-A +A
تركي الدخيل
منذ تأسيس وزارة الشؤون الإسلامية في السعودية عام 1994، والمسؤوليات تزداد على كاهلها، ولعل أصعب ما تواجهه قضية الخطب والمساجد ذلك أنها تشكل العصب الذي يتداخل مع جسد المجتمع، وآية ذلك أن وكيل الوزارة لشؤون المساجد الدكتور توفيق السديري، يصرح بشكل أسبوعي ومنذ سنوات عديدة بأن الوزارة بالمرصاد للأئمة والخطباء المتطرفين والمتشددين، ولعل أخطر ما واجهته الوزارة في تاريخها الحديث ذلك العناد من بعض الخطباء الذين رفضوا إلقاء الخطب حول جريمة «شرورة» البشعة، بينما تستمر الوزارة في تأكيداتها على رصد هؤلاء وعدهم عدا، وتشكيل لجنة لمتابعة مثل هذه الحالات لاتخاذ اللازم حيالها.
لكن هذه الإجراءات التي تعبر عن تردد وبرود لم تعد مجدية، وبخاصة بعد الكلمة الملكية الضافية التي وضعت النقاط على الحروف وجعلت المؤسسات الدينية أمام مطالبة رسمية بنفض الكسل والبرود وتجاوز المناطق الرمادية وأنصاف المواقف، بل وأرباعها وأثلاثها.

طالعتنا الصحف بأن الوزارة وجهت رسالة شديدة اللهجة لمنسوبيها من الخطباء والدعاة على خلفية انتقاد الملك لكسل وصمت المشايخ عن القيام بأدوارهم المطلوبة منهم في التبصير بحقيقة الجماعات الإرهابية وأبعاد مخططاتها، وهذا توجيه حسن، والسديري قال بصوت مرتفع: «لا عذر لأحد بعد اليوم»، فهل كان قبل اليوم هناك عذر لأحد؟!
أحسب أن الحسم من وزارة الشؤون الإسلامية يحتاج إلى اختبار، إذ لم تتخذ أي إجراءات تتعلق بالفصل والتأديب والمحاسبة للمتشددين الذين يعارضون توجهات الدولة، واكتفت بالتهديدات المتكررة التي تملأ الصحف، كما أدمن المسؤولون في الوزارة على الصوت العالي والوعيد والإنذارات التي لا تتبع بإجراءات قوية صارمة فعالة.
من لن ينفذ عليه أن لا يهدد، ننتظر من الوزارات قرارات لا تهديدات، فهل يفعلها السديري ويقوم بما هدد به؟!