-A +A
خلف الحربي
تقع قرية وادي حجر (شرق رابغ)، وهي مثال حي على ما يمكن تسميته بـ(التنمية الميتة)، حيث يمكن أن تجد فيها مبنى حكوميا أنيقا كلف بناؤه مبالغ طائلة، ولكنه مغلق منذ عدة سنوات لعدم وجود موظفين، أو مدرسة تم إنشاء قواعدها، ولكن توقف البناء فيها وبقيت مثل الآثار الرومانية لسنوات وسنوات، بل حتى المقبرة في وادي حجر تعتبر مشروعا متعثرا، حيث توقف المشروع بعد فترة قليلة من بدايته.
وقد تلقيت رسائل كثيرة من أهالي هذه القرية أو البلدة المنسية التي يسكنها أكثر من 15 ألف نسمة، كان آخرها رسالة من الأخ صالح الزبالي احتوت على مقطع فيديو قامت بتصويره «عكاظ» ضمن تحقيقات موقعها الإلكتروني، وجدت فيه أن معاناة أهالي وادي حجر تتعلق بأساسيات الحياة (الماء والكهرباء)، وأساسيات الموت (المقبرة ومغسلة الموتى)!، وهكذا لا توجد فرصة حقيقية للحياة ولا فرصة طبيعية للموت!.
لا شيء في وادي حجر يشعرك بأنك تعيش في بلد غني مثل السعودية، والأمر الذي يحز في النفس فعلا أن الدولة صرفت ملايين الريالات على مشاريع متنوعة، ولكنها بقيت مغلقة لأكثر من سبع سنوات، أو متعثرة لم تجد صاحب القرار الذي يأمر بإكمالها، بل إن الأهالي حاولوا أن يساهموا في إنقاذ قريتهم من هذا الواقع المرير حين قاموا بإنشاء طريق يربط قريتهم بطريق الحرمين، ولكن تمت إزالة أجزاء من هذا الطريق بدعوى توسعته، وكانت النتيجة طريقا متهالكا كان سببا أساسيا في حوادث مرورية مأساوية، وكذلك الأمر بالنسبة للمياه التي تطوع الأهالي بفحصها في أكثر من مختبر وثبت أنها غير صالحة للشرب ولا حتى غسيل الملابس، ورغم ذلك فإن مطالبة الأهالي بتوصيل المياه من رابغ يعد حلما بعيد المنال.
في وادي حجر، يمكن أن تجد مبنى أنيقا للوحدة البيطرية، ولكنه مغلق منذ سنوات لعدم وجود موظفين، فيضطر أصحاب المواشي للذهاب إلى الوحدة البيطرية في رابغ والبلدات المجاورة، وهكذا في كل قطاع خدمي يمكن أن تجد (ربع مشروع) أو (نصف مشروع) أو (ثلاثة أرباع مشروع)، ولكنك لا يمكن أن تجد مشروعا كاملا، ولو تمت مراجعة كلفة المشاريع التي خصصت للقرية لوجدنا أنها كلفت مبالغ طائلة، ولكن فائدتها الفعلية صفر مكعب على الشمال، وقد أعجبني كثيرا وصف فيديو «عكاظ» لأحد المشاريع المتوقفة بأنه تحول إلى (أثر قبل عين)!.
ونوجه النداء، نيابة عن أهالي وادي حجر، إلى سمو أمير منطقة مكة المكرمة الأمير مشعل بن عبدالله لإخراج وادي حجر من هذه الحالة العجيبة التي ضاعت بسببها أموال الدولة في مشاريع لم تكتمل، كما ضاعت بسببها سنوات طويلة من أعمار سكان هذه القرية وهم يطرقون الأبواب المغلقة دون جدوى.


klfhrbe@gmail.com