-A +A
حاوره: د. محمد الحربي (بيروت ــ هاتفيا)

ثمن الرئيس اللبناني السابق العماد ميشال سليمان دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز ــ حفظه الله ــ للجيش وقوى الأمن في لبنان، مشيرا إلى أن هذا الدعم لا ينفصل عن المبادرات العديدة التي يقدمها خادم الحرمين لأشقائه في لبنان.

وأكد العماد سليمان، في حوار خص به «عكاظ»، على أن هذا الدعم سيذهب في طريقه الصحيح ولا مجال لتسرب الدعم خارج الجيش والأمن العام، مستشهدا بتاريخ الجيش اللبناني الذي يشهد له الجميع.

وحذر الرئيس اللبناني السابق من انتقال ما يحدث في سورية بالخطير، والذي من الوارد انتقاله إلى لبنان ما لم يسارع اللبنانيون إلى اختيار رئيس للبلاد، وأن تستشعر القيادات اللبنانية الخطر المحدق بلبنان في ظل تنامي الأعمال الإرهابية.

وقدم العماد سليمان وصفة خلاص لبنان من التعرض لأي خطر محدق به بتطبيق إعلان بعبدا سنة 2012م، والالتزام الحرفي بما جاء فيه، مطالبا الدول العربية بالعودة لأصالتها والالتفاف حول الجامعة العربية لتقويتها ومواجهة الخطر الذي تواجهه مجتمعة.. فإلى الحوار:





• إشارة إلى الدعم الأخوي الذي قدمه خادم الحرمين الشريفين لأشقائه في لبنان لمكافحة الإرهاب، كيف تقيمون هذه المبادرة وإسهامها في تحصين لبنان ضد محاولات الجماعات المتطرفة والمتنازعة زعزعة أمنه؟

ــ المبادرة ليست منفصلة عن المبادرات العديدة التي قام بها خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز تجاه لبنان، إن على مستوى الدعم السياسي أو على مستوى الدعم المادي، ولي أنا شخصيا تجربة طويلة في هذا المجال.

وموضوع الدعم السياسي واضح للجميع، أما بالنسبة للدعم المادي، بالإضافة إلى الدعم الاقتصادي والتربوي، والمساهمة في إعادة الإعمار، ولا سيما في دعم المؤسسات الأمنية العسكرية، فقد قدمت المملكة مبلغ 100 مليون دولار لشراء الذخائر في معركة نهر البارد، كما أعلنت عن هبة استثنائية بمقدار ثلاثة مليارات دولار لتسليح الجيش بأعتدة فرنسية، وتأتي الهبة الإضافية بقيمة مليار دولار، والتي تسمح للجيش والقوى الأمنية بالتزود بالأعتدة من مختلف الجهات المصنعة في التوقيت المناسب؛ كون الجيش اللبناني يخوض معركة شرسة لمكافحة الإرهاب المستشري في المنطقة.



تسرب الدعم والسلاح

• وهل يملك الجيش ضمانات أن لا يتسرب جزء من الدعم أو السلاح الذي سيتوفر منه إلى خارج مؤسسة الجيش؟

ــ تاريخ الجيش يشهد له بأنه مؤسسة ملتزمة ومتضامنة، ولم تحصل أي حادثة من هذا النوع، وهذا ما تعلمه جميع الدول.

احتمال خطير ووارد

• بعد ما حدث في عرسال، هل هناك مخاوف من أن بداية انتقال ما يحدث في سورية إلى لبنان باتت وشيكة الآن؟

ــ هذا الاحتمال الخطير هو احتمال وارد، وعندما نستشعر بالأخطار مسبقا يمكن تلافيها، وهذا يتطلب المزيد من الالتفاف الوطني والالتزام بتطبيق إعلان بعبدا الذي أقر في هيئة الحوار بموافقة الجميع، والذي كان للمملكة دور أساسي في تشجيع الأطراف لحضور جلسات الحوار في 2012م.



اختراق الجماعات المتطرفة

• ما الضمانات التي يملكها لبنان لتحصين حدوده من اختراق هذه الجماعات لها ونقل الحالة السورية للداخل اللبناني؟

