عندما وضع سمو وزير التربية والتعليم يده على ملف رياض الأطفال في مؤتمره الصحفي والذي أعلن من خلاله عن حزمة من المشروعات الكثيرة والكبيرة، أيقنت أن هذا هو العصر الذهبي لوزارة التربية والتعليم، لكي تخرج هذه الوزارة من تحت الرماد ويرفع عنها الركام والأنقاض بعد محاولات سابقة كثيرة لإنعاشها بنظريات تربوية بدلا من تلك التي تجاوزها المجتمع فضلا عن العصر. لقد عانت هذه الوزارة وبعض الأجهزة الحكومية من «الترقيع»، لتنتقل إداريا وتربويا وتبدأ من حيث يجب أن تبدأ، رياض الأطفال.
في ذلك المؤتمر الصحفي أعلن سمو وزير التربية والتعليم عن حزمة من المشروعات المهمة، أهمها في تصوري هو مشروع رياض الأطفال، حيث أعلن عن 1500 روضة أطفال يستفيد منها 150 ألف طفل وإحداث 3500 وظيفة معلمة رياض أطفال خلال السنوات الخمس القادمة.
تعد رياض الأطفال مفتاحاً حقيقياً لحل مشكلات التعليم في المملكة لأسباب كثيرة، فروضة الأطفال هي البداية الطبيعية النفسية والاجتماعية لتكوين وتشكيل بنية عقلية لإنسان المستقبل من خلال جسر الهوة السحيقة بين أسرته ومدرسته في إطار شراكة أخلاقية مادية بين هاتين المؤسستين، بصفتيهما الكل والجزئي «الفردي والجماعي».
لا يمكن تحميل المؤسسة التعليمية وحدها مسؤولية التراجع النوعي للتعليم والتربية في السنوات الأخيرة، يجب أن نعرف أن ثقافة المجتمع أسهمت كثيرا بتعثر المشروع التعليمي، فصار الاهتمام بالكم دون الالتفات للجودة والنوعية. لقد أخفقنا فيما مضى إخفاقا ذريعا في إيجاد جسر وطني وحضاري بين المدرسة والمجتمع، وقد يكون أحد أسباب هذا الفشل في تصوري غياب رياض الأطفال بالمعنى التربوي والنفسي والاجتماعي.
ولذلك أعتقدتُ ولا زلتُ أعتقد بأن وزارة التربية والتعليم أمامها اليوم فرصة استراتيجية، لكي تضع العملية التعليمية برمتها على السكة الصحيحة بالرهان على التوسع الأفقي والرأسي بمشروع رياض الأطفال، هذا المشروع الوطني التربوي الحضاري. فضلا عن أن هذا المشروع لا يحتاج إلى الترميم والترقيع كما هي مشروعات كثيرة في الوزارة والتي تستنزف الجهود والموارد على ترميمها وترقيعها وتبقى تستنزف كل الجهود مع بقاء الطاقم الإداري والتربوي القديم إلى الآن في الوزارة والمؤسسات التعليمية التابعة لها.
من هنا، كان لا بد من مراجعة حقيقية لهذا المشروع ووضع استراتيجية شاملة للتعليم المبكر في المملكة، بحث تكون مرحلة التعليم المبكر من تمهيدي ورياض الأطفال مرحلة إلزامية. إن الأرقام الحالية أو التي ستكون خلال الخمس سنوات القادمة في عدد مدارس رياض الأطفال أو عدد الأطفال المستفيدين أو أعداد المعلمات هي أرقام متواضعة مقارنة بالاحتياج التعليمي من ناحية وبالاحتياج المستقبلي لأجيال مختلفة تماما عن أجيالنا هذه والتي بقيت كما هي باستثناء تعلم القراءة والكتابة في الكثير من الأحيان. لا بد أن يتوازى عدد مدارس رياض الأطفال مع أعداد مدارس التعليم الابتدائي وأعداد الطلاب الذين سينتقلون تلقائيا للمدارس الابتدائية. الواقع أن هناك فجوة بين أعداد المواليد من ناحية وأعداد الأطفال المستفيدين من رياض الأطفال وهناك فجوة تعزز الفجوة السابقة وهي بين عدد طلاب الابتدائي والطلاب في رياض الأطفال.
هذه الاستراتيجية لمشروع رياض الأطفال، يوازيها احتياج كمي ونوعي من معلمات رياض الأطفال، لا يجوز أن تستعين الوزارة بمعلمات من تخصصات أخرى وبمستويات تعليمية متدنية، والحيلولة دون استقطاب خريجات رياض الأطفال واللاتي تتفاقم أرقامهن سنة بعد سنة ومن مختلف الجامعات السعودية.
