-A +A
علي فقندش (جدة، دبي، بيروت)

نحن اليوم مع النجم ناصر القصبي في حوار يشابه الاستراحة، أو هي استراحة المتنقل بجسده وقلبه طوال ثلاثين عاما مضت بين مواقع تصوير هنا وأخرى هناك، بين مسلسل وبرنامج يأخذه من الرياض إلى دبي إلى بيروت والعكس، منذ أن كان ابنا لمسرح الجامعة في الرياض في منتصف الثمانينيات مع زملائه عبدالله السدحان وبكر الشدي وعبدالإله السناني وعامر الحمود وكثيرين غيرهم ممن وضعوا نصب أعينهم في تلك الفترة مهام فنية كبيرة يأتي في مقدمتها الإتيان بفن جديد مقترنا بـ«ابو الفنون» في الجامعة.. المسرح، ومن ثم الانطلاق الى عوالم الفن المختلفة، ناصر القصبي الذي لا يطل على جمهوره من خلال الشاشة في رمضان الحالي لأول مرة منذ سنوات طويلة قضاها وهو الأشبه بالضرورة الرمضانية، أو كما قال أحدهم مرة: إن تعريف رمضان «اجتماعيا» في المملكة وفي المنطقة «شوربة وفول وسمبوسة وشفوت وناصر القصبي»، بعد أن كانت قبل ذلك كل هذه الأشياء والشيخ «علي الطنطاوي». ثلاثون عاما هي مشواره مع الفن، وعشرون عاما مع الإطلالة الرمضانية حد مشاركتنا سفرة الإفطار بضحك قد تحتاجه الأنفس لتتفكه وتستغفر في نفس الوقت. ببرودة ناصر المعهودة في الكوميديا المتفردة الأشبه بـ«الفالس» المعتمدة على الحركة بقليل من النص أو بعدمه نهائيا، كما هو الحال مع البانتومايم!

نعم كان ناصر ونصفه الآخر في عالم الفن عبدالله السدحان توأمة رمضانية جميلة لم يستطع أن يفصم عراها أحد من الإعلاميين المغرضين فيما لو كان منهم من يحمل هذه الصفة أو من العامة أو الفنانين زملاء دربهم في الحياة الفنية ممن لم يحب أن يرى النجاح دائما، الى ان جاء حال فني ومالي ووجاهة فيه ليكون ناصر في مركبة فنية أشمل تدفعها إمبراطورية «M B C» وجد في نجاحها الكثير من محبي الثنائي العذر لناصر للإبحار في عالم الفن منفردا، الا انه لم يكن في جوهر الاتجاه الجديد منفردا بقدر ما إنه وجد نفسه في «أراب قوت تالانت» يجدف في الحياة الفنية ومعه يجدف كل من نجوى كرم وعلي جابر وأحمد حلمي.

غياب ناصر عن مشاهديه في رمضان كان سؤالا كبيرا هذه المرة اختصرناه بالتالي:





• هل من المعقول أن تكون بعيدا عن جمهورك في موسم المشاهدة الرمضانية، الذي يتجدد أو تتجدد فيها محبة الناس لناصر؟ مالذي حدث، أم هل أثرت مشاركاتك في العديد من الاتجاهات الفنية على التركيز في عملك الموسمي الرمضاني؟

- نعم أنا «مريح» هذه المرة ولكن ليس بترتيب أو رغبة مني في الغياب فالذي لم يساعدنا على أن نكون امام جمهورنا المحب هو التأخير هذه المرة، كان من المفروض ان نكون قبل اربعة اشهر من بدء رمضان قد بدأنا تصوير عملنا الجديد أستاذنا عبدالحسين عبدالرضا وأنا ومجموعة من الزملاء في عمل كبير لمشاهدي إم بي سي، ولكن الذي حدث ان توأمنا في العمل خلف الحربي لم ينته من كتابة هذا العمل الجديد الذي كان من المفروض أن نبدأ تصويره كما قلت قبل أربعة اشهر من دخول رمضان وذلك لانشغاله بكتابة برنامجين لنفس الشاشة، السنوي الموسمي «واي فاي» والذي كما هي العادة لي فيه إطلالات بسيطة وشرفية فقط وبرنامج جديد آخر «كلمتين وبس»، الأمر الذي صعب الأمر قليلا على خلف ان يواصل بنفس السرعة التي كان يتطلبها الموضوع سيما وانه كان سيعقب ذلك جلسة استشارية وجلسات كاتب ومخرج ثم بدء الخطوات التنفيذية، على العموم عبدالحسين له عمله الرمضاني الذي انتهى منه هذا العام باسم العافور أو هكذا كما علمت.



