التنبلة فن من الفنون الهدامة... ولها قواعد تبدأ بالاستعداد... ثم الممارسة «على أصولها»... وفى بعض الأحيان تشمل مرحلة ما بعد التنبلة التي تتضمن التقويم لصقل معالمها، والإبداع فى ممارستها مستقبلا... وتوجد لها مدارس مختلفة... بعضها لها نظرة إستراتيجية طويلة الأمد وتستثمر من خلالها موارد ضخمة، والبعض الآخر ينظر لها نظرة تكتيكية كممارسات انتهازية لاغتنام فرص معينة... وجوهر هذه الكارثة الإنسانية هو عدم بذل الطاقة... والظهور وكأن ممارسها يعمل وهو فى الواقع لا يعمل... «يعني يعني» أنه يعمل بإخلاص... ولا يخفى على الجميع أن هناك حضارات بأكملها تمارس التنبلة... بعضها اندثر... ولكن البعض الآخر يمارسها بشكل أو بآخر على مستوى الدولة بأكملها... أو مستوى بعض المؤسسات فى القطاعين العام والخاص... أو المستوى الفردي التكتيكي... ولا تقتصر هذه الممارسات على البشر فحسب لأن العديد من الكائنات تمارسها يوميا... ولكن الطريف فعلا هو أن بعض أنواعها جديرة بالاحترام... ولو تأملنا فى محاولات توفير الطاقة لدى بعض المخلوقات سنجد أنها عبارة عن تنبلة من نوع آخر... لتوفير الجهد فى الحياة... وللخروج بأكبر مقدار منفعة بأقل طاقة مبذولة... وأفضل الأمثلة على تلك التنبلة هي فى حركة المخلوقات... وأروع أمثلة الحركة هي فى الطيران... وبالذات فى الطيران الشراعي... أي ذلك الذي لا تتم فيه أية رفرفة للجناحين... لاحظ أن الرفرفة عملية مرهقة جدا للمخلوقات فهي تستخدم للرفع والحركة الأمامية أيضا... ومن خلالها تتكون أحمال هندسية هائلة على جناحي المخلوق، بل وتتكون كميات لا بأس بها من حامض «اللكتيك» على عضلات الصدر مما يسبب شعوراً بالإرهاق... وكلما كان الطائر أكبر حجما وأثقل وزنا زادت حدة هذه التحديات، أي أن الناموسة والذبابة والنحلة لن تشعر بعناء رفرفة الأجنحة مثلما تشعر بها الحمامة أو البطة أو الغراب أو الصقر... وكدليل على ذلك لاحظ أن العديد من الطيور الكبيرة الحجم تلجأ الى الطيران الشراعي كوسيلة لتوفير الإجهادات الهندسية على أجنحتها، ولتخفيف الأعباء البيولوجية على عضلات صدورها... وتعمد إلى اختيار مواقع طيرانها للاستفادة من الهواء الساخن الصاعد من على الأسطح الحارة نسبيا كالإسفلت مثلا وتدور فى دوامات الهواء الساخن الصاعد الى الأعلى فتمارس أحد أروع أنواع التنبلة الهوائية لتطير دون بذل مجهود كبير... وعلى سيرة الطيران الشراعي فلابد من ذكر بعض الغرائب هنا، فبعض من أنواع الزواحف وتحديدا بعض أنواع «الوزغ» والثعابين فى أندونيسيا تستطيع ممارسة الطيران الشراعي باستخدام زعانف صغيرة فى جوانب صدورها!!!... تخيل مقدار الرعب... ومن غرائب الطيران الشراعي أيضا نجد أن بعض أكبر الأجسام الطائرة تتميز بقدرات طيرانها الشراعي... فمثلا المكوك الفضائي الضخم يطير شراعيا فى رحلة عودته الى الأرض ودون استخدام أي محركات فور دخوله الغلاف الجوي الأرضي... والبوينج 747 الشهيرة بالجامبو لديها قدرات شراعية عجيبة فهي تتفوق على معظم الطائرات الصغيرة عند نزولها من الارتفاعات دون استخدام قوة محركاتها... وهذه معلومة لهواة الطيران حيث تبلغ «نسبة الهبوط» Glide Ratio حوالى 17 الى 1 أي أنها تغطي مسافة سبعة عشر قدماً الى الأمام لكل قدم تفقده فى الارتفاع وكمقارنه تبلغ تلك النسبة للحمامة حوالى 8 الى 1 وأما النحلة فنسبتها لا تصل الى 3 الى 1 وهي نسبة قليلة يعنى الجامبو التي يصل وزنها الى حوالى ثلاثمائة طن تتفوق عليها فى الطيران الشراعي... وأخيرا فهناك أيضا قدرات الطيران الشراعي لدى بعض أنواع النباتات التي تنثر بذورها فى الهواء لتغطي مسافات كبيرة وسبحان الله فى حكمته والإعجاز فى خلقه.
أمنية:
رغم روائع التنبلة فى الطبيعة ففي عالمنا نجد أنها من أخطر ما يهدد مجتمعاتنا ففيها قسوة على مصالح البشروخصوصا لو كانت تنبلة ضمائر... وإذا قبلنا بمبدأ أن العمل عبادة فهي تمثل أيضا إحدى نواحي الضعف فى الإيمان... أتمنى أن نتغلب عليها وأن لا نورثها للأجيال القادمة...
والله من وراء القصد.
أمنية:
رغم روائع التنبلة فى الطبيعة ففي عالمنا نجد أنها من أخطر ما يهدد مجتمعاتنا ففيها قسوة على مصالح البشروخصوصا لو كانت تنبلة ضمائر... وإذا قبلنا بمبدأ أن العمل عبادة فهي تمثل أيضا إحدى نواحي الضعف فى الإيمان... أتمنى أن نتغلب عليها وأن لا نورثها للأجيال القادمة...
والله من وراء القصد.