علمنا التاريخ أن الأعمال العظيمة ينجزها القادة العظام الذين من أهم مقومات شخصياتهم الشجاعة والعزيمة والحسم والصدق والإخلاص ووضوح الرؤية .. ، فقد حسم أبو بكر رضي الله عنه الحرب مع المرتدين لصالح الإسلام، وفتح عمر بن الخطاب رضي الله عنه الأمصار تعزيزا للإسلام، وانطلاقا من نظرية عمر للأمن العربي قال: «وددت بيننا وبين فارس جبلا من نار». نظرة عمر للأمن العربي شاملة لدرجة أنه اتخذ موقفا معارضا للزواج من غير العربيات؛ وذلك لحكمة رآها اتضحت بعد سماعه عن زواج أحد عماله من امرأة رومية في بلاد الشام، فكتب له أن يطلقها. وعندما تساءل عامله في رده عليه، « أهذا الذي فعلت حرام؟»، أجابه عمر: «لا، ليس بحرام، ولكن إذا افتتنت أنت وأمثالك بنساء الروم وحسنهن فتزوجتموهن فمن سيتزوج نساء العرب؟». من جانب آخر كان عمر في هذا الأمر ناصحا، وهو القائل: «لا خير في قوم ليسوا بناصحين، ولا خير في قوم لا يحبون الناصحين». وعمر بموقفه هذا من الزواج بغير العربيات يبدو وكأنه استشعر ما قد يؤول إليه الأمر من سلبيات فيما بعد، وما حصل للعباسيين والدولة العباسية بسبب الزواج من غير العربيات يؤكد حكمة موقف عمر.
عندما شعر عمر بالأهمية الكبرى لامتداد الأمن العربي للأمن الإسلامي قرر، بعد استشارة صحابة الرسول، عليه الصلاة والسلام، وعلى رأسهم أبو الحسن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وكرم وجهه، أن يزيل «الجبل من نار» وذلك بفتح بلاد فارس، وهكذا صار. لم يكن عمر بطبيعته إلا أن يكون شجاعا وحاسما، حتى في محاولته ثني أبي بكر عن حروب الردة، فقد كان شجاعا في نصحه لحكمة عنده حيث قال: «يا خليفة رسول الله، تألف الناس وأرفق بهم !.. كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحق»، وكان رد أبو بكر: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا لقاتلتهم على منعها .. يا بن الخطاب، رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام؟ بأنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أو ينقص وأنا حي؟» (في عبقرية الصديق لعباس محمود العقاد).
أبو بكر لم يقصد فعلا أن عمر خوار، لمعرفته الأصيلة بمعدن وشجاعة وعظمة عمر، إنما أراد أن يستنهضه لتأييد موقفه من المرتدين للأهمية التي رآها أبو بكر من وراء ذلك. وبالصدق والعزيمة والإخلاص حسم أبو بكر الأمر لصالح الإسلام. وبعد أن تولى عمر الخلافة، اتسعت رقعة الدولة الإسلامية حديثة التكوين بفترة قصيرة في عهده نتيجة شجاعته وعزمه للقيام بالفتوحات، ونظرا لإحاطة الدولة الوليدة بالأعداء فما كان مناسبا حينئذ أمام عمر إلا العمل، كما يذكر، بالأسلوب المركزي في إدارة شؤونها على ضوء وهدي الإسلام إلى أن أوصلها شاطئ الأمان. ويربط المفكر الشيعي العراقي، حسن العلوي، في كتابه (عمر والتشيع، ثنائية القطيعة والمشاركة) مقدرة عمر في هذا الصدد باستلهامه قوانين بناء الدولة وإدارتها،حيث كان فقه عمر، كما يقول، فقه دولة.
مع ذلك لم يسلم عمر كأحد القادة العظماء في العالم، من التعرض لشخصه رغم ما حققه من منجزات عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد وجه الفرس المناهضون له ولأعماله، الشتائم والاتهامات الكاذبة والتحقير والتقليل من شأنه، فعلى مر السنين ألصقوا ظلما وبهتانا الصفات السلبية المفبركة بشخصه بقصد تشويه سيرته العظيمة. ومع الزمن أخذ بها المغرر بهم، خاصة من بني يعرب، ولكن هيهات! لم تنجح جهود المناهضين والمغرضين، فآثار عمل الفاروق تزهو بريقا مع الزمن رغم استمرار صراع قوى الشر مع شخصه العملاق ومع تاريخه المجيد، والدافع من وراء حملة الفرس الصفويين المناهضين لعمر هو حقدهم وكرههم له ولكل عربي وما هو عربي بسبب فتح العرب بلاد فارس والقضاء على امبراطوريتها في عهد عمر. وما كان يدور في خلد عمر أن يأتي اليوم الذي يشتمه بعض أحفاد بني قومه الذين فتحوا بلاد فارس لولا تأثير الفرس الصفويين الذين أدخلوا شتم عمر وكرهه في الدين، والله أعلم.
