كشف رئيس الحكومة الفلسطينية رامي الحمدالله في حواره مع «عكاظ» عن تفاصيل لقائه بالأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، موضحا أنه قال لمون في لقائه الأخير لماذا تصرون على التحدث دائما عن هدنة أو مساعدات إنسانية، نحن نريد شيئا واحدا فقط، وهو إنهاء هذا الاحتلال، وحتى عند إنهاء هذا الاحتلال نريد توفير حماية دولية كما فعلتم في كوسوفو ورواندا وموزمبيق وغيرها.
وحول إعادة إعمار غزة، أفاد الحمدالله أن حكومة الوفاق الوطني سوف تدير إعادة الإعمار بحسب ما هو متفق عليه دوليا ومحليا، وكذلك جميع الدول المانحة تريد إدارة عملية الإعمار من خلال حكومتنا، والتي حظيت بإجماع كافة الفصائل الفلسطينية، ولا نريد أن نعود إلى عام 2009 و2012 عندما تم التبرع بمليارات الدولارات ولم يتم صرفها.
وقال الحمدالله إن المصالحة الفلسطينية لا زالت هي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني، وهذا قرار من الرئيس محمود عباس الذي بذل ومازال يبذل جهودا جبارة لوحدة الصف الفلسطيني، مشيرا إلى أن بدون غزة لا يمكن بناء هذه الوحدة.
وثمن الحمدلله دعم خادم الحرمين الشريفين الملك عبدالله بن عبدالعزيز للشعب الفلسطيني، معتبرا أن المملكة من أبرز الدول التي ساندت ولا تزال القضية الفلسطينية.. وفيما يلي نص الحوار:
?? هل ستصمد المصالحة الفلسطينية وتستمر بعد الهدنة والانتهاء من الأزمة الحالية في قطاع غزة؟
لا شك أن المصالحة هي الخيار الاستراتيجي للشعب الفلسطيني، وعلى مدار سنوات الانقسام بذل سيادة الرئيس محمود عباس والقيادة الفلسطينية الجهود الكبيرة للتوصل إلى هذا الاتفاق وإنهاء الانقسام، والمشروع الوطني الفلسطيني لا يكتمل بدون غزة والقدس الشرقية والضفة الغربية سويا، وهي مناطق حدود ما قبل 67م، لذلك أعتقد أن الوحدة الفلسطينية تشكل عامل قوة داخليا وخارجيا، واعطتنا الأمل والإصرار بأن نسير باتجاه الوحدة الفلسطيني الكاملة، ولا شك أن هناك صعوبات في قطاع غزة حتى هذه اللحظة، في ظل ما تواجهه الحكومة في الوصول إلى قطاع غزة، ولكننا نأمل مع الوقت التغلب على هذه الصعوبات والمتاعب التي نواجهها حاليا.
الحل الآن في إزالة الاحتلال
?? ما هو المطلوب من الأطراف المتفاوضة بشأن المبادرة المصرية؟ وما هو السيناريو المتوقع لإنهاء المفاوضات وفق تحقيق أبرز المطالب؟
نحن ندعم المبادرة المصرية التي طرحت من قبل أشقائنا في مصر منذ بداية أيام الاعتداء على قطاع غزة، والمطلوب حاليا من قبل كل الفلسطينيين، هو رفع الحصار عن غزة وفتح المعابر، وإطلاق سراح الأسرى، وتوسيع مناطق الصيد، بالإضافة إلى إلغاء مناطق الحظر، ولذلك نحن نسعى لتلبية جميع هذه المطالب.
وأهم الأمور حتى هذه اللحظة، هي السعي لوقف إطلاق النار بعد انتهاء الهدنة مساء أمس الأربعاء، ولكن إسرائيل تتحدث حتى الآن عن تقديم تسهيلات مربوطة بأمور أمنية وليس رفع حصار، وهذا الأمر تم تجربته في الماضي ولم تلتزم إسرائيل برفع الحصار وكذلك فتح المعابر.