الوقت لم يسعفنا

• كان من المفترض قيامك وعبدالحسين ببطولة هذا العمل؟

- نعم .

• هل نفهم من هذا انه كان عملا مكملا لـ«أبو الملايين»؟ كما هو الحال مع الأعمال الرمضانية في الغالب؟ بمعنى آخر أن يكون استثمارا لنجاح العمل الذي جمعكما العام الماضي؟

- لا... أبدا هذا عمل جديد ليس له علاقة بـ«أبو الملايين»، موضوع آخر وفكرة جديدة مختلفة، تقريبا انتهى الآن خلف الحربي من كتابته وسنبدأ إن شاء الله تصويره بعد أحد العيدين الفطر أو الأضحى. المشاهد اليوم يريدك في كل يوم تخاطبه عن موضوع جديد وأفكار أخرى يناقشك وتناقشه فيها، وانت كفنان وككاتب ومخرج عليك ان لا تدع للسأم طريقا يعتري العلاقة بينك والمشاهد، أعتقد ان وراء ذلك، دخول الإعلام الجديد والتواصل الإلكتروني في حياتنا بشكل كبير، وهنا بالمناسبة دعني ألفت إلى الخطوة التي قدر فيها مؤخرا معالي وزير الثقافة والإعلام الكتور عبدالعزيز خوجة دور المواطن الصحافي في تصريح يقول فيه إن المواطن الصحافي يزاحم المؤسسات الإعلامية، في إشارة الى اضطلاع المواطن العادي في التعرف على دوره الفعلي، وبطبيعة الحال يعتبر هذا امرا مفرحا بالفعل وينم على المسافة القريبة بين الجميع في دنيا الفن والثقافة والإعلام ونجوم المجتمع كل هذا من جانب والمتلقي والقارئ العادي بسبب وسائل التواصل الاجتماعي في أدوارها الإيجابية.



في سلم الطائرة

•• أين تستقر أكثر الآن؟

- في مقعدي في الطائرة على الغالب -يضحك- فعملك كفنان يجعلك ضيفا على المكان الذي ستصل إليه لأنك ما إن تصل حتى تراجع تذكرتك في أي يوم هو انتقالك القادم وإلى أين؟ عموما أنا بين الرياض ودبي بصورة شبه دائمة وهناك بيروت والقاهرة وغيرها من العناوين التي يتطلبها العمل. الحمد لله الأبناء والأسرة في جو استقرار أكثر نسبة، حتى مع انشغال نصفي الثاني الأديبة بعد عودتها مجددا الى حياة الإعلام المرئي المتطلب لجهد ووقت أكثر في برنامجها ربما شابه عنواني عنوان طلال مداح رحمه الله «في سلم الطائرة».

• أجواء رمضان كيف تعيشها؟

- يعني بظنك أعيشها غير كل هالناس؟، لا يختلف برنامجنا كأسرة في الغالب عن غير الفنانين، الكل يعيش هذه الأجواء بشكل فيه الكثير من الروحانية، والتعامل من جانب آخر مع أطباق رمضانية مختلفة عن ماهو معتاد في البرنامج اليومي في أحد عشر شهرا آخر في العام. كذلك ستكون للمشاهدة الرمضانية والتنقل بين الفضائيات أوقاتها الأكبر مساحة في رمضان وأمسياته، ناهيك عن الأحاديث المشتركة بين أبناء الأسرتين الفنية والإعلامية حول كل ما يقدم وذلك بشكل شبه يومي.



