-A +A
حمود أبو طالب
الأنظمة والاستراتيجيات الصحية الحديثة تركز بشكل أساسي على تقليص نسبة حدوث الأمراض قبل الإصابة بها وليس على علاجها، من خلال برامج مختلفة من أهمها التوعية والتثقيف الصحي، فبعض الدول تخصص أكبر جزء من مواردها المخصصة للصحة على هذا الجانب، ومن خلاله حققت أفضل النتائج التي جنبتها لاحقا صرف مبالغ باهظة على العلاج.
هذا الجانب لا يزال مهملا لدينا، ولا يحظى بالاهتمام الذي يستحقه. إدارات التوعية والتثقيف الصحي في كل القطاعات الصحية ووزارة الصحة في مقدمتها لا تزيد عن أقسام صغيرة لاستكمال الهيكل التنظيمي تقوم بنشاط مناسباتي هزيل بين الوقت والآخر، ويشرف عليها من لا علاقة لهم بهذا الجانب الذي أصبح تخصصا مهما في الكليات الصحية في أكثر دول العالم، نادى بعض أساتذتنا الذين يعرفون أهمية هذا المجال بإعطائه ما يستحق من اهتمام ولكن لا حياة لمن تنادي.

ما دفعني للكتابة عن هذا الموضوع هو حلول اليوم العالمي لسرطان الثدي الذي يعد واحدا من أكثر السرطانات انتشارا، وأيضا من أكثرها قابلية للشفاء عند التشخيص المبكر. إحصائية هذا السرطان لدينا مزعجة لأنه يحتل المرتبة الأولى من بين أكثر عشرة أورام انتشارا، وهناك امرأة من بين كل ثماني سيدات معرضة للإصابة به في فترة من حياتها كما يؤكد المتخصصون. وحين أشير إلى المتخصصين فلا بد من التوقف عند اسم الدكتورة «سامية العمودي».
الدكتورة سامية وهبت حياتها ونذرت كل وقتها لمكافحة هذا المرض من خلال التوعية والأبحاث ورفع مستوى الاهتمام به، وبسبب جهودها المتميزة تم اختيارها واحدة من أقوى الشخصيات النسائية العالمية وكرمت رسميا وأكاديميا واجتماعيا في كثير من دول العالم. هي أستاذة جامعية والمديرة التنفيذية لمركز محمد بن حسين العمودي للتميز في الرعاية الصحية لسرطان الثدي في جامعة الملك عبد العزيز ومشرفة حملة « المملكة وردية» للتوعية بسرطان الثدي، وبالمناسبة فإن اللون الوردي هو شعار التوعية بالمرض وفيه دلالة على الأمل الكبير في الشفاء منه.
ستنطلق اليوم الدكتورة سامية وبعض زميلاتها في تدشين حملة التوعية من خلال جهد فردي في غياب كثير من الجهات الصحية الحكومية، ومبادرات المسؤولية الاجتماعية التي يتحدث عنها الكثير دون فعل.
شكرا للدكتورة سامية، وكل من يشاركها هذا الجهد الإنساني العظيم.