والإسرائيليون يتحدثون الآن عن زيادة تصاريح الدخول إلى إسرائيل، وزيادة عدد الشاحنات، ولا يتحدثون عن فتح المعابر بشكل حر وكامل، كما أنهم يتحدثون الآن عن توسيع مناطق الصيد إلى ستة أميال، وهذا لا يكفي، فحسب القوانين الدولية لا بد أن يكون هناك 12 ميلا، كما تحدثوا عن إلغاء مناطق الحظر في المناطق المحرمة خلال مدة زمنية ولم يحددوا أي مدة، وبالتالي فإن الأمور حتى هذه اللحظة لا تسير كما نريد، ولذلك نأمل تدخلا دوليا فاعلا وعاجلا لإلزام إسرائيل بتلبية كافة مطالبنا العادلة، خاصة مع الخسائر الفادحة، حيث تخلف لدينا قرابة 2000 شهيد و10 آلاف جريح، بالإضافة إلى هدم أكثر من 30 ألف مسكن ومدرسة ومسجد، وأعتقد بهذه المناسبة أن تبدأ بالحديث عن إنهاء الاحتلال كحل نهائي وليس الهدنة ووقف إطلاق النار، فالحل الآن هو إزالة هذا الاحتلال الجائر منذ عام 67م، وآن الآوان لإزالة هذا الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية وعاصمتها القدس الشرقية وتطبيق كافة القرارات الشرعية الدولية، وكذلك بهذه المناسبة نريد تحمل المجتمع الدولي مسؤولياته، فكما ذكر سمو الأمير سعود الفيصل خلال اجتماع منظمة التعاون الإسلامي مؤخرا، يجب على كافة القوانين الدولية أن تراعي تطبيق القرارات الدولية في فلسطين، ونتساءل جميعا، لماذا هناك ازدواجية في المعايير، وتطبيق القوانين في مناطق دون أخرى، فهناك عشرات من القرارات الشرعية الدولية التي لم تطبق في فلسطين، ونحن نطالب بتطبيقها الآن.
تشكيل لجنة للإعمار
?? حماس وافقت مؤخرا على إدارة السلطة للمعابر وإعادة إعمار القطاع، ماهي خطة إعادة الإعمار وكم تكلفتها؟ وهل هناك تعويض للمتضررين؟
حكومة الوفاق الوطني سوف تدير إعادة الإعمار بحسب ما هو متفق عليه دوليا ومحليا، وكذلك جميع الدول المانحة تريد إدارة عملية الإعمار من خلال حكومتنا، والتي حظيت بإجماع كافة الفصائل الفلسطينية، ولا نريد أن نعود إلى عام 2009 و 2012 عندما تم التبرع بمليارات الدولارات ولم يتم صرفها، لأن الحكومات التي تبرعت في تلك الفترة كانت تريد لتلك التبرعات أن تدار من قبل القيادة الفلسطينية برئاسة الرئيس محمود عباس، ولذلك نريد أن تدار الأمور بشكل منظم ورسمي كما يريد العالم ذلك من خلال الحكومة كواجهة رسمية وذات مصداقية وحظيت بقبول الشعب الفلسطيني.
والآن نحن شكلنا لجنة لإعادة إعمار قطاع غزة من قبل مجلس الوزراء الفلسطيني، ونقوم الآن بحصر الأضرار في كافة القطاعات، وسيتم ذلك خلال فترة قريبة جدا، لأن هناك مؤتمرا دوليا لإعادة الإعمار في بداية شهر سبتمبر القادم، والذي من المتوقع أن يعقد إما في أوسلو أو شرم الشيخ، وسنكون حينها جاهزين بكافة البيانات التي نريد تقديمها خلال المؤتمر، لتوفير الأموال اللازمة.
ولا يوجد حتى اللحظة حصر دقيق حول تكلفة إعادة الإعمار، ولكن بالتأكيد المبلغ بالمليارات، فهناك دمار كامل في العديد من المناطق والأحياء ومنها خواعة بيت حانون ورفح أيضا.
لا توجد كهرباء في غزة
?? ما هي آخر المستجدات حول إعلان غزة منطقة منكوبة؟
تم إعلانها من قبل الرئيس محمود عباس بأنها منطقة كارثة إنسانية، فلا توجد كهرباء، وبالتالي لا توجد مياه ومعالجة للصرف الصحي، وهناك بعض الأمراض التي بدأت تنتشر، وبالتالي هذا الإعلان يتطلب من المجتمع الدولي أن يقدم مساعدات قوية وعاجلة للشعب الفلسطيني في قطاع غزة، وذلك على مستوى المساعدات الإنسانية والإغاثية والعلاجية، وقد بادرت العديد من الدول بتقديم هذه المساعدات وعلى رأسها المملكة العربية السعودية وجميع الدول العربية والإسلامية بالإضافة للاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة.
