-A +A
نصير المغامسي (جدة)
استبعد المراقب المستقيل من بعثة الجامعة العربية إلى سوريا أنور مالك، أي حل للمأساة السورية قبل القضاء على داعش ونظام الأسد، وحذر في حوار لـ «عكاظ»، من أن استمرار الحرب على «داعش" دون إسقاط الجهات التي صنعته سيخلق تنظيمات أخرى أكثر تشددا ووحشية.
وقال مالك الذي انسحب من فريق الجامعة الذي زار دمشق نهاية 2011: إن تنظيم داعش الإرهابي خدم نظام الأسد وإيران أكثر من حزب الله. وأضاف أنه توقع حينها أن تتحول سوريا إلى مستنقع ومأساة القرن بامتياز، وهو ما حدث على أرض الواقع.
واتهم الأسد بأنه غلب مصالحه الشخصية ومصالح طهران وروسيا على مصلحة بلاده. وفيما يلي نص الحوار:
? بداية.. هل كنت تتوقع أن تتطور الأزمة في سوريا إلى ما هي عليه اليوم؟
الوضع يحتاج إلى حلول حقيقية والنظام لا يريد إلا تصعيد الوضع، وعلى المجتمع الدولي أن يتحرك بسرعة قبل فوات الأوان، وقلت إن سوريا تتجه نحو مستنقع دولي ستدفع المنطقة ثمنه غاليا.
وتوقعت أن سوريا ستذهب إلى هذا الوضع المتعفن بسبب ما رأيت من تعنت المسؤولين السوريين الذين التقيتهم وعلى رأسهم آصف شوكت صهر بشار الأسد ووزير الداخلية محمد الشعار ومحافظ حمص غسان عبدالعال وغيرهم.
? وما المخرج في نظرك من هذه المأساة خاصة مع ظهور التنظيمات الإرهابية مثل داعش؟
لا شك أن «داعش» تنظيم إرهابي خدم نظام الأسد وإيران أكثر من حزب الله. وقد اطلعت على وثيقة استخباراتية نشرت مؤخرا تحدثت أن اجتماعا عقد في 2012 في بيروت بين المخابرات العراقية ومخابرات حزب الله والسفارة الإيرانية في لبنان وناقش اقتراحا لحسن نصرالله حول وجود مقاتلين في مشهد الثورة السورية وسبل توصيلهم للداخل السوري حتى يسهل حشد الرأي العام لصالح الحكومة السورية، كما جرى الحديث أيضا عن داعش.
? ومن أين يبدأ الحل في سوريا؟
الحل في سوريا يبدأ بالقضاء على «داعش» ونظام الأسد في وقت واحد، وإن استمرت الحرب على «داعش» دون إسقاط للجهات التي صنعته فهذا سيصنع تنظيمات أخرى أكثر تشددا ووحشية. الآن سوريا على المحك فتوجد حرب دولية على «داعش» وفي الوقت نفسه يجب أن تجتث الأسباب التي صنعت «داعش» من جذورها وعلى رأسها نظام الأسد وميليشيات إيران الإرهابية. كما أنه يجب على المعارضة السورية أن تتوحد عسكريا وسياسيا وفق ميثاق وطني.
? شكل انسحابك من وفد المراقبين العرب لسوريا صدمة لكثيرين، فلماذا كان الانسحاب، وهل كان هناك تواطؤ للأعضاء مع نظام الأسد؟
عندما قررت الانسحاب من بعثة مراقبي الجامعة العربية في سوريا لم أخف حينها إلا من أمر واحد وهي شهادة الزور على أمر يتعلق بدماء وأعراض بشر، وكنت مخيرا بين المغادرة وفضح المهمة أوالتكلم من الداخل مباشرة، واستقر قراري على أن أقول كلمتي في حمص، لأنه ليس من الرجولة أن أغادر البلاد حيث تنتهك حقوق الإنسان وترتكب جرائم حرب وأتحدث من بعيد.
? هل حدثت عمليات تزوير للحقائق على الأرض من قبل وفد المراقبين، وما هي أبرزها؟
المشكلة الكبرى في عمل المراقبين أن التزوير للحقائق يجري أكثر في غرفة عمليات دمشق حيث يتواجد رئيس البعثة الفريق مصطفى الدابي، فرؤساء الأفواج يرسلون تقاريرهم اليومية ولا يدورن عن مصيرها شيئا، ولما اطلعت لاحقا على التقرير النهائي الذي قدمه الدابي للجامعة لمست التزوير الواضح والمفضوح، وأن الدابي اعتمد معطيات الحكومة وليس تقارير المراقبين الميدانية.

حرب طائفية
? تحدثت أن نظام بشار كان يقتل أطرافا موالية له لإقناع المراقبين بوجود من يصفهم بالإرهابيين.. فعلى ماذا استندت في ذلك؟
كنا في اجتماع مع العميد حسام لوقا يوم 05/01/2012 ووصلنا خبر اغتيال العقيد السابق أمير روجيه ونجله هاني وهما مسيحيان، انتقلنا للمشفى في حمص وتفاجأت أن الاغتيال تم برصاص متفجر لا يمتلكه العسكريون المنشقون كما أنه لا يمكن أن يكون إلا في متناول نخبة النخبة في المؤسسات العسكرية، ودفنت الجثث ليلا بسرعة وألغيت مشاركتنا في مراسم الدفن، والطبيب الذي أكد لنا أن الاغتيال تم برصاص متفجر اختفى، وأثناء وجودنا قصفت مناطق موالية بقذائف أكد عسكريون أنها من سلاح الدبابات الذي لم يكن بحوزة المعارضة.
لقد تأكد لي أن هدف النظام من دخول المراقبين، إيجاد شهود للإقرار بأن بين المعارضة مسلحين وميليشيات تابعة لتنظيمات متشددة لتبرير الحلول الأمنية ضد الثورة، ولقد توقعت أن تتحول سوريا إلى مستنقع ومأساة القرن بامتياز، وهو ما حدث على أرض الواقع خاصة أن الأسد غلب مصالحه الشخصية ومصالح طهران وروسيا على مصلحة بلاده.