يجب أن تنأى الوزارة تماما عن الأخطاء التي كانت تقع بها سابقا، بأن تستقطب المتوفر وتقفل الباب عمن سيأتي لاحقا، لأن هذه عملية مستمرة. الجامعات مستمرة في تخريج طالباتها وطلابها والوزارة هي أهم سوق لاستقطاب هؤلاء الخريجات والمجتمع لايزال يحتاج لعشرات أضعاف رياض الأطفال الحالية. وكما هو معروف تعد المملكة من الدول المرتفعة في نسبة المواليد، وهذا يقابلة احتياج مستمر متزايد. أتمنى أن تعيد الوزارة النظر في استراتيجية رياض الأطفال، وأن تعيد النظر بالقرار الذي نص على إعادة تأهيل وتدريب معلمات غير متخصصات برياض الأطفال. فمن ناحية لأنه قرار يحول دون استقطاب خريجات متخصصات في رياض الأطفال، ومن ناحية أخرى هو قرار يتجنى على الطفولة والأطفال بأن يوكل مدارسهم لمعلمات غير متخصصات، وكأننا نعود لنقطة الصفر، أو كأننا نلحق رياض الأطفال بعقلية هي من تسبب ويتسبب بتراجع التعليم وتأخره.
بعد كل ما تقدم، لا أستغرب جهود وزارة التربية والتعليم سواء أصابت أو أخطأت فهي تجتهد، لكنني أستغرب غياب وزارة العمل في كل ما يتعلق بتوفير مئات آلاف الوظائف للسعوديات من خلال مشروع رياض الأطفال وهي الجهة التي تطالب بتوظيف السعوديين والسعوديات صباحا ومساء. لا من ناحية الضغط بهذا الاتجاه ولا من حيث المساعدة في إتاحة الفرص الاستثمارية لمن يرغبون أو يستطيعون.
أخيرا أريد أن أسوق لوزارة التربية والتعليم لكي يبدأ مشروع رياض الأطفال بداية قوية، فلقد جربنا تعليم رياض الأطفال من خلال القطاع الخاص وجربناه من خلال القطاع الحكومي، وفي كلتا الحالتين هناك ملاحظات جمة وجوهرية في الحالتين من نواح كثيرة، فلماذا لا نفكر بشركة لتشغيل مدارس رياض الأطفال خلال العشر سنوات القادمة، يؤخذ بالاعتبار أن تكون مرحلة رياض الأطفال إلزامية من ناحية، وتضمن استقطاب خريجات رياض الأطفال وفي نفس الوقت للتغلب على عقبات وعراقيل وزارة الخدمة المدنية التي لاتزال تبحث لها عن دور ولم تجده. ويتم بعدها تقييم التجربة في رياض الأطفال، ربما يتم الاستفادة منها في المراحل التعليمية الأخرى، إن كانت مجدية، ويتفرغ وقتها ديوان الوزارة للتخطيط والإشراف والاستشراف.
في ذلك المؤتمر الصحفي أعلن سمو وزير التربية والتعليم عن حزمة من المشروعات المهمة، أهمها في تصوري هو مشروع رياض الأطفال، حيث أعلن عن 1500 روضة أطفال يستفيد منها 150 ألف طفل وإحداث 3500 وظيفة معلمة رياض أطفال خلال السنوات الخمس القادمة.
تعد رياض الأطفال مفتاحاً حقيقياً لحل مشكلات التعليم في المملكة لأسباب كثيرة، فروضة الأطفال هي البداية الطبيعية النفسية والاجتماعية لتكوين وتشكيل بنية عقلية لإنسان المستقبل من خلال جسر الهوة السحيقة بين أسرته ومدرسته في إطار شراكة أخلاقية مادية بين هاتين المؤسستين، بصفتيهما الكل والجزئي «الفردي والجماعي».
لا يمكن تحميل المؤسسة التعليمية وحدها مسؤولية التراجع النوعي للتعليم والتربية في السنوات الأخيرة، يجب أن نعرف أن ثقافة المجتمع أسهمت كثيرا بتعثر المشروع التعليمي، فصار الاهتمام بالكم دون الالتفات للجودة والنوعية. لقد أخفقنا فيما مضى إخفاقا ذريعا في إيجاد جسر وطني وحضاري بين المدرسة والمجتمع، وقد يكون أحد أسباب هذا الفشل في تصوري غياب رياض الأطفال بالمعنى التربوي والنفسي والاجتماعي.
ولذلك أعتقدتُ ولا زلتُ أعتقد بأن وزارة التربية والتعليم أمامها اليوم فرصة استراتيجية، لكي تضع العملية التعليمية برمتها على السكة الصحيحة بالرهان على التوسع الأفقي والرأسي بمشروع رياض الأطفال، هذا المشروع الوطني التربوي الحضاري. فضلا عن أن هذا المشروع لا يحتاج إلى الترميم والترقيع كما هي مشروعات كثيرة في الوزارة والتي تستنزف الجهود والموارد على ترميمها وترقيعها وتبقى تستنزف كل الجهود مع بقاء الطاقم الإداري والتربوي القديم إلى الآن في الوزارة والمؤسسات التعليمية التابعة لها.