إسرائيل ترفض الميناء والمطار
?? هل هناك خطة لإعادة تفعيل ميناء ومطار غزة؟
•• هناك مطالب بإعادة إعمار مطار غزة الذي تم تدميره من قبل قوات الاحتلال، وحتى الميناء تم تدميره أيضا، ولذلك نحن الآن نطالب بإعادة تفعيل مطار غزة ومعبر رفح وإعادة بناء ميناء غزة، ولكن إسرائيل مازالت تعارض، ولا تريد بحث هذا الموضوع حاليا، وتريد أن تؤجل هذه المسألة، ولا شك أن إعادة تفعيل الميناء سيكون له دور اقتصادي هام على القطاع، بالإضافة إلى بناء المطار وإعادة تفعيله، ولكن إسرائيل ترفض الأمرين.
?? لماذا تستمر أزمة الرواتب في القطاع والضفة؟
فلسطين دولة محتلة وجميع مواردها الطبيعية تحت سيطرة الاحتلال، ولدينا غاز في قطاع غزة تم اكتشافه عام 89م، وأيضا لدينا بترول في الضفة الغربية، والاحتلال يمنعنا من استخراج هذه الموارد، و 60 % من مساحة الضفة تحت الاحتلال العسكري الكامل، ويمنع علينا استخدام موارد المياه والزراعة، وبالتالي نحن ممنوعون من استخدام مواردنا الطبيعية وتحقيق التنمية المستدامة وبالتالي نحن نتأثر اقتصاديا، وهو ما يتسبب في عجز مالي كبير.
وحتى الضرائب التي تجمعها إسرائيل لصالح الحكومة الفلسطينية وفق اتفاقية باريس، تستعملها إسرائيل تقتطع منها 3 % مقابل جمع هذه الأموال، وإسرائيل تحجز هذه المستحقات متى شاءت، وبالتالي هناك عجز مالي في الموازنة الجارية لهذا العام قرابة مليار و287 مليون دولار، بالإضافة إلى عجز تطويري يقدر بقيمة 350 مليون دولار.
وبعد تشكيل حكومة الوفاق، كان لدى حكومة حماس في قطاع غزة أكثر من 50 ألف موظف منذ 2007م، وهؤلاء يطالبون بمخصصاتهم، وواقع الموارد حاليا غير متوفر في ظل هذا العجز، ونحن الآن نسعى من خلال تواصلنا مع الدول العربية لإمكانية تدبر هؤلاء الموظفين الذين يقدرون بعشرات الآلاف، وربما سندفع دفعات، إلى أن تبدأ اللجنة القانونية لدراسة أوضاع هؤلاء الموظفين، وسنسعى لتوفير موارد مالية لدفع دفعات شهرية لهم، كما كان هناك وعود من المجتمع الدولي لتغطية 1.2 مليار دولار، ولكن حتى هذه اللحظة لم يتم تسديد سوى 460 مليون دولار كمساعدات.
وأنا اعتقد في حال زوال الاحتلال فبإمكاننا إدارة مواردنا البشرية والاستفادة من كوادرنا في إدارة الدولة بشكل مميز دون الحاجة إلى مساعدات خارجية، وأن على يقين بأن من سيكون في القيادة سيجعل من فلسطين «سنغافورة الشرق الأوسط»، وذلك لتوفر جميع الموارد الطبيعية والبشرية لتحقيق ذلك.
?? السيد بان كي مون قال بأن هذه آخر مرة نعيد إعمار غزة.. ما هي دلالات هذا التصريح؟
قلت له عند زيارته الأخيرة، لماذا تصرون بالتحدث دائما عن هدنة أو مساعدات إنسانية، نحن نريد شيئا واحدا فقط، وهو إنهاء هذا الاحتلال، وحتى عند إنهاء هذا الاحتلال نريد توفير حماية دولية كما فعلتم في كوسوفو ورواندا وموزمبيق وغيرها، ونتيجة لذلك تغيرت تصريحاته الأخيرة بعد الاجتماعات الشخصية معه ومع الرئيس أبو مازن، وصرح عن ضرورة إنهاء الاحتلال، وهذا أقدم جديد في تصريحاته، ولكن نحن نحتاج إلى جهد دولي كبير ومساعدات دائمة من أشقائنا في المملكة وكافة الدول العربية في دعم الشعب الفلسطيني معنويا وماليا.