ــ الضمانة المتوفرة بتمكين الجيش وتطبيق إعلان بعبدا، والذي صدر في 11/06/2012م، وتم التوافق فيه على التزام نهج الحوار والتهدئة الأمنية والسياسية والإعلامية والسعي للتوافق على ثوابت وقواسم مشتركة. والتزام العمل على تثبيت دعائم الاستقرار وصون السلم الأهلي والحؤول دون اللجوء إلى العنف والانزلاق بالبلاد إلى الفتنة، وتعميق البحث حول السبل السياسية الكفيلة بتحقيق هذا الهدف. ودعوة المواطنين بكل فئاتهم للوعي والتيقن بأن اللجوء إلى السلاح والعنف، مهما تكن الهواجس والاحتقانات، يؤدي إلى خسارة محتمة وضرر لجميع الأطراف ويهدد أرزاق الناس ومستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة. والعمل على تعزيز مؤسسات الدولة وتشجيع ثقافة الاحتكام إلى القانون والمؤسسات الشرعية لحل أي خلاف أو إشكال طارئ. ودعم الجيش على الصعيدين المعنوي والمادي بصفته المؤسسة الضامنة للسلم الأهلي والمجسدة للوحدة الوطنية، وتكريس الجهد اللازم لتمكينه وسائر القوى الأمنية الشرعية من التعامل مع الحالات الأمنية الطارئة، وفقا لخطة انتشار تسمح بفرض سلطة الدولة والأمن والاستقرار. ودعم سلطة القضاء تمكينا من فرض أحكام القانون بصورة عادلة ومن دون تمييز. والدعوة إلى تنفيذ خطة نهوض اقتصادي واجتماعي في مختلف المناطق اللبنانية. ودعوة جميع القوى السياسية وقادة الفكر والرأي إلى الابتعاد عن حدة الخطاب السياسي والإعلامي وعن كل ما يثير الخلافات والتشنج والتحريض الطائفي والمذهبي، بما يحقق الوحدة الوطنية ويعزز المنعة الداخلية في مواجهة الأخطار الخارجية، ولا سيما منها الخطر الذي يمثله العدو الإسرائيلي، وبما ينعكس إيجابا على الرأي العام وعلى القطاعات الاقتصادية والسياحية والأوضاع الاجتماعية. والتأكيد على ضرورة التزام ميثاق الشرف الذي سبق أن صدر عن هيئة الحوار الوطني لضبط التخاطب السياسي والإعلامي، بما يساهم في خلق بيئة حاضنة ومواتية للتهدئة ولتكريس لبنان كمركز لحوار الحضارات والثقافات.

وتأكيد الثقة بلبنان كوطن نهائي وبصيغة العيش المشترك وبضرورة التمسك بالمبادئ الواردة في مقدمة الدستور بصفتها مبادئ تأسيسية ثابتة. والتمسك باتفاق الطائف ومواصلة تنفيذ كامل بنوده. وتحييد لبنان عن سياسة المحاور والصراعات الإقليمية والدولية وتجنيبه الانعكاسات السلبية للتوترات والأزمات الإقليمية، وذلك حرصا على مصلحته العليا ووحدته الوطنية وسلمه الأهلي، ما عدا ما يتعلق بواجب التزام قرارات الشرعية الدولية والإجماع العربي والقضية الفلسطينية المحقة، بما في ذلك حق اللاجئين الفلسطينيين في العودة إلى أرضهم وديارهم وعدم توطينهم.

والحرص تاليا على ضبط الأوضاع على طول الحدود اللبنانية السورية، وعدم السماح بإقامة منطقة عازلة في لبنان وباستعمال لبنان مقرا أو ممرا أو منطلقا لتهريب السلاح والمسلحين، ويبقى الحق في التضامن الإنساني والتعبير السياسي والإعلامي مكفولا تحت سقف الدستور والقانون. والالتزام بالقرارات الدولية، بما في ذلك القرار 1701.

ومواصلة دراسة السبل الكفيلة بوضع الآليات لتنفيذ القرارات السابقة التي تم التوافق عليها في طاولة وهيئة الحوار الوطني. والتزام القرارات الدولية، بما في ذلك القرار1701.



تحييد لبنان

• هل يرى فخامتكم أن محاولات دخول عناصر «جبهة النصرة» أو غيرها من الجماعات المتطرفة إلى لبنان هو رد على دخول حزب الله اللبناني لسورية؟

ــ بصرف النظر عن ربط موضوع دخول المجموعات بتورط اللبنانيين في الصراع السوري، أعتبر أن التزام تطبيق «إعلان بعبدا» حرفيا، ما يعني تحييد لبنان عن صراعات المحاور، يمكن لبنان من التصدي لهذه التدخلات وإحباطها ومنعها.



سد الفراغ الرئاسي

• هل أوشك لبنان على حسم الفراغ الرئاسي، أم أن هناك ما يعوق اختيار رئيس جديد للبنان بعد مغادرة فخامتكم لقصر بعبدا؟

ــ لا بد من الاعتراف بأن هناك بعض المعوقات التي حالت دون انتخاب الرئيس الخلف، لكن ما يجري اليوم على الحدود اللبنانية السورية يحتم على الجميع إعادة القراءة والإسراع في تحصين لبنان، هذا التحصين الذي يبدأ بانتخاب رأس الدولة، أي القائد الأعلى للقوات المسلحة، نأمل أن تستشعر كافة القيادات خطورة هذا الفراغ في ظل ما يحصل من أعمال إرهابية.



قيم طارئة وغريبة

• بحكم رؤية فخامتكم السياسية لأوضاع المنطقة، ومع ما يحدث في سورية والعراق تحديدا، المنطقة إلى أين؟

ــ على دول المنطقة العودة إلى أصالتها العربية والاندماج في كنف الجامعة العربية؛ بغية المحافظة على الدفاع عن القضايا العربية والمحافظة على مكونات دول المنطقة، لا بل تعزيز مشاركتها بإدارة الشأن السياسي في هذه الدول من دون النظر إلى أعدادها، بل من خلال النظر إلى قدراتها الحضارية عبر التاريخ، وما يجري الآن هو طارئ وغريب عن قيمنا العربية.