-A +A
محمد العصيمي
كالعادة، وعلى هواهم، تنادى بعض الناس مؤخرا على خطأ إجراء بعض الدول الخليجية في سحب جنسية مواطنيها المشاغبين أمنيا، الذين يهددون سلامتها وسلامة مواطنيها ومكتسباتها المجتمعية والتنموية. ينسى هؤلاء (الفازعون) أن الانتماء الكامل والرشيد للوطن هو الشرط الأول والأثمن لحمل جنسيته والاستظلال بظله والاستغناء عن ما عداه، أيا كانت المواقف والتحفظات على ما يدور داخل هذا الوطن، أو ما يطمح إليه المواطن من تغيره وتقدمه.
ليس من حق أي كان، ومن أي سبب انطلق، أن يسيء إلى وطنه ثم ينتظر أن (يطبل) له وأن تتم مساومته على الانتماء والإخلاص والكف عن أذية استقرار هذا الوطن وأمن الناس. ومن الدول المتقدمة جدا، التي يضرب بها المثل في الحقوق والقوانين، من توجد في دساتيرها أسباب لسحب الجنسية، ومن سحبت بالفعل جنسيات بعض مواطنيها الإرهابيين، ومن تدرس تشريع قانون سحب الجنسية الآن.

على سبيل المثال سياسيون أمريكيون قدموا مشروع قانون في الكونغرس، للمطالبة بسحب الجنسية من أي أمريكي يتهم بعمليات إرهابية أو بالاتصال بتنظيمات متشددة. والسياسي الأمريكي جو ليبرمان علق على الخطوة بالقول إن لدى أعداء أمريكا اليوم تصميم على قتل الأمريكيين الأبرياء أكثر من النازيين والفاشيين، وأن مشروع سحب الجنسية المقدم إلى الكونغرس لا يتجاوز إضافة بعض التعديلات إلى قانون الجنسية الأمريكية الصادر عام 1940، والذي يحدد سبع حالات لفقدان الجنسية، بينها الخدمة في صفوف القوات المسلحة لدول معادية في حالة حرب مع أمريكا، والتخلي الطوعي عن الجنسية في حالة الحرب أو ارتكاب الخيانة العظمى.
البريطانيون، من جانبهم، سحبوا فعلا جنسيات بعض مواطنيهم الذين يقاتلون في سورية، لمنعهم من العودة إلى البلاد، معتبرين ذلك إجراء استراتيجيا في تقليل الخطر الإرهابي داخل البلاد. وحسب صحيفة (الإندبندت) في ديسمبر الماضي فقد تم سحب الجنسية في عام 2013 من 20 شخصا بريطانيا. في اتجاه حقوقي آخر درست فرنسا مشروعا، لايزال محل مناقشة وقبول ورفض، يمكن الدولة من سحب جنسية المهاجرين خلال السنوات العشر الماضية في حالة القتل أو محاولة قتل مسؤول بالبلاد، إضافة إلى القانون الحالي الذي يتيح سحب جنسية من تراه «فرنسا» يهدد مصالحها الأساسية.
إذن، فإن إجراء سحب الجنسية من مهددي أمن بلدانهم ليس بدعة أو ظلما، فمن أراد ظل وطنه لا بد أن يحافظ ويشارك بوضوح في أمنه وسلامته، ومن أراد أرضا أخرى وأجندة أخرى فليذهب إليهما بعد سحب جنسيته، خاصة أن بعضهم يتطلع إلى الخليفة المنتظر ليبايعه.