انتظر فرصا مواتية

• أنت بعيد تقريبا اليوم عن زملائك أبناء الساحة الفنية المحلية، حتى مع توأمتك رفيق مشوارك منذ مسرح الجامعة عبدالله السدحان، الكل يسأل ترى هل من لقاء فني من الممكن أن يجمعكما مجددا؟

- سأترك الإجابة لك عندما أسألك: وما الذي يصعب هذا الأمر ولما لا نلتقي مجددا إذا ما كان الأمر مواتيا، واذا ما جاءت الفرصة التي تجمعنا والعمل الذي سيضيف الى مسيرتنا معا فكل منا بلا شك يطمع في أن يضيف في كل خطوة فنية له إضافة جديدة لمشواره ولرصيده، كما يتمنى ان يضيف للحياة الفنية في بلده بشكل عام والمساهمة في رفع المستوى الفني بشكل عام وإلا ما فائدة ان نعمل دون ان نضيف.

عموما نحن إخوة وزملاء درب طويل وعملنا بشكل مشترك في حياتي الفن والانتاج مشاركة إضافة الى مشوار صداقتنا وزمالتنا الطويل.

• ألا تعتقد ان انطلاقتك العربية الأوسع والتي اضافت لاسم ناصر القصبي بعدا عربيا ستعيق تلك العودة؟

- طبيعي لا! إذ أنني كما ترى أواصل اعمالي في الدراما والبرامج المحلية من وقت لآخر.

• بالنسبة لبرامج رمضان الاجتماعية، هناك من النجوم من لا يلبي دعوات الإفطار والسحور من الفنانين لسبب آو لآخر، ماذا عنك؟

- «شف» أنا هنا لي فلسفة؛ صحيح أن أجواء رمضان تحتم تلك الصور الاجتماعية وتلبية الدعوات في الوقتين إفطار وسحور، ولكن في نفس الوقت رمضان جوه العائلي أجمل. ثم أننا «مش راح نخلص» ففي كل يوم خمس دعوات. عموما كنت قد سمعت محمد عبده أكثر من مرة يقول إنه نادرا بل واقل من ذلك يكون على مائدة الإفطار خارج المنزل اما بالنسبة للسحور فذاك ممكن! احاول ان اطبق ذلك ولكن كثيرا ما افشل ، «ترى للصحبة والزمالة والصداقة واجباتها التي لا نستطيع تجاوزها كمجتمع».

• كثيرا ما يضيع على أحدنا وقت الإفطار أو السحور، وهو يبحث عن عنوان أحد ممن يدعونه للمناسبة وخاصة في الإفطار، هل عشت هذا الموقف؟

- طبيعي يحصل كثيرا لأنك اذا ما راجعت نفسك، تجد اننا كلنا لا نخرج لتلبية الدعوة إلا متأخرين - واذا بحثنا في الأسباب لانعرف لماذا- طبعا حصل معي، ولكن الذي لا استطيع نسيانه أننا – انا وعبدالله – في طاش الأول أو الثاني لا اتذكر تماما كنا في جدة ضيوفا على صديقنا الإعلامي الجميل سلامة الزيد الذي – وبالمناسبة – أهنئه على ثقة معالي الوزير الدكتور عبدالعزيز خوجة الذي عينه مديرا عاما لإذاعة جدة مؤخرا، كنا ضيوفا عليه في منزله على السحور وأعتقد كان منزله في حي الصفا في جدة، وحدث ان اضعنا العنوان قادمين من الفندق إلى البيت متأخرين وكاد أن يضيع علينا وقت ماقبل الإمساك لنصوم بغير سحور، والحمد لله ضبطت الأمور ولحقنا بالسحور الذي كاد أن يطير علينا حيث وجدنا زملاء إذاعة جدة كلهم على السفرة، احمد الاحمدي وحسين دغريري وسمير بخش والدمياطي والكثير منهم. «الحمد لله تسحرنا».

عموما امتدت في ذاك الصباح جلسة «بشكتنا» وصاحب هذا تربيع البلوت الذي لا بد منه في ملتقيات الأصدقاء.

• حدثنا عن الأجواء الثقافية للبيت على وجه العموم، كيف تبدو اهتمامات الأسرة وقطباها الرئيسان ناصر القصبي والكاتبة الأديبة بدرية البشر، وأبناء منهم راكان الذي حاول أن يسلك خط والده في الدراما التلفزيونية من خلال طاش، ولم يواصل.