عندما شعر عمر بالأهمية الكبرى لامتداد الأمن العربي للأمن الإسلامي قرر، بعد استشارة صحابة الرسول، عليه الصلاة والسلام، وعلى رأسهم أبو الحسن علي بن أبي طالب، رضي الله عنه وكرم وجهه، أن يزيل «الجبل من نار» وذلك بفتح بلاد فارس، وهكذا صار. لم يكن عمر بطبيعته إلا أن يكون شجاعا وحاسما، حتى في محاولته ثني أبي بكر عن حروب الردة، فقد كان شجاعا في نصحه لحكمة عنده حيث قال: «يا خليفة رسول الله، تألف الناس وأرفق بهم !.. كيف تقاتلهم وقد قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أمرت أن أقاتل الناس حتى يقولوا لا إله إلا الله. فمن قال لا إله إلا الله فقد عصم مني نفسه وماله إلا بحق»، وكان رد أبو بكر: «والله لأقاتلن من فرق بين الصلاة والزكاة، فإن الزكاة حق المال، والله لو منعوني عناقا لقاتلتهم على منعها .. يا بن الخطاب، رجوت نصرتك وجئتني بخذلانك، أجبار في الجاهلية وخوار في الإسلام؟ بأنه قد انقطع الوحي وتم الدين، أو ينقص وأنا حي؟» (في عبقرية الصديق لعباس محمود العقاد).
أبو بكر لم يقصد فعلا أن عمر خوار، لمعرفته الأصيلة بمعدن وشجاعة وعظمة عمر، إنما أراد أن يستنهضه لتأييد موقفه من المرتدين للأهمية التي رآها أبو بكر من وراء ذلك. وبالصدق والعزيمة والإخلاص حسم أبو بكر الأمر لصالح الإسلام. وبعد أن تولى عمر الخلافة، اتسعت رقعة الدولة الإسلامية حديثة التكوين بفترة قصيرة في عهده نتيجة شجاعته وعزمه للقيام بالفتوحات، ونظرا لإحاطة الدولة الوليدة بالأعداء فما كان مناسبا حينئذ أمام عمر إلا العمل، كما يذكر، بالأسلوب المركزي في إدارة شؤونها على ضوء وهدي الإسلام إلى أن أوصلها شاطئ الأمان. ويربط المفكر الشيعي العراقي، حسن العلوي، في كتابه (عمر والتشيع، ثنائية القطيعة والمشاركة) مقدرة عمر في هذا الصدد باستلهامه قوانين بناء الدولة وإدارتها،حيث كان فقه عمر، كما يقول، فقه دولة.
مع ذلك لم يسلم عمر كأحد القادة العظماء في العالم، من التعرض لشخصه رغم ما حققه من منجزات عظيمة في خدمة الإسلام والمسلمين، فقد وجه الفرس المناهضون له ولأعماله، الشتائم والاتهامات الكاذبة والتحقير والتقليل من شأنه، فعلى مر السنين ألصقوا ظلما وبهتانا الصفات السلبية المفبركة بشخصه بقصد تشويه سيرته العظيمة. ومع الزمن أخذ بها المغرر بهم، خاصة من بني يعرب، ولكن هيهات! لم تنجح جهود المناهضين والمغرضين، فآثار عمل الفاروق تزهو بريقا مع الزمن رغم استمرار صراع قوى الشر مع شخصه العملاق ومع تاريخه المجيد، والدافع من وراء حملة الفرس الصفويين المناهضين لعمر هو حقدهم وكرههم له ولكل عربي وما هو عربي بسبب فتح العرب بلاد فارس والقضاء على امبراطوريتها في عهد عمر. وما كان يدور في خلد عمر أن يأتي اليوم الذي يشتمه بعض أحفاد بني قومه الذين فتحوا بلاد فارس لولا تأثير الفرس الصفويين الذين أدخلوا شتم عمر وكرهه في الدين، والله أعلم.