-A +A
عبدالله دحلان
خلال العشر سنوات الماضية ظهرت تجارة رابحة لأصحابها في خدمة الحجاج وظهرت أنواع متعددة من حملات الحج داخليا وخارجيا ووصلت تكلفة بعضها إلى مائة ألف ريال للشخص الواحد وتسابق أصحاب الحملات لتمييز مواقع حملتهم في المشعر الحرام (منى) بجوار الجمرات واستغلت بعض الحملات هذه الخيام التي تؤجرها الدولة إلى مؤسسات الطوافة وحملات الحج الداخلية ليستفيد منها حجاج بيت الله وخصصت الخيام لاستيعاب أعداد محددة لإقامة الحجاج في الوقت الذي استغلت بعض الحملات المميزة هذه الخيام لتؤجر هذه الخيمة لشخص واحد أو اثنين كميزة ترفع على أساسها الأسعار وتحولت بعض الخيام إلى غرف نوم وصوالين فارهة وكذلك تم الاستغلال في المباني على سفوح الجبال، رغم أن الأساس في تأجير الخيام والغرف المبنية هو استيعاب مجموعة أكبر من الحجاج في كل خيمة أو غرفة حسب المعدل المقرر من وزارة الحج. وتنافست بعض الحملات في استقطاب علية القوم من التجار ورجال الأعمال وأبنائهم وضمنت لهم تصاريح الحج سنويا رغم أن النظام حدد حجة كل خمس سنوات والمشرع فرض الحج ركنا من أركان الإسلام لمن استطاع إليه سبيلا. ويفهم من المشرع أن فريضة الحج هي حجة واحدة وليست كل عام ولا يمنع من تكرار الحج شريطة أن لا يكون هناك مضايقة ومنافسة لحجاج الفريضة من الداخل والخارج، ونظرا لمتاجرة البعض من أصحاب الحملات الخاصة ورفع قيمة الخدمة إلى مبالغ فوق الطاقة المالية لذوي الدخل المحدود مما دفعهم إلى تأجيل ركنهم الخامس بسبب غلاء رسوم الحج لدى شركات حملات الحج حتى تدخلت وزارة الحج مشكورة ويعود الفضل إلى وزيـرها معالي الدكتور بندر الحجار الذي وقف بقوة ضد الاستغلال والمبالغة وأتاح الفرصة لذوي الدخل المحدود لإقامة ركنهم الخامس في الإسلام. لقد كان قرار وزارة الحج الأخير الخاص بتنظيم عمل حملات الحج الداخلي وإلزام هذه الشركات بتخصيص 50% من إجمالي عدد حجاج الحملة للحجاج ذوي الدخل المحدود على أن تترك الخمسين في المائة الأخرى للحجاج من ذوي الدخل المتوسط والعالي. وأجزم أنه قرار فيه عدالة اجتماعية وله بعد إسلامي وإنساني متمنيا على زملائي أصحاب وشركات ومؤسسات حملات الحج الداخلي الالتزام بقرار وزارة الحج لما فيه تحقيق للمصلحة العامة.
لقد وفقت وزارة الحج في تحديد الأسعار للحج المخفض لذوي الدخل المحدود للفئة (أ) بخمسة آلاف ريال ، و 4800 ريال للفئة أ2 ، و4400 ريال للفئة ب ، و4150 ريالا للفئة ج ، و3600 ريال للفئة د1، و 3100 ريال للفئة د2 ، و2500 ريال للفئة الأخيرة .. رغم توقعي بأن هذا القرار سيواجه ردة فعل رافضة أو معترضة له من قبل البعض من 62 شركة ومؤسسة متخصصة ومرخصة لحملات الحج الداخلي وقد يلجأ البعض للانسحاب من الخدمة أو تخفيض الأعداد المخصصة له وهو توجه غير وطني وغير محمود وليس له بعد إنساني. وأتعجب كيف يكون الرفض والاعتراض إذا كان الدافع من البرنامج الخاص بذوي الدخل المحدود هو خدمة المسلمين من غير المقتدرين لدفع رسوم أدائهم لركنهم الخامس. ولاسيما أن الوزارة خصصت النصف من العدد المخصص لذوي الدخل المحدود والنصف الآخر تركته للمؤسسات والشركات لتضع الرسوم التي ترغبها للمقتدرين من المسلمين تجارا ورجال أعمال وميسوري الحال. وصرحت وزارة الحج بأنها لا تمانع الحج المميز أي لن تتدخل في شروطه ورسومه وهو يمثـل النصف الثاني ولكنها لا تؤيده. وأنا شخصيا كنت أتمنى أن تكون النسبة 75% لذوي الدخل المحدود من المسلمين، و25% للأغنياء من رجال الأعمال والتجار والميسورين. لأن الأساس في الحج هو المساواة بين الغني والفقير والأمير والوزيـر والعامل جميعهم بلباس موحد اللون والتصميم والنوعية في الصناعة وجميعهم يقفون في مكان واحد أمام الله سواسية لا فرق بينهم إلا بالتقوى وتطبق عليهم جميـع شروط الحج في جميع المشاعر. وإذا كان الأمر كذلك فلماذا التميز والتفرقة غير المحمودة، وإذا كان الأغنياء يشعرون أن إمكانياتهم المالية تضعهم في موضعهم المالي المخصص لهم فإن مقام المسلم الحاج عند ربه بعمله الصالح وتقوى الله وليس بماله. متمنيا على وزارة الحج أن يكون قرارها القادم هو تنظيم وكالات الحج خارج المملكة والتي تبالغ في التكاليف، ويقال إنه وصلت قيمة التأشيرة خمسة آلاف دولار إلى عشرة آلاف دولار في بعض الأحيان لراغبي تكرار الحج. وفي أوروبا تصل قيمة التأشيرة إلى ألف يورو وتتدرج قيمتها ضمن تكلفة الحج. وهو أمر يرهق المسلمين من العمال والمهاجرين العرب.