-A +A
نجيب عصام يماني
الأستاذ مشعل السديري كتب في عموده العكاظي 17484 بعنوان (قبلة في الهواء)، مؤكدا أن القبلة قد تعود بالخير على مرتكبها دون أن يحتسب، وذكر حادثتين كدلالة على ذلك، وبأن القبلة لها فوائد عديدة، الأولى قصة شاب مستهتر خطف قبلة سريعة من فتاة على مقهى في استراليا فوجهت له صفعة مدوية فأدار لها خده الآخر قائلا لها: اصفعيني عشرات المرات وامنحيني قبلة أخرى فهدأت وابتسمت ثم سألته عن اسمه وتركته، وبعد مرور سنوات ماتت الفتاة موصية بثروتها لذلك الشاب واعتبرت أن قبلته تلك أعز من أي شيء في الحياة، والثانية فتاة أمريكية أرسلت قبلة في الهواء إلى خطيبها وهو يهم بركوب سيارته عندما كانت تطل عليه من النافذة المشرعة بالدور الرابع وإذا باتزانها يختل وتسقط على الرصيف وتصاب بعدة كسور بما فيها عمودها الفقري الذي أدى بها لشلل نصفي وزفت إلى خطيبها على كرسي متحرك.
وينصحنا الخبير مشعل بأنه إذا أراد أحدنا أن يقبل، فعليه أن يعد للعشرة ثم يتأكد من رسوخ أقدامه جيدا وبعدها يرسل قبلته مطرقعة في الهواء مثل ما يفعل هو أحيانا.

تأثير القبلة هذا الذي يسعد ويشقي ويفقر ويغني ويمرض ويعافي مرده نظرية للباحثة الإنجليزية أدريانا بلو بأن القبلة تثير في الجسد إفراز الأندروفين، الأفيون الطبيعي في جسم الإنسان، فعندما نقوم بتقبيل بعضنا، فإننا ننزلق في نشوة حقيقية هي نشوة الأندروفين. ولكن لماذا يحدث ذلك؟ تقول إن القبلة تشعرنا بالأمان والمتعة في أثناء الرضاعة من ثدي الأم منذ الولادة.
ولكن إذا كانت القبلة تجمع كل هذه المزايا والحسنات والسيئات، فإنها تقف مذنبة في قفص الاتهام أمام الطب والأطباء، فهي التي تسبب الكثير من الأمراض، خصوصا أن فم الإنسان يعج بالكثير من الميكروبات والجراثيم الضارة القاتلة، والتي تنتقل بكل سهولة من إنسان لآخر عن طريق القبل؛ مثل الأمراض الصدرية وأمراض الرئة وحتى الكبد لا يسلم من أضرار القبلة.
وقد ذكرت المصادر التاريخية أن سبب انتشار طاعون إنجلترا العظيم وسمي عام الموت الأسود وقتل حوالي 20% من سكان لندن كان بسبب انتشار عادة التقبيل.
وعندما هاجمنا فيروس كورونا كانت أشد النصائح التي صكت أسماعنا هي الامتناع عن التقبيل والاكتفاء بالمصافحة، والتي هي طريقة المسلم، كما يقول أنس أن رجلا قال: يا رسول الله الرجل منا يلقى أخاه أينحني له؟ فقال ــ عليه الصلاة والسلام: لا، قال أفيلزمه ويقبله؟ قال نبي الرحمة: لا، قال أفيأخذه بيده ويصافحه؟ قال ــ عليه الصلاة والسلام: نعم. كما روى عن الحسن بن علي أن رسول الله قال: تقبيل المسلم أخاه المصافحة، وفي حديث جابر قال صافحني أبو جعفر ثم غمز يدي غمزا رقيقا، ثم قال: قال رسول الله: هذا تقبيل المسلم أخاه المسلم المصافحة، وليس التقبيل الذي أعتبره على عكس ما قال أستاذنا مشعل سببا لانتقال الأمراض والفيروسات. ولعل فيروس كورونا قد أبطل هذه العادة لدينا وخفف منها على الأقل بعد أن كنا نقبل بعضنا بعضا بمناسبة أو حتى بدون مناسبة في لهيب الصيف والعرق ينز أو حتى في عز البرد والأنف يرشح.
وقد ذكر نابليون أنه عرف نساء أسعدتهن القبلة، وأخريات شقين طول الحياة بسبب قبلة، ونصيحة من طالب لأستاذه: يا مشعل هل أدلك على قبلة لا تشقي بل لك أجر على فعلها هي تلك القبلة الحانية التي يجعلها الزوج رسولا إلى زوجته، كما في الحديث المروي عن أنس قال رسول الله ــ عليه الصلاة والسلام: لا يقعن أحدكم على زوجته كما البهيمة وليكن بينهما رسول، قيل: وما الرسول يا رسول الله؟ قال: القبلة!! فهي أمان من الخوف وحفظ من السقوط لا إثم فيها بل أجر.