-A +A
عبدالإله ساعاتي
صور رائعة وتاريخية تلك التي تناقلتها وسائل الإعلام ووسائط التواصل الاجتماعي للزيارة التاريخية التي قام بها سمو ولي العهد الأمير سلمان بن عبدالعزيز للمنطقة التاريخية في مدينة جدة وتجوله في مهرجان جدة التاريخية .
دلالات عميقة تجسدها تلك الصور التي تعكس بوضوح عمق التلاحم الراسخ بين القيادة والشعب في هذا الوطن الكبير.

الأمير سلمان الذي خلع مشلحه، ورفع غترته، وكسر البروتوكولات الرسمية ومشى بقدميه في المنطقة التاريخية .. ووقف عند بسطاتها وتذوق مأكولاتها الشعبية .. وشارك بأبوة حانية مجموعة من الأطفال الذين كانوا ينشدون فرحا بزيارة سموه .. وجلوسه في مركاز العمدة وتبادله الأحاديث مع الأهالي .. والسماح لهم بالتقاط الصور التذكارية مع سموه رغم ممانعة رجال الأمن ..
إنها زيارة بطابع مميز سمته التواضع والبساطة والحميمية والتفاعل والتفاؤل .. ولهذا كان أثرها إيجابيا عميقا في نفوس أهالي مدينة جدة ليس فقط الذين كانوا حاضرين .. بل جميع أهالي مدينة جدة حيثما كانوا .
نموذج مضيء ومتفرد للعلاقة بين القائد والمواطن .. قلما تجدها في دول العالم الأخرى بما فيها الدول التي تتشدق بالأنظمة الديمقراطية .
وفي المقابل .. وجدنا لدى الأهالي حالة من السرور الكبير والاستقبال الشعبي الضخم والترحيب العريض الذي لقيه سمو الأمير سلمان .. حيث تعالت الأهازيج الحجازية والعبارات الحميمية من قبل المواطنين .. والتي جاءت من القلوب لتلامس قلب سلمان الكبير .
لقد ابتهجت جدة وأهلها ابتهاجا كبيرا بزيارة الأمير سلمان وبطريقة الزيارة وأسلوبها الحميمي البسيط القريب إلى النفوس التي شرحت الصدور .. فكانت الزيارة على كل لسان .
وكان واضحا أن الأمير سلمان كان سعيدا بالزيارة منشرحا بما شاهد .. مسرورا بتفاعل الناس مع التاريخ والتراث .. حيث أبدى إعجابه بما شاهده من تفاعل سكان جدة وزوارها مع المهرجان .
الأمير سلمان الذي أبدى سروره بكل ما شاهده في المهرجان من معطيات تراثية .. بما في ذلك « العمة» الحجازية .. يجسد ما عرف به سموه الكريم من اهتمام كبير بالتاريخ والتراث .. فهو عاشق كبير للتراث والتاريخ والمعالم الأثرية .
واللافت أن الأمير سلمان يعرف المنطقة التاريخية في جدة جيدا .. كما يعرف بيوتها التجارية .. تبدى ذلك بوضوح من خلاله أحاديثه في المركاز خلال الزيارة .. وهو ما لم يكن معروفا . وهذا ما أكده شاعر جدة عبدالعزيز النجيم، وعمدة حارة اليمن والبحر المتميز عبدالصمد محمد عبدالصمد اللذان كانا موجودين في المركاز مع سموه الكريم .
والواقع أن هذه الصور « الأنموذج» للزيارة التاريخية التي قام بها سمو الأمير سلمان بن عبدالعزيز للمنطقة التاريخية في جدة .. تدفعنا إلى استقراء الماضي .. حينما كان الملك المؤسس عبدالعزيز بن عبدالرحمن الفيصل آل سعود – طيب الله ثراه – يلتقي أهالي جدة في نفس المكان الذي التقى فيه الأمير سلمان الأهالي خلال زيارته .. حيث كان الملك عبدالعزيز يبادل أهالي جدة الحب والاهتمام .. ويبادلونه حبا واعتزازا وولاء .. ومساهمة في وضع اللبنات الأولى لمؤسسات الدولة .
وهاهو التاريخ يعيد نفسه .. والصورة تتكرر .. وتظل جدة تحظى بمكانة خاصة لدى ولاة الأمر منذ أن حل بها الملك عبدالعزيز ــ يرحمه الله ــ في عام 1344هـ
ولا يزال كلام قائد الأمة خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ يحفظه الله ــ عن جدة محفورا في الذاكرة حينما قال «إن مدينة جدة تتميز بموقع هام ومميز .. حيث تقع بين بيت الله الحرام من جهة ومثوى ومسجد الرسول الكريم صلوات الله وسلامه عليه من جهة أخرى» .
وأخيرا نقول كل الشكر والعرفان لخادم الحرمين الشريفين، وسمو ولي عهده الأمين على الاهتمام الذي حظيت به جدة .. ومنطقتها التاريخية التي دخلت السجل العالمي للتراث نتيجة لاهتمام القيادة الرشيدة في بلدنا العزيز .
والشكر موصول لكل من ساهم في تطوير المنطقة التاريخية في جدة ابتداء من مهندس جدة العملاق محمد سعيد فارسي ــ أول من اهتم بها وطورها وحافظ عليها ــ وانتهاء بالقائمين على المنطقة وعلى المهرجان السنوي .
ولا يمكن أن ننسى في كل حين الدور الكبير لسمو الأمير سلطان بن سلمان بن عبدالعزيز الرئيس العام لهيئة السياحة والآثار .. فلقد أصبح هناك اليوم ــ ولله الحمد ــ اهتمام كبير وتفاعل متزايد رسمي وشعبي .. بل أصبح التفاؤل كبيرا نحو مستقبل مشرق وكبير للمنطقة التاريخية في جدة، وأصبحت هناك مبادرات إيجابية من قبل الدولة والملاك والمستثمرين بما يشير إلى توجه نحو مرحلة إنجاز نوعي بمشيئة الله تعالى .. وهذا تحول عن ماض لم يكن بهذه الصورة .