حل دائم
?? أنفاق غزة تزعج إسرائيل وتضعها حجر عثرة أمام المفاوضات.. هل ستدمرونها مقابل السلام؟ ما هو المطلوب الآن من المبادرة لإنهاء الأزمة؟
•• إسرائيل دولة محتلة، ويجب أن ندافع عن أنفسنا في ظل ازدواجية المعايير الدولية، وبالرغم من أننا شعب محتل ومتضرر، ظهرت آراء دولية بأن إسرائيل هي المتضررة، ولنا الحق وفق كافة القوانين الدولية والشرعية بالدفاع عن أنفسنا، وكيف لإسرائيل الحق في الدفاع عن نفسها ونحن يسلب منا هذا الحق.
ونحن لا نريد أن ندخل في معارك غير متكافئة مع إسرائيل، نريد حلا دائما لإنهاء هذا الصراع وحل القضية الفلسطينية، ولكن كحل عاجل الآن نريد رفع الحصار وفتح المعابر وإعادة بناء ميناء ومطار غزة وتوسيع نطاق الصيد وإلغاء مناطق الحظر وإطلاق سراح الأسرى.
ولو زال الاحتلال فبالإمكان بحث أي أمور أخرى، مثل قضية الأنفاق إذا كانت هناك ضمانات واتفاقات دولية، وقوات من الأمم المتحدة، ولذلك نحن نطالب بحماية دولية الآن لحماية الشعب الفلسطيني من عودة وتكرار الاعتداءات الغاشمة.
نرحب بالنوايا الحسنة
?? هل هناك أطراف أخرى دخلت في المبادرة المصرية؟
كان هناك دعم للمبادرة من العديد من دولة العالم ومنها المملكة العربية السعودية بالإضافة لجهود من دول أخرى تقدمت بمبادرات ومساع أخرى لوقف هذا العدوان، ونحن نرحب بكل جهد بذل وكل النوايا الحسنة.
?? كيف تقيم الدور السعودي في دعم القضية؟
مواقف المملكة حكومة وشعبا تجاه القضية الفلسطينية مشرفة، والقضية الفلسطينية هي القضية الأولى للمملكة، وأكد على ذلك خادم الحرمين الشريفين، وقد تطرق في خطابه الأخير بدفع العدوان عن قطاع غزة وقرع العالم على وقوفه متفرجا على هذه المجازر، وكان مهتما بالمصالحة منذ أول يوم، واتفاق مكة كان شاهدا على ذلك، ولكن للأسف لم ينفذ، والمملكة من الدولة القليلة المنتظمة في دعم فلسطين ماليا، ولا أستطيع أسرد مكرمات المملكة، فهي كثيرة ونحن مدينون للمملكة على الدعم الذي يقدم دون أي هدف سوى دعم القضية الفلسطينية.
ونحن نشكر خادم الحرمين الشريفين على مكارمه الكثيرة تجاه القضية الفلسطينية، وكان آخر ما قرر منها هي التبرع بـ 300 مليون ريال للهلال الأحمر الفلسطيني ووزارة الصحة الفلسطينية؛ لشراء الأدوية والمستلزمات الطبية، بالإضافة للمواقف السياسية المشرفة لخادم الحرمين الشريفين وحكومته الرشيدة والشعب السعودي الشقيق، وهذا شيء نعتز به، ومجهودات المملكة من خلال منظمة التعاون الإسلامي خير دليل على ذلك، وقد حضر سمو الأمير سعود الفيصل وزير الخارجية وترأس اجتماع المنظمة الطارئ من أجل مساندة القضية الفلسطينية، وعبر عن مواقف الدعم الكبيرة والمتميزة من المملكة تجاه القضية الفلسطينية وتجاه ما يحدث من اعتداءات في قطاع غزة حاليا، وهذه المواقف تسجل من القيادة الفلسطينية وعلى رأسها الأخ الرئيس أبو مازن والحكومة الفلسطينية.