبب السياسات الخاطئة التي انتهجتها حكومة المالكي باعتمادها للأسلوب الطائفي وممارسة الفكر الإقصائي والذي أصبح يعيش تحت حكم طائفي تابع للأطراف الإقليمية والتي لا تريد الخير للشعب العراقي، بل تريد استنزافه وسرق مكتسباته وترك مصيره للمحهول وإدخاله بالقوة في النفق الطائفي المظلم.
كلمة الأمير سعود الفيصل الشاملة والتي تحدث فيها عن قضايا العالم الإسلامي، جسدت ما تشعر به الأمة الإسلامية من حرقة وألم وأسى وحزن لما يجري في الأرض العراقية من قتل وتدمير وعنف وإرهاب، بدعم من حكومة المالكي والتي تتحمل مسؤولية ما يجري على الأرض العراقية كاملة، بسبب تكريسها لسياسة التهميش ودعم الفكر الطائفي والارتماء في أحضان الأطراف الإقليمية والتي أصبحت تدير الشأن العراقي.

وليس هناك شك في أن تأكيدات الأمير سعود الفيصل، أن المملكة اتخذت موقفا ثابتا تجاه جميع البلدان الشقيقة التي خاضت غمار الاضطراب السياسي والعنف الداخلي الذي عصف بها، قوامه الدعوة إلى نبذ الفتن والفرقة وتلبية المطالب المشروعة لشعوب هذه البلدان وتحقيق المصالحة الوطنية بمنأى عن أي تدخل أجنبي أو أجندات خارجية، والحيلولة دون جعل هذه البلدان ممرا أو مستقرا لتيارات التطرف وموجات الإرهاب، يجسد رؤية المملكة الحصيفة والحكيمة لما يجري في المنطقة من تدخلات خارجية في شؤون بعض الدول العربية وهو الأمر الذي ترفضه المملكة، التي ترغب أن تنعم جميع الدول بالأمن والأمان والاستقرار بعيدا عن الحروب والأزمات.
ولقد ربط الأمير سعود الفيصل في كلمته، بين إفرازات الوضع السوري والتي قال إنها أوجدت مناخا ساعد على تعميق حالة الاضطراب الداخلي السائد أصلا في العراق نتيجة الأسلوب الطائفي والإقصائي، الأمر الذي نجم عنه تفكيك اللحمة بين مكونات شعب العراق وتمهيد الطريق لكل من يضمر السوء لكي يمضي قدما في مخططات تهديد أمنه واستقراره وتفتيت وحدته الوطنية وإزالة انتمائه العربي، والذي ترتب على ذلك كله هذا الوضع البالغ الخطورة الذي يجتازه العراق حاليا والذي يحمل في ثناياه نذر حرب أهلية لا يمكن التكهن بمداها وانعكاساتها على المنطقة.
كلمة المملكة في الاجتماع الوزاري الإسلامي تعتبر خارطة طريق لحل قضايا الأمة الإسلامية وعلى الدول الإسلامية الحرص على تعزيز العمل الإسلامي المشترك والحرص على منع التدخلات الخارجية في شؤون الدول العربية والإسلامية والعمل على وأد الفتنة الطائفية في العراق، الذي اختلط فيه الإرهاب والعنف بالفكر الطائفي، وفقد بوصلته العربية والإسلامية بسبب تدخل القوى الإقليمية في شؤونه، لكي يعود العراق إلى محيطه العربي والإسلامي.