-A +A
عبدالعزيز معتوق حسنين
بمناسبة عيد الأضحى المبارك أعاده الله عليكم بالخير والعافية أكتب عن كرم الله للإنسان وأذكر ذات يوم دار الحوار عبر الهاتف بيني وبين صديق لي حول العقل في الإسلام وأهميته عند الله ورسوله صلى الله عليه وسلم، أنا في جدة وهو في الرياض. وإذا بصديقي يبحث ليعرف كم مرة في كتاب الله ذكر العقل وما معناه. ويكتشف صديقي أن العقل ومرادفه ذكر في القرآن الكريم 49 مرة. من هنا جاء عنوان مقالي «49 مرة». إن القرآن الكريم لا يذكر العقل إلا في مقام التنظيم والتنبيه إلى وجوب العمل به والرجوع إليه. بل يأتي في كل موضع من مواضعه مؤكدا جازمه باللفظ والدلالة. وتتكرر في كل معرض من معارض الأمر والنهي التي يحث فيها المؤمن على تحكيم عقله. ولم يقف اهتمام الإسلام بالعقل على التنويه به والتعويل عليه والإشارة الصريحة إلى قيمته في القرآن الكريم والسنة النبوية. بل صار الاهتمام بالعقل وتقدير دوره في الحياة سمة تميز اتباع الإسلام في كل زمن ومكان. وهل يستقيم دين بلا عقل. وهل يعرف الإنسان ما أمر الله به وما نهى عنه إلا بالعقل. ولكن يأتي ذكر العقل في كتاب الله الكريم دائما بصيغة الفعل: نعقل، يعقلون، تعقلون، عقلوا، يعقل. وقد تكرر هذا الاستعمال في أكثر من موضع في القرآن الكريم، فكلمة (يعقلون) تكررت اثنتين وعشرين مرة، وكلمة (تعقلون) تكررت في أربعة وعشرين موضعا. ووردت لفظة (عقلوه) في موضع واحد. قال تعالى: (أفتطمعون أن يؤمنوا لكم وقد كان فريق منهم يسمعون كلام الله ثم يحرفونه من بعد ما عقلوه وهم يعلمون). الآية. والمتأمل في مجموع الآيات الواردة فيها هذه المشتقات، يجد أنها أتت في سياق دعوة القرآن الكريم إلى التفكر والتدبر والنظر في أسرار الكون والحكمة فالحكمة هي العقل. المعنى للحكمة قال: هي العقل، قيل لعبدالملك: من العاقل؟ قال: الذي لا يقدم على ما يندم عليه وحينما تندم لم تكن عاقلا. قال له: يا عمرو ما بلغك من دهائك؟ قال: ما دخلت مدخلا إلا أحسنت الخروج منه، قال له: لست بداه، أما أنا والله ما دخلت مدخلا، أحتاج أن أخرج منه. تجد الأقل حكمة يتورط وينفد، الأحمق يتورط ويعلق، أما العاقل فلا يتورط أبدا، أموره واضحة تماما، فالعقل ألا تفعل شيئا تندم عليه. وتشير الآيات إلى وظائف العقل، كقوله تعالى:(أفلا يتدبرون) و(يتذكرون) و(أفلا ينظرون) و(يتفكرون). وقد وردت في القرآن الكريم ألفاظ مرادفة للعقل، هي: الألباب، النهى، الحجر، الحلم، والفقه وبهذا وذلك أن عظماء قريش كانوا يوصفون بالأحلام والعقول، فأزرى الله بعقولهم حين لم تتميز لهم معرفة الحق من الباطل. ويتضح مما سبق أن ما ورد من مرادفات للعقل إما أن تكون اسما له ووظيفته بحسب ما يدل عليه وإما أن تكون وظيفة له، فاللبيب يفهم ويدرك. وهذا يدل على أن الآيات السابقة تدعو إلى إعمال العقل من النظر والتفكر والاجتهاد. ولهذا فنحن بحاجة إلى تربية ترشدنا إلى منهج الاستفادة المثلى من كرم الله على بني آدم بالعقل به نتدبر في خلق الله سبحانه وبه نستدل على الحق في كتاب الله والسنة النبوية فهي دستورنا في ظل قيادتنا الرشيدة. والحمد لله وكل عام والجميع بخير.