-A +A
محمد أحمد الحساني
من يغشى بعض المجالس الاجتماعية يجدها إما أنها تكون مجالس «للحش» والمقصود بذلك أن الغيبة المنكرة تدار فيها كما تدار كؤوس عصير الرمان!، فما أن يذكر إنسان غائب إلا تجد ألسنة معظم جلساء السوء، وقد انبرت للحديث عن مثالبه وسقطاته وإخفاقاته وسلوكه الخاص والعام، وربما بشيء من المبالغة والظلم وعن طريـق «السماع» وعلى طريقة يقولون ويقولون، فلا ينقضي مجلسهم الآثم حتى تكون عشر جثـث قد طرحت فيه.. لأن رواد المجلس يحبون أكل لحم إخوانهم وبلا كراهة!، وإنما بتلذذ وتشفٍ وإسهاب، وكل واحد من «الحاشين» يحاول أن يكون له السبق والأفضلية والريـادة في ذلك الميدان، مدعيا أنه يعرف خبايا «المحشوش» منذ أن كان في «اللفـة» حتى أصبح في «الزفـة»، مؤكدا للجميـع ذلك بقوله: أنا أعرفه أكثر منكم لو كنتم تعلمون!. وهناك مجالس أخرى تكمل مجالس الحش هي مجالس «الغِش»، وفي تلك المجالس تجد الغِش والخيانة يمارسان بصور شتى لاسيما إن كان في المجالس أفراد من الذين يرجى خيرهم، فإن دار حديث عن أمر من الأمور التي تستدعى المصارحة وقول الحق والنصح والرأي السديد، وجدت رواد مجالس الغش يميلون كل الميل نحو ما يحقق مصالحهم الذاتية وعليها يبنون ما يقدمونه من آراء حتى لو كان في أكثرها غش لصاحبهم، فإن سألهم عن قضية أو أمـر، حاولوا قراءة أفكاره ومعرفة ما يدور في خلده وتوقـع ما يريده السائل «ليفصلوا» له الجواب الذي يريحه لا الجواب الشافي الناصح الذي تحتم الأمانة والمروءة عليهم قوله، مفسرين موقفهم ذاك بأنه نوع من الكياسة والدهاء والفطنة، مدعين أنهم لو قالوا له ما ينبغي قوله فإن صاحبهم سوف يغضب منهم ويبحث عن غيرهم يسأله الرأي والمشورة ولذلك فهم يعرفون اتجاهات الريـاح لديه ويوجهون نحوها أشرعتهم..
فإذا رأيـت مجالس حش وغش فلا تقعد معهـم إنك إذن مثلهـم ولكن فارقهـم وقـل لهـم: سلام !.