- طبيعي كل حياتنا كأفراد أسرة مرتبطة بعوالم الفن والثقافة نكون بين اهتماماتنا الخاصة في البيت واهتماماتنا الأوسع في الأنشطة وهكذا، والجميل أننا نمارس هذه الأعمال الإبداعية من واقع هواية وحب من جانب واحتراف وتفرغ ومعيشة من ناحية أخرى، وهنا دعني اقول لك إن الحياة الأدبية لدى الدكتورة بدرية البشر جو فيه الكثير من الهوس بالإبداع والكتابة منذ «هند والعسكر»، واليوم أتابع وباهتمام كبير دخولها الحياة الإعلامية المرئية من خلال الفضائيات كمقدمة لبرنامج «بدرية» بعد ان كانت تطل من خلالها ضيفة فقط. ومعروف طبعا لدى كثيرين مشوارها الإعلامي المقروء إلى جانب تشاطها الأدبي منذ الثمانينيات.

• هل تتشاركان الرؤى أو النشاط ذا العلاقة بين هذه المهن الإبداعية؟

- من الطبيعي ان يحدث مثل ذلك في اطراف اسرة واحدة، وكثيرا ما يحدث ان نتراءى في اعمال جماهيرية لكلينا، عموما اعرف الى أي مدى هو جهدها المبذول في برنامجها «بدرية» على قناة الأم بي سي ومعجب بعطائها فيه.



دراما وزواج

• يقال إن لزواجكما قصة طريفة، هل تتحدث عنها؟

- كثيرا ما كان يطرح هذا الموضوع إعلاميا وعلى وجه الخصوص حكت الدكتورة ذلك كثيرا في وسائل الإعلام، الحكاية بسيطة كنت في الجامعة وتخرجت مهندسا زراعيا وكنت قد بدأت مشوار التمثيل المسرحي بالجامعة وكنت أظهر في نفس الوقت في بعض المسلسلات والبرامج التلفزيونية، وكانت يومها لم تزل طالبة في الجامعة ولها إلى جانب نشاطها الكتابي بعض الاهتمام التمثيلي على المسرح والمشاركة في مسرح الجامعة، حدث أن طلبت مني مرة ان اكتب لهم في نشاط نهاية العام مشهدا يقمن بأدائه، ففاجأتها:

- إيه أكتب لك المشهد لكن شريطة ان تتزوجيني، وهكذا بدأ فيلم الحياة الجديدة بالنسبة لنا كأسرة. اما بالنسبة للأبناء فهم محبون للفن وكانت تجارب محدودة في فترة ما.

• تكريم الأديب لدينا يسبق تكريم الفنان، بل هو فاعلية أكثر وضوحا، بدليل ان مشوار ناصر القصبي لم يكرم بعد، بينما حلت الدكتورة الأديبة بدرية شخصية مكرمة في إثنينية عبدالمقصود خوجة.

- نعم أوافق هذا الرأي ولكن دعني اقول لك إنني كنت أكثر سعادة بتكريمها ومشوارها الأدبي والإعلامي الطويل، وتكريم فكرها الانثوي الذي بذل الكثير ليقول إن الحياة الإبداعية في هذا الوطن مشاركة بين عنصرين هما رجل وامرأة. اما بالنسبة لتكريم الفنان ففي مجتمعنا يكرم الفنان كل يوم ألف مرة من محبيه ومحبي إبداعه إذا ما كان صادق الموهبة.

• هل من توأمة فنية في الطريق اليوم بينك والكاتب خلف الحربي؟

ـــــ من المؤكد نعم .. فمن أين لك وانت نجم دراما بكاتب ساخر ورشيق مثل خلف الحربي الذي يملأ لك المساحة الزمنية للعمل بحوار هو الجمال بعينه في العمل التلفزيوني، الأمر الذي جاء كعلاج وإجابة لسؤال طالما طرح في ساحتنا المحلية يتلخص بــ « فقدان الساحة المحلية لكتاب الدراما الجيدين بشكل كبير! ، اعتقد ان المستقبل سيجعنا كثيرا في قادم الأعوام إن شاء الله.