-A +A
عزيزة المانع
رواية قصص وحكايات عن الحب بين اثنين من البشر قد تبدو من الروايات الباردة التي لا تشد الانتباه ولا تجذب أحدا إلى الإصغاء إليها، فحكايات الحب بين البشر مألوفة للناس حد الضجر، فهم اعتادوا الوقوع في الهوى ونسج القصص حول ذلك منذ ان وجد آدم على سطح الأرض، لذا فإن من أراد أن يجذب انتباه الناس إلى حكاياته، عليه أن يجرب طرق روايات أخرى عن الحب مختلفة عن تلك التي اعتادها الناس وألفوها، فالروايات الغريبة غير المعتادة هي التي يقبل عليها الناس وتصغي لها آذانهم بلهفة وشوق.
ولأن كل كاتب يهمه أن يجذب القراء نحو قراءة ما يكتب، فإني اليوم سأحدثكم عن قصة حب من نوع غريب، قصة حب بطلاها اثنان من غير البشر، ولا تظنوا أني سأروي لكم قصة حب بين اثنين من الجن، ولا حتى بين اثنين من الجن والإنس، قصة الحب التي سأرويها لكم وقعت بين حمار وأتان!!
هل تصدقون ذلك؟ وما الذي يمنع؟ ألسنا نصدق بقصص الحب الغريبة التي تنشب بين الجن والإنس، فلم لا نصدق بقصة حب تنشب بين حمار وأتان!!
قصة الحب هذه تتناقلها كتب التراث في باب الطرائف وفيها أنه كان للشاعر بشار بن برد حمار فمات فاغتم بشار لموته وحزن لفقده، ثم رآه في النوم ينشد شعرا يخبره فيه أنه مات بسبب وقوعه في العشق، ويقال إن الخليفة سمع خبر الحمار قتيل الهوى فطلب من بشار أن يخبره عما كان من شأنه!
فقال: «كان يا أمير المؤمنين أعقل من القضاة، ليس له هفوة ولا زلة، فاعتل على حين غفلة، فمات، فرأيته في النوم فقلت له: ألم انتق لك الشعير؟! وأبرد لك الماء؟! فلم مت وتركتني؟! قال: أتذكر إذ وقفت على باب الأصبهاني؟ قلت: نعم، قال: مرت إذ ذاك أتان فافتتنت بها لكنها صدت عني فمت كمدا وحسرة! فسألته: وهل قلت في ذلك شيئا؟ قال: نعم وأنشد:

سيدي مل بعناني ** نحو باب الأصبهاني
إن بالباب أتانا ** فضلت كل أتان
تيمتني يوم رحنا ** بثناياها الحسان
تيمتني ببنان ** وبدل قد شجاني
وبغنج ودلال ** سل جسمي وبراني
ولها خد أسيل ** مثل خد الشيفران
فبها مت ولو ** عشت إذن طال هواني


فقال له الخليفة: وما (الشيفران) يا أبا معاذ؟ قال: وما يدريني!! هذا من (غريب) لغة الحمير، فإذا لقيتم حمارا فاسألوه.
ولو كنت في مكان بشار، لأقمت عند الخليفة دعوى ضد تلك الأتان التي خرجت تتعرض لحماري المسكين متبرجة متغنجة فأوقعته في هواها حتى قضت عليه!!