-A +A
محمد المختار الفال
الإرهاب عنوان عريض له جذوره الفكرية المتشعبة ونشاطه العملي المدمر وملامحه المختلفة، بحسب المواقف والمصالح والزاوية المنظور منها إليه، وقد أرق المجتمعات وأرهب مؤسساتها وشغل الدول هيئاتها الأمنية ومراكزها البحثية طوال العشرين سنة الماضية، ورغم تباين تعريفاته وتعددها إلا أن له قاسما مشتركا هو ارتباطه بالعنف وزعزعة الأمن وتهديد الاستقرار في البلدان والأقاليم والعالم. وقد أدت السياسات المختلفة المتعارضة بين المصالح للدول الكبرى وبعض الدول الإقليمية إلى نشوء مجموعات العنف المسلح واختلط منها ما له أهداف مستقلة بما تأسس لتنفيذ خطط وبرامج من وقف وراء نشوئه، واستفاد الجميع من صراع النفوذ والمصالح في جميع أنحاء العالم.. وكانت القضية السورية أحد فصول الصراع الدولي والإقليمي الذي أوجد حالة جاذبة للمجموعات المقاتلة حيث وفر لها مظلة تحميها وتخلق لها بيئة حاضنة تسمح بتوسعها وزيادة قدراتها القتالية مستثمرة وضع الحرب الدائرة بين النظام والثوار الرافضين لهيمنته على الحياة وإقصائه لكل من يعارضه.
و«داعش» يعد النموذج الصادم واللون الصارخ في تنظيمات الإرهاب بعد أن بات يشكل تهديدا حقيقيا لسياسات وأهداف من ساعد على قيامه أو تهاون في مواجهة تمدده على الساحة السورية والعراقية. وصدور قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع، لمواجهة هذا الفصيل وترحيب جميع دول المنطقة والدول الكبرى بهذا القرار، يؤكد القناعة بأن هذا التنظيم قد تجاوز الحد الذي يمكن احتماله وأن احتضان المجموعات الإرهابية لتنفيذ أهداف محددة سياسة خاطئة تعارض المعلن دوليا، من محاربة الإرهاب. ومن المؤكد أن محاربة هذا الفصيل وكل الفصائل المشابهة من المجموعات الإرهابية تصب في مصلحة الجميع، وهو ما يستدعي تعاونا جادا للوصول إلى الغاية المرجوة. وإذا كانت داعش والنصرة ستواجهان نتائج قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع الذي يسمح باستخدام القوة، فإن هناك ميليشيات حزبية تقاتل خارج أوطانها ضد إرادة الشعوب، ونشاطها يغذي تيار التطرف والإرهاب خاصة تلك التي تقف إلى جانب نظام متسلط لا يريد أن يحتكم إلى العقل. ومن هنا يصبح صدور قرار مجلس الأمن تحت الفصل السابع لمعالجة قضايا الإرهاب، خطوة مهمة في محاربة كل الميليشيا الخارجة على القانون مهما كانت جنسياتها أو طائفتها، إذا وضع القرار موضع التنفيذ ولم تفسده سياسة الكيل بمكيالين التي أفقدت الكثير من القرارات قيمتها وتأثيرها الإيجابي.