-A +A
سعيد السريحي
بعض الجرائم من حقها أن تكتب بماء الذهب على آماق البصر لتكون عبرة لمن اعتبر كما كان يقول رواة القصص الشعبية، من ذلك ما ارتكبه أحد المحامين مما يمكن أن يكون جرائم مسلسلة دفعت المحكمة أن تطلب من جهات البحث والتحري إحضاره بالقوة الجبرية وذلك بعد أن توج سلسلة جرائمه بالتغيب عن حضور الدعوى التي أقيمت ضده وغادر المملكة إلى الخارج.
سيادة المحامي الذي وصفه الخبر المنشور يوم أمس في عكاظ بالمحامي الشهير لم يرتكب جريمة تتصل بمجال عمله فزور شهودا أو زيف وثائق أو تطاول على القضاء، سيادة المحامي المشهور استولى على معدات تبلغ قيمتها عشرة ملايين ريال ثم زور بطاقات جمركية تمهيدا لبيعها في الخارج.

والذي لا شك فيه أن سيادة المحامي الشهير لم يستول على هذه المعدات وحده ولم يجمعها في منتصف الليل في حوض عراوي، وإنما استعان بمن أعانوه على القيام بهذه المهمة وهو ما يجعل من عملية الاستيلاء تلك عملا منظما شبيها بعمل البلطجية وعصابات الشوارع تمكن من خلاله من الاستيلاء على معدات بقيمة عشرة ملايين ريال.
والمحامي الشهير لم يقدم على هذه الفعلة إلا بعد أن خسر قضية طالب فيها أحد المقاولين بمبلغ ستة ملايين ريال مقابل عقود محاماة وشراء اتضح للمحكمة عدم صحتها، ولذلك رأى أن من حقه أن ينفذ بنفسه عملية استرداد الحقوق التي ادعى بها ويزيد عليها أربعة ملايين ردعا للمقاول وتأديبا للمحكمة التي رفضت دعواه مؤكدا أن الحق «يؤخذ بالذراع» دون حاجة لمحاكم وقضايا ومحامين وشهود ومراجعات ومواعيد.
وإذا ما اعتبرنا المحاماة أحد أركان العملية العدلية فإن ذلك يعني أن إصلاح القضاء لابد أن يشمل تطهيره من فساد مثل هذا المحامي الذي لم يتورع عن فعل ما فعله حتى أصبحت قصته مما يكتب بماء الذهب على آماق البصر ليكون عبرة لمن اعتبر.