-A +A
تركي الدخيل
في سنة 2009، وبينما أتابع الأخبار، إذ لفت نظري أن ثلاثة عناوين رئيسية كلها عن الإرهاب، من الصومال إلى اليمن إلى أفغانستان. أخذ الإرهاب مساحته الإخبارية لما يشكله من عنوانٍ خطر على السلم الأهلي والاجتماعي. الحوثيون في اليمن، داعش والنصرة، القاعدة وفروعها وألويتها، جماعة بوكو حرام، بوادر ولادة داعش في ليبيا ــ بحسب بعض الخبراء والمحللين، كل هذه الولادات وهذا التناسل جعل الحصة الكبرى من الأخبار للإرهاب. تقريبا النشرات الحالية معظمها عن الإرهاب وفروعه وتجلياته. العجيب أن إحدى النشرات الإخبارية ضمت ثلاثة أخبار إرهابية ساخنة كل واحدٍ منها في منطقة غير الأخرى، من سورية إلى اليمن إلى ليبيا!
قل مثل ذلك عن الصحف أيضا، وأخص بها الصحف اللبنانية، تتابع النهار أو الجمهورية أو المستقبل أو الأخبار والسفير كلها عن داعش وزحفها وحدودها، عن الجنود العسكريين المختطفين واعتصام الأهالي في ساحة رياض الصلح، عن تصريحات البطريرك الراعي حول أن داعش لم يصدها إلا جند حزب الله، ولولاهم لكان الداعشيون يتجولون في «جونيه». هذا الضغط الواقعي الذي يمثله العنف، انعكس على التغطية الإعلامية والإخبارية بشكلٍ سخي، وجلي، وواضح.
من الخطأ الحديث عن «تضخيم إعلامي للإرهاب»، هذه الأخبار العاجلة التي يضعها منتج النشرة في فاتحتها تشكل الحدث الأكثر سخونة وجدة على أرض الواقع، بعض التربويين رأى أن التغطية المكثفة للإرهاب تولد متعاطفين معه! وفي الواقع أن هذا التفسير غير صائب، فليست مهمة الإعلام التحصين أو التربية أو التوعية، هذا قد يأتي عرضا، إنما الهدف الرئيسي «التغطية» للحدث من كل جوانبه، والإرهاب هو الحاضر وهو المهيمن!
ليس غريبا أن تكون الأخبار كلها أو جلها عن الإرهاب، فالزحف المخيف لهذه الكائنات المتوحشة، فرض واقعا خطرا دمويا يتحفز الكل منه ويتشوق الناس لسماع أخبار مواقع الإرهاب، ومآلاته، ومصائره.

www.turkid.net