-A +A
محمد الحربي
ما الذي يحدث في العراق؟!
هل هذا ما كان يحلم به العراقيون، عندما كانوا يسقطون تمثال الديكتاتور؟!
هل كانوا يبحثون عن الحرية والعدالة والمساواة بين مكونات الشعب العراقي، أم كانوا يبحثون عن الانتقام من بعضهم البعض؟!
هل يستحق العراقيون أن يحكمهم شخص مثل نوري المالكي؟! وهل يقل ديكتاتورية عن صدام حسين؟!
هل سعت أمريكا وبريطانيا لأن يكون العراق على ما هو عليه الآن، وهل تذبذب مواقفهما إزاء تصريحات المالكي الأخيرة بعدم التنازل وعدم السماح بتشكيل حكومة إنقاذ وطني، تصب في ذات الإطار؟!
ماذا عن إيران، هل هي أداة أم لاعب رئيس في الداخل العراقي؟!
هل «داعش» كما يصور الآن بهذه القوة والزخم، أم أنه مجرد فزاعة لإرهاب المنطقة؟!
وهل «داعش» صنيعة غربية كما هي القاعدة؟!
هل ستقسم العراق؟!
وبصراحة وبدون مواربة.. هل ما يجري في العراق وسورية هو «الحرب المقدسة» التي تحدثت عنها النبوءات القديمة، وهل هي إرهاصات المعركة الأخيرة «هرمجدون» ربما؟!
وما هي السيناريوهات المستقبلية المحتملة لهذه الحرب؟! وهل الدول العربية والخليجية بالذات بمأمن مما يحدث؟!
أسئلة تبحث عن إجابات واضحة ومحددة، كل يدلي فيها بدلوه وفق معطياته الخاصة، وكل يراها من وجهة نظره المحكومة بطبيعة تعاطيه مع الحدث، لكن الأكيد أن بلدا بحجم العراق وتاريخها وإسهامات في الحضارات الإنسانية لا تستحق أيا من هذا!!
لا تستحق ما حدث فيها خلال حكم صدام حسين، ولا ما حدث بعده، ولا تستحق أن تعبث بها إيران كل هذا العبث، ولا تستحق أن يحكمها شخص طائفي تديره إيران بهذا الشكل المفضوح مثل نوري المالكي، ثم يؤيده بعض أبناء الشعب العراقي، بل الكثير منهم للأسف!!
خلاص العراق مما هو فيه، يبدأ بالخلاص من نوري المالكي أولا، ثم تشكيل حكومة وفاق وطني من المعتدلين غير المؤدلجين تسير الأعمال، وإجراء تعديل دستوري حقيقي والدعوة لانتخابات رئاسية لاختيار رئيس توافقي قادر على إدارة البلاد بحزم، بدلا عن الملا جلال الذي لا تساعده حالته الصحية على حكم العراق أو التدخل لوقف هذا العبث الذي يحدث فيها، ثم انتخابات برلمانية، وتشكيل حكومة يمثل فيها كل ألوان الطيف العراقي.
أما التدخلات التي تعكس هيمنة المستعمر والتي تمارسها أمريكا أو بريطانيا وإيران في العراق، فلا بد لها أن تتوقف فورا.
الخطير في الأمر، أن مكونات الشعب العراقي دخلت في إطار احتمالات التقسيم والمطالبة بها، أكراد وشيعة وسنة، كل مكون يسعى للاستقلال جغرافيا وسياسيا واقتصاديا، لتقسيم العراق إلى ثلاث دويلات هزيلة وغير قادرة على حماية نفسها، لتبقى رهنا لأمريكا ولبريطانيا ولإيران لحمايتها، وبالتالي التحكم في كل مقدراتها. وإن حدث هذا فإنه سيكون أكبر كارثة إنسانية وسياسية وأخلاقية في العصر الحديث، وسيعلن فورا قيام الحرب المقدسة التي وردت في كثير من النبوءات القديمة في التوراة والإنجيل وفي نبوءات كثير من المنجمين على مر التاريخ، ولن يكون أحد بمأمن من أي شيء، وسنتحول جميعا إلى مشاريع إذلال وموت مستقبلي قريب إن قسمت العراق!!.
تقسيم العراق، وتقسيم سوريا، ولبنان والسودان واليمن وغيرها من الدول العربية، مخططات قديمة ومعروفة، وكنا نقرأ عنها ونشاهد خرائطها ونضحك عليها قبل عدة عقود، وما كنا نضحك عليه قبل 30 سنة، ها نحن نراه واقعا ماثلا أمام أعيننا اليوم، ولولا أنه تمت عرقلة مشروع الإخوان المسلمين في مصر والموقف الحازم لخادم الحرمين الشريفين في منع التدخلات الخارجية فيها، لمضى المخطط بأسرع مما هو عليه الآن ومما نتوقع، وما لم تكن هناك وقفة جادة للحيلولة دون تقسيم العراق وسورية وغيرها من البلاد العربية، فإن الأمر جد خطير، والتهديد ليس من «داعش»، فالتنظيم ليس أكثر من فزاعة يستخدمها اللاعبون الأساسيون لتمرير أجنداتهم الخاصة في السيطرة على المنطقة وتقسيمها وتحويلها إلى دويلات صغيرة يسهل السيطرة عليها والعبث بها، من خلال مشروع الفوضى الخلاقة، والجيل الرابع من الحروب العالمية «إفشال الدول» لتستمر الفوضى وتبرر القوى العظمى وجودها في المنطقة، ويبدأ استعمار الألفية الثالثة الذي لا تحتاج فيه هذه القوى لأن تخسر علينا ثمن رصاصة واحدة لتقتل أيا منا، وتتركنا لنقتل بعضنا بعضا، وتكتفي هي بالفرجة، وترانا ننقسم ونقسم بلادنا، ومن ثم تحكمنا بسهولة، وتطهرنا من «الأرض المقدسة» متى حان الموعد، لتبدأ «هرمجدون» المعركة الأخيرة!!.
كل هذا، وإسرائيل تنعم بالأمن والنمو والتنمية وتقوى وتستقوي، وجنودها من المتأسلمين الجهاديين يحمونها ويقتلون بني جلدتهم ودينهم دفاعا عنها، وليس غير الصهاينة قادرين على خوض حرب خلاقة كهذه، صدقوني!!

m_harbi999@hotmail.com



للتواصل أرسل رسالة نصية sms إلى 88548 الاتصالات أو 636250 موبايلي أو 738303 زين تبدأ بالرمز 176 مسافة ثم الرسالة