من هنا، كان لا بد من مراجعة حقيقية لهذا المشروع ووضع استراتيجية شاملة للتعليم المبكر في المملكة، بحث تكون مرحلة التعليم المبكر من تمهيدي ورياض الأطفال مرحلة إلزامية. إن الأرقام الحالية أو التي ستكون خلال الخمس سنوات القادمة في عدد مدارس رياض الأطفال أو عدد الأطفال المستفيدين أو أعداد المعلمات هي أرقام متواضعة مقارنة بالاحتياج التعليمي من ناحية وبالاحتياج المستقبلي لأجيال مختلفة تماما عن أجيالنا هذه والتي بقيت كما هي باستثناء تعلم القراءة والكتابة في الكثير من الأحيان. لا بد أن يتوازى عدد مدارس رياض الأطفال مع أعداد مدارس التعليم الابتدائي وأعداد الطلاب الذين سينتقلون تلقائيا للمدارس الابتدائية. الواقع أن هناك فجوة بين أعداد المواليد من ناحية وأعداد الأطفال المستفيدين من رياض الأطفال وهناك فجوة تعزز الفجوة السابقة وهي بين عدد طلاب الابتدائي والطلاب في رياض الأطفال.
هذه الاستراتيجية لمشروع رياض الأطفال، يوازيها احتياج كمي ونوعي من معلمات رياض الأطفال، لا يجوز أن تستعين الوزارة بمعلمات من تخصصات أخرى وبمستويات تعليمية متدنية، والحيلولة دون استقطاب خريجات رياض الأطفال واللاتي تتفاقم أرقامهن سنة بعد سنة ومن مختلف الجامعات السعودية.
يجب أن تنأى الوزارة تماما عن الأخطاء التي كانت تقع بها سابقا، بأن تستقطب المتوفر وتقفل الباب عمن سيأتي لاحقا، لأن هذه عملية مستمرة. الجامعات مستمرة في تخريج طالباتها وطلابها والوزارة هي أهم سوق لاستقطاب هؤلاء الخريجات والمجتمع لايزال يحتاج لعشرات أضعاف رياض الأطفال الحالية. وكما هو معروف تعد المملكة من الدول المرتفعة في نسبة المواليد، وهذا يقابلة احتياج مستمر متزايد. أتمنى أن تعيد الوزارة النظر في استراتيجية رياض الأطفال، وأن تعيد النظر بالقرار الذي نص على إعادة تأهيل وتدريب معلمات غير متخصصات برياض الأطفال. فمن ناحية لأنه قرار يحول دون استقطاب خريجات متخصصات في رياض الأطفال، ومن ناحية أخرى هو قرار يتجنى على الطفولة والأطفال بأن يوكل مدارسهم لمعلمات غير متخصصات، وكأننا نعود لنقطة الصفر، أو كأننا نلحق رياض الأطفال بعقلية هي من تسبب ويتسبب بتراجع التعليم وتأخره.
بعد كل ما تقدم، لا أستغرب جهود وزارة التربية والتعليم سواء أصابت أو أخطأت فهي تجتهد، لكنني أستغرب غياب وزارة العمل في كل ما يتعلق بتوفير مئات آلاف الوظائف للسعوديات من خلال مشروع رياض الأطفال وهي الجهة التي تطالب بتوظيف السعوديين والسعوديات صباحا ومساء. لا من ناحية الضغط بهذا الاتجاه ولا من حيث المساعدة في إتاحة الفرص الاستثمارية لمن يرغبون أو يستطيعون.
أخيرا أريد أن أسوق لوزارة التربية والتعليم لكي يبدأ مشروع رياض الأطفال بداية قوية، فلقد جربنا تعليم رياض الأطفال من خلال القطاع الخاص وجربناه من خلال القطاع الحكومي، وفي كلتا الحالتين هناك ملاحظات جمة وجوهرية في الحالتين من نواح كثيرة، فلماذا لا نفكر بشركة لتشغيل مدارس رياض الأطفال خلال العشر سنوات القادمة، يؤخذ بالاعتبار أن تكون مرحلة رياض الأطفال إلزامية من ناحية، وتضمن استقطاب خريجات رياض الأطفال وفي نفس الوقت للتغلب على عقبات وعراقيل وزارة الخدمة المدنية التي لاتزال تبحث لها عن دور ولم تجده. ويتم بعدها تقييم التجربة في رياض الأطفال، ربما يتم الاستفادة منها في المراحل التعليمية الأخرى، إن كانت مجدية، ويتفرغ وقتها ديوان الوزارة للتخطيط والإشراف والاستشراف.