-A +A
عبدالمحسن هلال
نفى رئيس بعثة صندوق النقد الدولي المستر تيم كالين ما جاء في تقرير صندوق النقد الدولي الأخير من أن نسبة تملك السعوديين للمساكن هي 36%، وقال: إن هذه النسبة هي 60% وأنه ينبغي علينا قراءة تقرير الصندوق بعناية (المدينة، 28 سبتمبر). لن أربط النفي بتصريح معالي وزير الاقتصاد أن نسبة التملك تفوق 60%، ولن أتخيل شبهة ضغوط على الصندوق لينفي ما كان قد قرره بناء على معلومات مستقاة من (تعداد المساكن) لعام 2010. أكثر من هذا أقول: ليس ثمة تباين كما تصور البعض، فالحق، والحق يقال، إن الصندوق محق في تقريره الأخير ومحق في نفيه اللاحق، حتى معالي الوزير محق في تصريحه.
الاختلاف بينهم يكمن في تعريف المسكن، مجرد اختلاف في المعايير والمقاييس وفي تسمية الأشياء بمسمياتها، الصندوق تحدث في تقريره عن نسبة تملك المساكن، حسب التعريف العالمي للمسكن الآدمي، فوجد أن النسبة لا تتجاوز 36%، وربما، أقول ربما، جاء من نبه مستر كالين أن لدينا من يعتبر المساكن (التقليدية)، وهذه هي التسمية المهذبة التي أطلقها الصندوق على مساكننا (الأخرى)، أي الأقل من المستوى الإنساني العالمي، معالي وزير الاقتصاد، المتحكم في نشرات مصلحة الإحصاءات، والظان، وبعض الظن إثم، أن السكن بالإيجار أو سكن الصفيح و(الصنادق) المحيطة بمدننا، أو بالخيام، وخصوصا خيام الشعر في البادية، يعتبر سكنا لائقا بمواطن. وبرغم أن المستر كالين يؤكد أنه استند في توقعاته إلى رؤيته للاقتصاد العالمي وسوق النفط، ومعلومات تصدر من مصلحة الإحصاءات العامة، ووزارة المالية، ومؤسسة النقد، ومن مناقشاته مع ممثلين للقطاعين العام والخاص، إلا أنه، ويبدو خوفا على مشاعرنا من نقد تراثنا المتمثل في المساكن (التقليدية)، آثر أن ينفي نسبة التقرير الأساس المبني على كل ما سبق، وتثبيت نسبة النفي المبنية على فهم جهة منا لمعنى السكن.

أدرك تماما أن هذه ليست وجهة النظر الرسمية، بدليل الدعم المتزايد لمشاريع الإسكان التي نوه عنها مستر كالين ذاته، لكنه، والحق يقال مرة أخرى، ذكر أن وزارة الإسكان أعلنت في العام 2011 عن برنامج للإسكان بقيمة 250 مليار ريال، وأنه كان متوقعا بناء 500 ألف وحدة سكنية جديدة لكن الوزارة لم تف بوعدها. مستر كالين لا يتلاعب بعواطفنا بحديث متناقض، هو يقرر ما يراه، أعلنا كذا نفذنا كذا، وإن ظن البعض أنه تعرض لمفهوم معالي وزير الاقتصاد لمعنى السكن مخطئ، كلاهما ينظر من معياره.